التعديل الجييني : مستقبل مرتقب لنهاية الفيروسات التاجية

التعديل الجييني : مستقبل مرتقب لنهاية الفيروسات التاجية

أعداد :: د. محمد فتحي عبد العال

مقدمة: لقد باتت أدواتنا في مواجهة الفيروسات وعلى رأسها الفيروسات التاجية ومنها صاحبتنا الشرسه COVID-19 شديدة القدم فالحجر الصحي يعود إلى عهد النبوة والأدوية إلى القرن السابع عشر والتلقيح والتطعيم إلى القرن الثامن عشر لذا أصبح من الضروري أن نضيف إلى مصفوفة أدواتنا في المواجهة تقنيات جديدة أكثر ذكاء واستهدافا ومنها استثمار الثورة الهائلة في التعديل الجيني فإن لم يكن هذا موعدها؟ فمتى إذا؟! تقنية كريسبر : تعتبر تقنية تحرير الجينات (كريسبر كاس 9 ) (CRISPR-Cas9) من التقنيات الواعدة في مجال العلاج الجيني فهي أداة جزيئية شديدة الدقة والذكاء في تعديل الجينات فباستطاعتها تحديد الجزء المراد تعديله في مكان معين من الشفرة الوراثية لكائن ما والتعرف عليه بدقة. وتتكون كريسبر من عنصرين: دليل كريسبر الجزيئي الذي يعثر ويرتبط بالجين المُستهدف؛ والمقصّ الجزيئي «كاس9» الذي يرافقه و يقوم بقصّ سلسلة الحمض النووي المستهدفة وإجراء التعديل المطلوب. بداية الاكتشاف : كان التعرف على هذه التقنية لأول مرة في البكتيريا حيث اكتشف العلماء اليابانيون وجودها في بكتريا E. Coli حيث تؤدي دورا هاما في الجهاز المناعي لدى البكتيريا يحميها من الفيروسات. استطاع العلماء أن يوظفوا هذا النظام لخدمة البشرية والمساهمة في علاج أمراض السرطان وفقر الدم المنجلي والتليف الكيسي وفي مكافحة فيروس نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) ويقوم نظام كريسبر بأربعة مهام رئيسية هي حذف الجينات غير المرغوب فيها من الجينوم أو إضافة جينات مرغوب فيها إلى الجينوم أو تفعيل الجينات غير العاملة والضرورية لأداء وظائف داخل الخلايا أو تعطيل نشاط الجينات الزائد عن المعتاد. يعول كثير من العلماء على كريسبر فهي التقنية التي نعيد بها تشكيل وظائف كثيرة إلى شكل جديد مغاير لما ألفناه عنها ومن ذلك أن نطور كريسبر لتكون سلاحا يستهدف بكتيريا محددة وقتلها فضلا عن إيقاف عمل الفيروسات وربما تصبح في المستقبل بديلا للمضادات الحيوية والمضادات الفيروسية التقليدية. عيوب هذه التقنية : وعلى الرغم من الإمكانيات الهائلة لهذه التقنية ومنها اختبار أدوية ولقاحات جديدة إلا أن مخاطر جمة وغير متوقعة قد تصاحب الاستخدام الخاطئ لها و منها احتمالية الإصابة بالسرطان إضافة إلى الاستخدام العبثي عبر التجريب على البشر؟ فهل هذا حدث فعلا ؟ في عام 2018 أعلن عالم الفيزياء الحيوية الصيني (خه جياكوي) عن ولادة توأمين معدلين جينيا، يدعوان لولا، ونانا في أول تجربة للتعديل الجيني على البشر عبر إزالة جينِيّ يسمى “سي سي أر 5” وحتى يكسب تجربته بعدا أخلاقيا فقد زعم أن تجربته كانت بقصد حماية البشر ووقاية التوأمين من نقص المناعة المكتسبة (الإيدز). فحكمت محكمة الشعب بمقاطعة نانشان الصينية بسجنه لمدة ثلاث سنوات وتغريمة 430 ألف دولار فيما حكمت بالسجن على اثنين من مساعديه أيضا. كريسبر وكوفيد : استطاع العلماء إحداث تطوير في كريسبر فكانت مؤخرا (CRISPR-Cas 13d) وهي تستهدف الحمض النووي الرنا على عكس CRISPR-Cas9 والتي تستهدف الحامض النووي الدنا ولان كوفيد-19 من الفيروسات ذات المحتوى النووي الرنا فإن تقنية CRISPR-Cas13 قد تكون حلا سحريا مهيئا لاستهداف الرنا داخل الفيروس المستجد وتفكيكه حيث يعمل Cas 13d على الالتصاق بمنطقتين جينيتين هما الأهم في جينوم الفيروس المستجد يساهمان في تكاثره ويغلفانه ويمنعان الخلية التائية في الجهاز المناعي من التعرف عليه وعبر قص المنطقتين يمكن القضاء على قدرة الفيروس على التكاثر داخل الخلايا وبحسب الدراسة المقدمة من الباحث تيم أبوت بقسم الهندسة الحيوية بجامعة ستانفورد وفريقه والتي نشرت بموقع بيو اركايف فباستطاعة التقنية أن تفكك تسلسل المحتوى الجيني للفيروسات التاجية معمليا بنسبة 90٪ ولكن هل تحقيق هذا الحلم على أرض الواقع قريبا؟ بالطبع لا فالأمر لا يعدو كونه ورقة بحثية لا تقدم حلا عاجلا أو حتى في الغد القريب ولكنها ترسم ملامح علاج ناجع نجني ثماره مستقبلا.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :