دعوة لفتح ملفات الفساد

دعوة لفتح ملفات الفساد

بقلم :: د :: أم العز الفارسي 

تابعت كما كل الليبيين اللقاء الذي أجرته قناة 218 الفضائية الليبية مع القنصل الليبي بالإسكندرية، السيد عادل الحاسي، وتمحور اللقاء حول الفساد في البعثة القنصلية، وبرغم خطورة ما ورد في اللقاء، إلا أنه لم يستفزني كثيرًا، لأنه ردة فعل لظلم وقع علي السيد عادل الحاسي وهو من تعرفه ساحات ثورة فبراير، ومجرد نيله الوظيفة كان مهادنة لاعتقادهم أن الثائر من الممكن أن يتغاضى عن حق وطنه ومواطنيه إن وجد ركنًا دافئًا ووظيفة تنسيه هموم الوطن.

مبادرة القناة وهي من أكثر القنوات واقعية في التعامل مع الملفات الساخنة والتي تتعلق بحياة المواطن على وجه الخصوص، فرصة لانطلاق الأصوات من معاقلها لفضح الفساد والمفسدين بالأدلة والوثائق. ولدي يقين بأن كثيرًا منا يملك ـكما أملكـ الكثير من الوثائق التي تثبت أن الفساد الإداري والمالي والمحاباة والجهوية والمناطقية والمصالح الشخصية والرشاوى السياسية، على حساب المواقف الوطنية، هي التي أبعدت العناصر المؤهلة والكفاءات الوطنية القادرة على العمل والتغيير، ولكم في اعتذار، أو إبعاد كثيرين وكثيرات ممن صدرت لهم قرارات لم تفعل، ووقفت كتائب الفساد ضدها، وتمت عرقلة إجراءاتهم وخاصة في الخارجية، أمثلة كثيرة وأسماء كثيرة تم إبعادها، بينما تربع ملوك متوجون في الإدارة الوسطى يتولون الفرز والمفاضلة ويضعون القوائم بحسب المحاصصات، والأحكام المسبقة والاتهامات مغلفة وجاهزة تسبق السيرة الذاتية للمرشحين.

وقد يري الكثير أن ملف الخارجية ليس هو الأهم الآن، في قت يعاني فيه المواطن البسيط تدبر أموره الحياتية اليومية، ويفقد إحساسه بالكرامة وهو يزاحم ويحتقر للحصول على حقه البين، كما يفقد إحساسه بالأمن والسلامة، وحياته تنتهك نتيجة عجز السلطة بكل أشكالها عن بسط النفوذ وفرض القانون، فالانتهاكات تطال المواطن الليبي في كل مكان وبلا مواربة أو تبرير.

الحقيقة أن عادل الحاسي رمي حجرًا في بركة الركود المتعفنة، ولكن هذه البركة تحتاج إلى تعقيم، من محتوياتها التي أزكمت الأنوف، فمن السيادة الوطنية والحدود المفتوحة على كل المخاطر والأهوال، إلى الصحاري التي تخفي الهوام، إلى الجماعات المتطرفة التي تختبئ في أجنحة الظلام، والسلاح والآثام، إلى المركزي الذي حرم الليبيين حقوقهم، وأفسد حياتهم بالرشاوى والاعتمادات المشبوهة التي تحولت إلى وسيلة لشراء الذمم، إلى النخبة التي تتصدر مشهد إثارة الفتن وتساوم وترتشي بعيدًا عن العيون وتقدم التنازلات وتدعي النضال، بينما ينخر فساد الذمة والطمع نخاعها وتستميت في التمسك بالمكاسب على حساب المواطن والوطن، حتى ضاعت البوصلة، إلى المظالم التي انتشرت كالنار في الهشيم، اعتداءات سافرة على الأموال العامة والخاصة، ومعتقلات يمارس فيها كل الأهوال، وتغيب عنها العدالة، ودماء تستباح، ونازحون ومهجرون ويتامى لا يفكر فيهم مسؤول، وتعليم ينهار وصحة تهدد، ومسارات للحلول تعرقل، واتهامات واختلالات في مؤسسات وشركات وهيئات لا تشكل مظهرًا للفساد فقط بل تهديد مباشر لحياة الناس، من مطارات وموانئ وطرق متهالكة، تكاد تخرج عن الخدمة وصفقات دواء وغذاء فاسدة وكثير مما تشيب له الأهداب وتحتاج إلى إماطة اللثام عنها وكشفها.

فشارع محتقن ومواطن مستباح، وحقوق تهدر لا حل لها إلا في رفع مستوى وعي المواطن بما يحاك له، من نخبة هشة مريضة بالفساد والطمع، ولم يسلم من أمراضها إلا قلة لا نستطيع إلا أن نرفع لهم أكفنا شاكرين، ونطالبهم بدعوة للمكاشفة؛ حول الإفساد المعلن للذمم وللوطن، وإلا فإنهم جزء من مجرته، وسيكون علينا أن نعمم النتائج حتى لو طال الأنقياء الظلم.

المسؤولون في كل المجالس المنتخبة وعلى كل المستويات، والمسؤولون في الحكومات الثابتة والمتمركزة والغارقة في الفساد مدعوون للإدلاء بشهاداتهم وتبرئة ذمتهم قبل الذهاب إلى العدالة وقبل الذهاب إلى المحاكمات المعلنة، والتي ستنطلق من الناشطين والحقوقيين والمثقفين وأصحاب المواقف والرأي. ولن يصمت الليبيون طويلاً…

وللحديث بقية..

نشر في بوابة الوسط 

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :