أضمومة القرابين التائقة

شعر :: المهدي الحمروني

مجهدٌ شوقي إليك
في غاية التعب
يشق مسارًا في وجه ريحٍ جحود
بعيدًا عن العين
بعيدًا عن الخاطر
كفلاةٍ تشابهت على باصرة العابرة
في نهارٍ قائظ
لكن السماء تنحني لعناقها
رويدًا رويدًا
كلما تدلى لها فضاء ليلٍ وسيم
بقمرٍ ونجومٍ وشهبٍ وأجرام
فلاة خذلها المطر إلى سواحل مالحة

موهنٌ
مثل نبيٍّ يترنح
إلى مورد مائك

شاء الله أن يحمّلك أمانة كتابي
لحظة أن تشعرين أنني وجهك الآخر ومراياك الأدنى
لحظة حاجة جسدك العاشق للبوح لي
لحظة خوفك من العتمة الفاصلة بيننا
لحظة شعورك بالتوق للوحدة في براح هواء طلق في البرية
لحظة وعيك الناضج بائتمان بئر باصرتي على سرّك
لحظة إيمانك بتصوّفي في تفاصيل سيرة خلدك
لحظة رأفة كفك الرابت بالدفء على صقيعي
أكون لرهنك مريداً إخوانيًّا* متطرفًا
مستمسكاً بعرى زواياك وطرقك
أنا أضمومة القرابين التائقة
اربطي على قلبي تميمة الشوق
كأنك نافذة إلى الله
تمنحين الحقول تيمنها بالتدين له
أحبك كناسكٍ لايكف عن تلمّس معجزاتك
كحارسٍ لايغفو عن رعاية معابدك
القصائد تنتظرني جماعات وفرادى على تخوم ديرك
لخواتمها في إقراء مدائحك

منذ أحببتك
أنصت سجع غناء الكنوز في بواطن الكواكب
المواسم تكفّر عن عصيان
إسرافها في جهلك
بالزكاة والأتاوات
لتتطهر على يديك
كل بوحٍ منك يشفي
كل تجلٍّ يُبرئ وجع الكلمات
وينفخ في احتضارها
يمنحها قراءةَ حياةٍ من شعر
على قيد حضنك لنزوحها
في الحروب والمجاعات
يعيدها إلى رشدها
بالصفح والثواب
أمنحيها التقرب في المعتقد
بخلوة المناجاة الصافية
لمعجزة خلقك
في نهدك النافر لافتتان القصيدة
المنهكة باللهفة
أنا سادنه العاكف إليه بالابتهال
والتبتل والدهشة
لكنك لا تلبين ضراعتها
المجهدة إليك في غاية
التعب
_______