الليلة الظلماء

الليلة الظلماء

  • قصة قصيرة :: عائشة الأمين إبراهيم/ ليبيا

في ليلة تزينت سماؤها بالقمر الواهج و النجوم المتلألئة، لم تستطع فاطمة النوم، أخذت تتقلب في فراشها و كأنها تشكو الضجر، فجأة تسمع أصواتا غريبة من مكان ليس ببعيد، قطبت حاجبيها في استغراب وأصغت بكل حواسها إلى ذلك الصوت، و هي تسأل في خاطرها، هل هو حقيقي أم يتوهم لها ؟ أرادت جوابا لسؤالها… بدأت الأصوات تتعالى و كأن هناك شخصا ما يتحدث إلى أحدهم. غير أن فاطمة قامت من مرقدها لترى من هناك، ارتدت معطفها الأسود، وأخذت المصباح، و مشت متلصصة على أطراف أصابعها كي لا توقظ والدتها الغارقة في نومها، خرجت من الكوخ خائفة تترقب هنا و هنا و تردد من هناك ؟ من هناك ؟ و لكن لا أحد يرد، كان الظلام دامسا، والطقس باردا، ارتعدت فاطمة من نباح الكلب كثيرا و أسرعت نحو الكوخ، و ما إن اتجهت شطر الباب حتى سمعت صوت طفل صغير و هو يقهقه، كان الصوت آت من إسطبل الخيل الذي حولته والدتها إلى مخزن للخردوات، اتجهت نحوه وكانت ترتعش خوفا. تنهدت فاطمة وقالت و هي تثلعثم من هناك ؟ خيم الصمت المكان لبرهة …دفعت الباب وهي مترددة إذ يقع على مرأى عينيها طفل صغير ذو ملامح جميلة و ابتسامة غامرة رفقة امرأة في مقتبل العمر ترتدي معطفا باليا وجوربا مثقوبا ظهر منه أحد أطراف أصابعها، قالت فاطمة و قد اتسعت عيناها : – من أنتم ؟ وماذا تفعلون هنا في هذا الوقت !؟ احتضن الطفل والدته وخبأ وجهه ثم قالت المرأة بلهجة الرجاء : – أنا عتيقة و هذا ابني أحمد، لقد جعلنا هذا المكان مبيتا لنا، عندما طردنا من منزلنا بعد وفاة والد أحمد، نذهب في الصباح الباكر لنبحث عن لقمة العيش، بعدها نعود في المساء كي نبيت هنا، أرجوك سيدتي لا تطردينا أنت أيضا. ربتت فاطمة على كتفها وعينيها ممتلئة بالدموع، هل تسمحي لي بأن أصطحبكما إلى منزلي حيث أعيش أنا و والدتي و ستسعد بكما كثيرا. قفز الطفل أحمد في مرح معبرا : – أجل أجل سنذهب إلى المنزل. مسحت فاطمة رأسه وقالت وهي مبتسمة : – سنلعب كثيرا يا صغيري . بعدها مسحت عتيقة دموعها بطرف غطاء رأسها و ارتسمت على شفتيها ابتسامة صغيرة، ثم أمسكت فاطمة يد الصغير وقالت : – لنذهب الطقس بارد جدا أومأت عتيقة برأسها بالإيجاب .. ثم دلفوا داخل الكوخ، لقد أصبحت السيدة عتيقة تساعد والدة فاطمة بكل الأعمال المنزلية كما أنها تساعدها في تربية الحيوانات، بينما أحمد وفاطمة صديقان مقربان . تقول فاطمة: إن كل مالم تستطع استيعابه ، كيف لهذه المرأة و ابنها البقاء في ذلك المكان الموحش البارد و أن يكونا في غاية السعادة يضحكان ويقهقهان؟! بينما أنا في سريري المحاط بكل سبل الراحة لم أستطيع حتى النوم !؟

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :