سبها مدينة السلبيين

سبها مدينة السلبيين

  • افتتاحية فسانيا

كنا نتوهم أن ما يحدث في مدينة سبها حالة عابرة من مرض نادر سرعان ما سيتلاشى تحت وهج شمسها الحارة ، التي تذيب الحجارة لا الأمراض ، لكن الأمر استفحل حتى صار ظاهرة بدأت تستشري في الأوصال كالمرض الخبيث موجع أن يتحول حال مدينة بحالها بكل من فيها من بشر إلا ما رحم ربي إلى أصنام لا تتحرك لا ترى، لا تسمع، لا تتكلم، في كل ما يخص شأنها العام . في سبها تمارَس الحرابة أمام العامة جهارا نهارا قد يسلبونك سيارتك ، أو هاتفك النقال ، أو حقيبة يدك ، هذا إن نجوت أنت من الاختطاف دون أن يهبّ أحد من المارة لنجدتك ، في مدينة كان كل من فيها ينتصر لدمعة طفل صغير ، ويدفع حياته ثمنا لحماية عابر سبيل ، فما الذي تغير ؟!

صحيح أن هناك أحياء في سبها لم ولن نسمع عن تسجيل أي واقعة اعتداء داخلها لكن الطابع الغالب للمدينة يسير على ذات النهج ويبدو أن التفاحة اليتيمة الصالحة غير قادرة على معالجة الصندوق المليء بالفساد والعفن . تناقلت معظم صفحات التواصل الاجتماعي في المدينة صورا لرجال شركة النظافة أو المياه وهم ينتشلون خمس عجلات للسيارات من فتحات تصريف مياه الصرف الصحي مع مخلفات أخرى ، كانت تسبب فيضانات المياه السوداء في أحد أحياء المدينة ، حتما هذه العجلات لم تأتِ لوحدها ولم تدخل لوحدها عبر هذه الفتحات ، والحالة أبدا لم تكن الأولى وبطبيعة الحال لن تكون الأخيرة في مدينة يستحوذ عليها العبث والإهمال .

طفل صغير يخرج من مدرسته ينتظره جده ليعود به إلى المنزل تقف عليه سيارة معتمة يستقلها 4 ملثمين مسلحين تحت تهديد السلاح يفتكون الطفل من جده الذي لا يملك إلا الصراخ لا الصحة ولا القوة تسمح له بأكثر من ذلك ، لكن الأصحاء الأقوياء كانوا كالعادة يتفرجون . طائفة لا ندري لمن تتبع ولا أي توجه تتخذ تعطل مصالح البلاد والعباد تارة تعتصم وأخرى تفك الاعتصام ، لكنها أبدا لا تحرك ساكناً عندما يتعلق الأمر بقوت الفقراء والمساكين واحتياجاتهم ، عندما ينقطع الوقود عن المحطات العامة ولا يتوفر إلا في السوق السوداء لا تحتج أبدا ، عندما يرتفع سعر الوقود فجأة بالتزامن مع موسم المدارس سيكون الأمر لا يعنيها كثيرا ، عندما تستولي المجموعات المارقة على مبانٍ وأملاك تخص الدولة لا تتحدث أبدا . السلبية صارت العنوان الكبير لهذه المدينة وشعار كل من فيها ( اخْطَا راسي وقُص ) لكن الذين لا يدركونه أن الطوفان لن يستأذن عندما يجتاح الأماكن ، تماما كمياه الصرف الصحي التي صارت تنبثق في أحياء أخرى وتستولي على أحياء لم تعرف يوما الفيضانات.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :