فسانيا ترصد الآراء حول المسلسل التلفزيوني “غسق”

فسانيا ترصد الآراء حول المسلسل التلفزيوني “غسق”

  • فسانيا :: عبدالمنعم الجهيمي

مسلسل غسق يعتبر من أضخم الإنتاجات الدرامية الليبية لهذا العام، وهو من عشر حلقات. وبدأ عرضه خلال شهر رمضان على قناة “سلام” الليبية الخاصة، وهو من تأليف الكاتب سراج هويدي ومن إنتاج وليد اللافي، ويضم عددا كبيرا من الممثلين من ليبيا وتونس والمغرب ومصر وسوريا والأردن ويؤرخ العمل لعملية “البنيان المرصوص” ضد تنظيم الدولة (داعش) وينقل صورة عن الأوضاع داخل مدينة سرت إبان سيطرة داعش عليها، والأوضاع في طرابلس ومصراتة خلال الفترة الممتدة من سبتمبر/أيلول 2014 إلى ديسمبر/كانون الأول 2016 وهو اليوم الذي سقطت فيه الجيزة البحرية آخر معاقل التنظيم بسرت. منذ الإعلان عن المسلسل ونشر البرومو الأول له، بدأت موجة من الجدل والمناقشات حوله وحول أحداثه، فالمسلسل الذي وقع تصوير أحداثه في مدينة أورفا جنوب شرقي تركيا، يقول منتجوه إنهم تواصلوا مع المكتب الإعلامي لغرفة عمليات البنيان المرصوص، وإنهم أخذوا كل المادة التوثيقية وترتيبات الأحداث منها، كما حازوا على موافقتها لإنتاج وعرض المسلسل. يتزامن هذا مع استمرار الجدل حول الأهداف التي أرادها المسلسل من وراء عرضه في مثل هذا التوقيت.

يقول الناقد محمد الغريب لفسانيا إن المسلسل لم يقدم صورة واضحة عن الأوضاع في سرت كما يجب، فمن خلال حلقاته تبين الكثير من التشوية، لعل أحد المشاهد كان الأكثر تفاعلا وانتقادا من المتابعين، والذي يظهر فيه أحد الشباب يزور فتاة في منزلها بسرت ويقدم لها الورود بشكل مبتذل ولا يتوافق مع مانعرفه عن السياق المجتمعي لمدينة سرت وأهلها.

ويواصل الغريب أن المسلسل كان جميلا من ناحية الجودة في التصوير والانتقالات وحركة الكاميرا، ولكن السيناريو والقصة اعتراها الكثير من الخلل والفوضى وعدم الترتيب، وهي أسباب كافية تجعل المتابعين في حيرة من مدى صدقية الأحداث ومصداقيتها، خاصة أنها أحداث قريبة للمتابع المحلي وكان شاهدا على فصولها أو بعض أهم تلك الفصول.

ولكن هذا لا يروق للمخرج أسامة رزق الذي يرى أن العمل كان عرضا توثيقيا وفي ذات الوقت فيه من الخيال الفني ما يحتاجه أي عمل درامي كالعادة.

يقول رزق إن العمل يصور بطولات أبناء الشعب الليبي في محاربة الإرهاب، ولكنه تعمد عدم ذكر أو سرد الشخصيات الحقيقية لقادة العملية التي أسقطت داعش حتى لا يقع نسيان أحدهم أو هضم حقه، فاستعاض عن ذلك بأسماء وشخصيات درامية.

وفي ذات الوقت يؤكد رزق أن المركز الإعلامي الرسمي لعملية البنيان المرصوص راجع كافة الأحداث التاريخية المعروضة في المسلسل، وهم على علم بأن المسلسل لن يعرض أسماء وشخصيات حقيقية من قيادات البنيان المرصوص، وعلى ذات الصعيد فإن شخصيات وتنظيم الدولة الواردة في المسلسل هي شخصيات حقيقية. وفيما يخص التصوير في تركيا

أوضح رزق أن عملية الإنتاج الضخمة تطلبت دراسة كل العناصر الفنية والمادية واللوجستية وسهولة التنفيذ، وتركيا دولة “منفتحة” تقدم تسهيلات كبيرة للحصول على تصاريح التصوير على أراضيها، كما أن المسلسل” يتكلم عن معارك وجزء مهم من أحداثه حربية، وكل العتاد الحربي الخاص بالتصوير من أسلحة ورصاص موجود بكثرة في تركيا، وقد وفرته لنا وبسهولة شركات متخصصة وهي أسلحة مشابهة للأسلحة التي اعتمدتها قوات “البنيان المرصوص” في عمليتها ضد التنظيم.

في الجانب الآخر يرى بعض النقاد أن العمل جاء لتلميع جماعات الإسلام السياسي التي تقف وراء إنتاج ودعم المسلسل، فهو قبل كل شيء لم يسرد كيف تمكن الدواعش من السيطرة على سرت، كما أن عملية البنيان المرصوص تأخرت كثيرا في الانطلاق من أجل القضاء على الدواعش وهو أمر جاء بعد وقوع الاختلافات بين الطرفين الحاملين لأفكار مشابهة، مع اختلافهما في آلية تطبيق هذه الأفكار.

ويضيف بعضهم أن العمل جاء كعادة كل الأعمال التي ينتجها منظروا الإسلام السياسي عادة، والتي تنقل رؤية أحادية تحصر البطولات والفكر النيّر السليم في قياداتهم ومن يحمل ذات أفكارهم، ويشيطن الآخر ويراه شرا مستطيرا، غير أن هذه المرة استخدم الجماعات الإسلامية المختلفة عنه في التطبيق لوضعها كنموذج يبين مدى حرصه على محاربة الإرهاب ورده ومجابهة جماعاته.

أما رواد وسائل التواصل الاجتماعي الليبية فكانت لهم الكثير من ردود الأفعال حول المسلسل، حتى قبل بدء عرضه واستمر طوال فترة العرض، فالبعض رآه تشويها لصورة عملية البنيان المرصوص، إذ أنه لم ينقل الأحداث كما يجب أو كما عاشها بعض المتابعين خلال الأعوام 2015 و2016، في حين رأى البعض أن العمل كبير من ناحية الإنتاج وكمّ الممثلين الذين ضمهم المسلسل، ويمكن أن يورد أحداثا غير حقيقية أو يفوت بعضها بحسب ما تقتضيه متطلبات الدراما.

بعض رواد التواصل الاجتماعي أخذوا موضوع المسلسل بشكل كوميدي، وتلقفوا الكثير من المشاهد واعتبروها طريفة، أو مادة للتفكه والتندر، وهو ما زاد اهتمام فئات أكثر بمتابعة هذه المشاهد أو المسلسل عامة، خاصة أنه يورد أسماء ومناطق ومدن معروفة عند الجميع وسكانها يتابعون تلك الأحداث ولكن الجدل الذي دار حول مسلسل غسق فتح نقاشات متعددة بين النقاد والمتابعين للدراما الليبية، ومدى تدخل السياسة في هذه الدراما وتسييرها.

يقول الكاتب محمد الغريب لفسانيا، إن الدراما الليبية كانت على مدار عشرات السنين ضعيفة الأداء، ولكنها محبوبة ولها متابعيها في السياق المحلي.

ويضيف الغريب أن المشاهد الليبي كان دائما راضيا بل ومحبا للأعمال الفنية الليبية، ولكن مع تطور صناعة الدراما وبروز الكثير من الجماليات والفنيات، خاصة مع الانفتاح الذي شهدته الدراما الليبية بعد العام2011، صار تطورها وتحسن أدائها مطلبا عاما وملحا وليس رفاهية كما كان قبل ذلك في السنوات التي سبقت الثورة الليبية وتطوير الدراما وأدائها كان يحتاج للمال وشركات الإنتاج، وهو أمر أوصل السياسة لتكون أحد أهم روافد الأعمال الفنية الدرامية الليبية في السنوات الأخيرة، وبطبيعة الحال لاتدعم السياسة الفن إلا في تمرير رؤيتها وما قد تريد طرحه من خلال هذه الرؤية، وهذا الوضع أوجد إنتاجات درامية ليبية ضخمة احادية تحصر البطولات والفكر النيّر السليم في قياداتهم ومن يحمل ذات أفكارهم، ويشيطن الآخر ويراه شرا مستطيرا، غير أن هذه المرة استخدم الجماعات الإسلامية المختلفة عنه في التطبيق لوضعها كنموذج يبين مدى حرصه على محاربة الإرهاب ورده ومجابهة جماعاته.

وتطوير الدراما وأدائها كان يحتاج للمال وشركات الإنتاج، وهو أمر أوصل السياسة لتكون أحد أهم روافد الأعمال الفنية الدرامية الليبية في السنوات الأخيرة، وبطبيعة الحال لاتدعم السياسة الفن إلا في تمرير رؤيتها وما قد تريد طرحه من خلال هذه الرؤية، وهذا الوضع أوجد إنتاجات درامية ليبية ضخمة

ولكنها محاصرة بالسياسة ومتطلباتها، وهو يصعف بالعمل الدرامي عامة، وإن كان مبهرا في عرضه. ولكن التساؤل الذي يطرح نفسه هل ستتم فعلا مراجعة النصوص الفنية بأمانة قبل عرضها؟ خاصة فيما يتعلق بملاحم ليبية؟ وهو ما يدفع بمزيد من الجدل حول توثيق فصول الأزمة الليبية التي لم تنتهِ بعد، ويحتاج من يريد توثيقها لسنوات طويلة حتى يستوعبها بشكل تتحول معه لعمل درامي متكامل الأركان.

ويرى إبراهيم حسين أبوخزام/طالب جامعي. أن “غسق” مسلسل درامي مختصر لعملية البنيان المرصوص التي تعجز الحروف والكلمات والتمثيل الدرامي وحتى الوثائقي عن وصف أبطال البنيان الذين ضحوا بحياتهم و لبوا النداء من أجل ليبيا حيث رويت الأرض بدمائهم الطاهرة في كل بقعة من مدينة سرت .. عمل ربما لم ينقل الصورة على أكمل وجه إنما أعطانا و لو جزءا بسيطا من تضحيات أبناء ليبيا من المنطقة الغربية و الجنوبية و الشرقية الذين اتحدوا ضد تنظيم الدولة الإرهابي الذي عبث بسرت و أهلها و أذاقهم العذاب و المرار و طغى عليهم و فصل الرؤوس عن الأجساد و أضحت شواطئها ممتلئة بدماء أبنائها. تنظيم أرهب الشيوخ و الأطفال و النساء و بث الرعب في قلوبهم و قلوب جميع المدن الليبية. و حتى على الصعيد الدولي كان لأفعالهم الدنيئة تأثير ورعب من خلال التستر بالإسلام الذي هو بريء منهم و من أفعالهم الشنيعة.

في رأيي كان “غسق” من أفضل المسلسلات الدرامية الليبية في شهر رمضان المبارك حيث وثق تضحيات أبطال عملية البنيان المرصوص.

وذكر: يأتي “غسق” كعمل ملحمي في المرتبة الثانية بعد فيلم عمر المختار الذي جسد لنا جهاد الأجداد ضد الغزو الإيطالي. خاصة وأنه في العمل الدرامي “غسق” كان المخرج يورد الدلائل و الفيديوهات الحقيقية و يرفقها لنا مع كل حلقة.. عليه يجب تشجيع مثل هذه الأعمال لكي يعي أطفالنا و يشاهد العالم تضحيات أبناء وطننا التي روت الأرض بدمائهم الطاهرة.

أردف: حتى و إن اختلفنا في الرأي ووجهات النظر فإن ليبيا واحدة و الجنوب و الشرق و الغرب ماهي إلا اتجاهات و الخاسر الأكبر في هذه الحروب هو الوطن. فيجب علينا أن نفخر بهذا العمل وشهداء البنيان لأنهم تاج وفخر لليبيا . فهذه الحرب من الحروب البطولية في تاريخ ليبيا وعلينا تشجيع مثل هذه الأعمال كما فعلت مصر في مسلسل الاختيار الذي نقل لنا صورة خيانة عشماوي و بطولات المنسي في شمال سيناء. و أخيرا نترحم على شهداء البنيان المرصوص و ندعوا بالشفاء للجرحى والمبتورين منهم.. حفظ الله ليبيا و شعبها.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :