محمد البوعبيدي : أجْمَلُ الأفْكَارِ هِيَ تِلْكَ الّتِي تَنْدَلِعُ مِنْ رَحِم المُعَاشِ .. وَأجْمَلُ الإبْدَاعَات الّتِي تَقْرَعُ أذُنَ المُتَلَقّي هِيَ تِلْكَ الصّادِقَة الوَاثِقَة

محمد البوعبيدي : أجْمَلُ الأفْكَارِ هِيَ تِلْكَ الّتِي تَنْدَلِعُ مِنْ رَحِم المُعَاشِ .. وَأجْمَلُ الإبْدَاعَات الّتِي تَقْرَعُ أذُنَ المُتَلَقّي هِيَ تِلْكَ الصّادِقَة الوَاثِقَة

حاورته ::  شهد الحجاري

منذ الصبا متخفيا..كان ينظم قصيدته ولا ترى النور إلا في بعض المناسبات والمحافل المدرسية .. محمد البوعبيدي من مواليد مدينة “عين العودة”ضاحية الرباط المغربية ،أكمل تعليمه الأساسي والثانوي بها ثم انتقل إلى جامعة “محمد الخامس” بالرباط لدراسة الاقتصاد.. يصول ويجول في بحور الأدبي فهو يكتب المسرح والقصة والشعر والرواية.. أول دواوينه “جنون اليرقة”عام 2014 تلاه ديوان “الطلقات” عام ٢٠١٦ وأخيرا رواية “المذنبون” عام ٢٠١٥ل٨ … مزج البوعبيدي بين فنون ادبية عدة أبرزها الشعر والرواية فسألناه اين تجد نفسك أكثر..؟

 مَارَسْتُ اللّعِبَ بِالقَصِيدَة مِنْ صِغَرِي وتَبَحّرتُ فِي الأدَبِ وَعَرفْتُ الشّعَراءَ وَحِكَايَاتهِمْ.

لا أخفي أنّ أحس نفسي شاعرا ،واحس بالفخر لما يناديني أحدهم بالشاعر..وذلك لاني مارست اللعب بالقصيدة من صغري وتبحرت في الادب وعرفت الشعراء وحكاياتهم.. لا سيما أني لا اجد ترجمانا لأحاسيسي وأفكاري ألا القصيدة لما تتوفر عليه من أمكانية التعبير عن توجهات فكرية كبرى.. ويكفي أن الحلاج وابن سبعين والمعري وجلال الرومي وغيرهم هم مفكرون كبار عبروا عن أفكارهم شعرا..

ويضيف/ لكن مؤخرا بدات ألحظ مدى تأثير الرواية على القراء ،ومسكها بزمام الامور فقلت لما لا أجرب حظي معها؟

علما بأني سبق وان مارستها في اوائل التسعينيات ،ولما بدأت بكتابة روايتي “المذنبون”احسست أني قد وجدت نفسي في هذا الزخم الجميل من الحكي المتواصل المتسلسل.. ..

حول الاجهاد الفكري والرواية يقول: قد تجهدك قصيدة من خمسة أبيات أكثر مما تجهدك رواية من مئات الصفحات ،وذلك بالنظر الى مدى أنسياب أو أستعصاء الفكرة.. أما الرواية فهي مجهدة بأتجاه الأدوار التي يلعبها الكاتب فهو المتهم والبريء والمرأة والطفل وكل الأدوار،وهذا أمر مرهق جدا خصوصا أن كانت درجة تلبس الادوار عالية ..

وهنا يحضرني قول الانجليزي”غراهام غزين” بعدما كتب روايته ستون سنة قال: “أنه لا يمكن للكاتب أن يخرج سالما من كل رواية ..انه يتأثر سلبا” ….

قَدْ تُجْهِدك قَصِيدَة مِنْ خَمْسَة أبيَاتٍ أكْثَر مِمّا تجْهُدكَ رِوَايَة مِنْ مِئَاتِ الصّفَحَات

حول الفن وقدرته على التغيير يقول:/ الفن على العموم رسالة من المبدع للمتلقي والرسالة هي بمثابة شفرة قادرة على زرع فكرة ما في ذهن القارىء ، فالابداع إن كان غير قادر على التأثير في المتلقي فعلى المبدع ان يعيد النظر في ماهيته،فالخطأ موجود هنا في مكان ما

ويضيف: فالشعر والرواية مع بعض التحفظ على طريقة تأثير كلّ منهما قادرات على التغيير ،فالقصيدة قادرة بموسيقاها وكلماتها المشحونة بالتكثيف ،والرواية قادرة بمعانيها الحكائية وشخوصها وأحداثها.

دعم الأسرة والمحيط وتشجيعهما كان أكبر أم العزيمة والإصرار سألناه عن تجربته؟

لم أشعر يوما أن أحدا كان يدعمني لأكون شاعرا لكني شعرت بانتباه الكثيرين من حولي إلى موهبتي هاته.. وأما الأسرة فهي كانت بعيدة كل البعد عن اهتماماتي فبالنسبة لهم الشعر لن يطعمك ولن يمنحك رغد العيش ،فكانت العزيمة أكبر حافز بالنسبة لي.

حدثنا عن أسماء حازت اهتمامك ؟

في الشعر عشقت الكثير من الشعراء العرب القدماء لكنني أجد نفسي مرغما على السجود في قبة المتنبي .. في الشعر الحديث أعشق شوقي وأمل دنقل والسياب والبياتي .. أما في الرواية أحب الكثير من الكتاب العالميين تشيخوف،غوغول،ديكنز كذلك أحب كتابات شكري والزفزاف في المغرب ،والكثير الكثير لا أستثني من المبدعين أحدا. ماذا تخبرنا عن وليدتك المذنبون؟

المذنبون أكثر من مجرد رواية محدودة الأحداث منتهية الشخصيات.. المذنبون حكاية مجتمع ،حكاية حالة تنطبق عليها حالات وتتناسل منها حكايات،وكل من وضع قدمه فيها فهو مذنب من قريب أو من بعيد .

المُذْنِبُونَ أكْثَر مِن مُجَرّد رِوَايَة مَحْدُودَة الأحْدَاثِ مُنْتَهيَة الشّخْصْيٍات

سألنا البوعبيدي عن رأيه في الكاتب الجيد فأجاب: إن جودة العمل أو براعة الكاتب أمور نسبية تختلف من ناقد لآخر أو حتى من قارىء لآخر ،لكني أرى أن الكاتب الجيد هو الذي يأتي بأكثر الأعمال مطابقة للواقع ،لأن الواقع هو أجمل قصة وأجمل رواية.. الكثير من الكُتّاب أصبح يهتم بالانتشار على حساب الجودة

ما رأيك ،وكيف تتعامل أنت مع موضوع الانتشار؟

لا شك أن الانتشار الواسع سيجلب الكثير من الأرباح باعتباره سببا رئيسيا في ارتفاع عدد المبيعات ،إلا أنه لا يترك للمبدع سببا للارتفاع عموديا نحو الجودة والإتقان .. لا سيما أن الانتشار في وقتنا الحاضر أصبح أسهل بكثير من الماضي.. حسنا..أنا لا أهتم للانتشار كثيرا وليست لديّ الجرأة لعقد لقاءات ،ما كان ولازال يهمني هو الكتابة ثم الكتابة ،كان بعض الأصدقاء يقولون أنت كمن لديه كنز ثمين لكنه يقفل بابه بالحديد .. وأعلم أن الكاتب أو المبدع عموما لا يجد ضالته ولا يحقق نفسه إلا عندما يخرج ما بحوزته لتلتقطه أفهام القارئين ،لكن ما يجعلني أقنع بما لديّ هو أني على علاقة وطيدة بثلة من المستمعين يروون عطشي حتى لو كانوا ليسوا بالعدد الكفيل بالنتشار مبدع.. …. دعم الدولة للمبدعين أمر مهم حدثنا.

                                             لمْ أشْعُر يّوْما أنّ أحَدا كَانْ يَدْعَمُنِي لأكُونَ شَاعِرا

أنا لم أتلقَ دعما ولا التفاتة حتى ،وحتى الحوارات التي قمت بها كانت مع قنوات خارجية ،والعجيب أنه لا أحد من وسائل الإعلام الوطنية انتبه إليها..فقط القنوات الأجنبية هي التي سألت عني لأنها تبحث عن المبدعين الشباب.. …
نصيحتك للنشء من الكتاب.
اسلك دربك ولا تنظر للآخرين إلا لتستفيد من تجاربهم ..لا تتردد كثيرا وثق بنفسك ودافع عن فكرتك وتمسك برأيك ما دمت تراه صحيحا،، اقرأ اقرأ اقرأ ..فإن القراءة هي الزاد والعتاد فلا يمكن أن تسمى كاتبا وأنت لا تعرف شيئا عن الكتُاب وحياتهم ومدارسهم .. الرغبة والإرادة والعزيمة هي أمور لا مناص منها طبعا..

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :