“رب إني مسني الضر”

“رب إني مسني الضر”

 قد تطول علينا المحنة والمعاناة النفسية فينتاب النفس شيئ  من الضعف و الوهن قد لا تظهره و تبدو متماسكة أمام من حولها و قد يطول بنا وقت المرض فتحاول النفس مجاهدة أن تصمد صابرة , مع أنها تعاني في داخلها بعض اليأس… وقد تطول ساعة العسر وتطول تجربته بمقاييسنا البشرية و في ذلك ابتلاء من الله العزيز الحكيم ليرى عبده إن كان من الصابرين الشاكرين أم لا, وهل يستطيع الصمود مع الشكر والرضا أو حتى مع الصبر أم لا… ومع كل ذلك فإن اليسر ليس ببعيد مهما طال العسر فالله سبحانه يخبرنا بل و يأمرنا بألا نيأس من رحمته إذ قال تعالي (ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون )87  يوسف.

فالله تعالي يختبر عباده من آن إلى آخر بإنزال النوازل و المصائب إما في النفس أو الأموال أو الثمرات أو منع عن بعض الشهوات , فالحياة كدّ  وجهد , وربما تكون كدّ وجهاد , شاء الإنسان أم أبى , و بمقدار الصبر و الصمود و الجلد يكون الاختبار و يكون كذلك مقدار الجزاء و الثواب ..

الجنة غالية …وطريقها محفوفة بالشدائد و المحن و الابتلاءات و زاد العبد على مشاق الطريق  هو التقوى ثم الصبر على معاناة البلاء ..

وكثير منا لا يرى البلاء إلا مصيبة لكنه لو تدبر فيه لوجد منه عدة فوائد منها:معرفة العبد بمحبة الله تعالي له لأن الله تعالى إذا أحب عبدا ابتلاه  , فمن ذلك الابتلاء ترفع درجاته , و تتضاعف حسناته , و تكفر خطاياه حتى يمشي على الأرض و ما عليه من خطيئة , قال النبي صلى الله عليه و سلم (ما يزال البلاء بالمؤمن و المؤمنة في نفسه وولده و ماله حتى يلقى الله و ما عليه من خطيئة ) رواه الترمذي.

ثم تمييز الخبيث من الطيب في الصف المؤمن  , قال تعالى ( ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب  ) آل عمران.

كذلك ينتج من تلك المواقف الاختبارية تعلق المؤمن بالله سبحانه  وارتباطه بحبله المتين ومعرفته بفقره لربه , ومعرفة قدر الحياة وقيمة المتاع , مقارنا بمتاع الخلود في الآخرة. وتحصيل ثواب الصبر والثبات , يقول الله تعالى : (و الذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سراً و علانية و يدرءون بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبى الدار , جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم و أزواجهم و ذريتهم و الملائكة يدخلون عليهم من كل باب , سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبي الدار ) 22-24 الرعد وبالعموم فمهما زاد البلاء و أثقلنا , فعلينا التأسي بأصحاب القدوة من الأنبياء و الصالحين , فالتأسي بهم يهون على العبد أموراً كثيرة , و يرزقنا الرضا و التسليم و القناعة بأن هذا هو ثمن الطريق إلى الجنة ..  ولنأخذ من نبي الله أيوب كنموذج عبرة وعظة على مستوى الفرد فقد ابتلاه الله تعالي بالمرض فصار قعيداً عاجزاً فضرب لنا مثلاً في الصبر والرضا والتسليم والقبول , فعندما أنهكه المرض و الألم نادى ربه بهذا الدعاء ( إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين ) , ليكشف عنه ما أصابه من ضرّ و يدفع عنه وساوس الشيطان الفاسدة التي سعت جاهدة أن تزيده ألماً و عذاباً على ما هو فيه وقد استجاب الله تعالى لعبده أيوب فكشف ما به من ضرّ قال تعالى : (فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضرّ و آتيناه أهله و مثلهم معهم رحمة من عندنا و ذكرى للعابدين ) الأنبياء  84.إن البلاء واقع يقول سبحانه 🙁 أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لايفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ) , والتباين بين الناس بالصدق والقصد  , فليس علينا إلا أن نحسن الظن بربنا آملين منه الفرج بعد الضيق و اليسر بعد العسر، فهو سبحانه الحليم بنا , عالم الغيب , بيده الخير, وهو على كل شيء قدير , وهو سبحانه يجيب المضطر إذا دعاه  يقول تعالى :  (أمّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلا ما تذكرون) 62 النمل.

 

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :