خاطرة : عبدالسلام سنان .. الخمس
كالفيوض المؤجلة، تلك التي تُلملمُ ظهيرة القيض الحبيس، عند حوافِّ الصُوّان العتيد، أشبهُ بِخُلوِّ الأنفاس من عبثية المدن الباهتة والمجد لِسُمُوِّ قريةٍ صخرية، تنقشُ الرهبة باتّقاد الهوس الصموت، أبدية تصطرخ في مسامات المُتون والعتبات الجريئة، تُزلزلُ رمل البراكين المُدجّجة بمثوى الإنحدار أو رُبّما الإنغماس في روحٍ أخرى، أكلتها المداءات الخشِنة، حتى باتت خارج بؤرة الفيض المتواري خلف حنطة لم تعرف سنين عجاف، منذ نلك الصدفة الاتية من فضاء الزُرقة الأيقوني، هي اللحظة المُمْعنة في ثرثرة الخلود وبقايا ملحمةٍ مُخبأة في جسدين وروح سماوية واحدة، سأضعُ المسافات كُلّها خلفي، سآوي إلى رُكنٍ شديد، حتى لا أغرقُ في قصائد الغياب، الهروب فكرة هجينة بدائية، الصمود رائعة النصر المجيد، سأمحو مفردة البين وأنوحُ في قرية الصخر الساكنة، تلك الغارقة في سُباتها الكثيف، لن تراني نساء القبيلة وأنا عاكفٌ على كتابة روايتي الجديدة، سأتكئُ على جدار الضوء، كي لا أرى وجوهًا غريبة، تحتمل بداءتها مدينة باهتة، لا تُقيمُ للأصالة وزنًا، سأنعمُ بمشاهد ميتافيزيقية وروائح الزعتر الجبلي، لا أعْتبُ على شيء البتة، غير أن وابل الفراغ يرهقُني بالكآبة،حين أحدّقُ كثيرا في دوران الأرض، أثْمُلُ من سخافات صوت الإرتطام الأصفر، هي أشدُ وطأة من تلك الفكرة الهلامية العبيطة، لِذا أهرب قبل أن أصرخ ملء الكون، وقبل أن تقتحمني خرافة الكتابة في ليل المريخ، وأصدق أن الماء هناك متاح، وأكثر كثافة من ماءِ الأرض التي تدور، التأويلُ محضُ افتراضٍ للخواتيم، حيثُ لا يتفوّهُ النص بإيقاعٍ غريب، هي مُراوغة لمشيمةِ الفكرة كنبرةٍ حادة، متى يُراودها إنزلاق الوهم، تتحنّطُ في مصير العدم، على حافّةِ المزاج يتحشرجُ الإفصاح، وتدلقٌ الحنطية نبيذ الغِواية عطشًا، ليشهق بُنِّ النشوة غناءً ويتهجّد المعنى بهوادةِ الصهيل، من قرية الصخر الجديدة امرأة خُلاسية بدوية طاعنة في أنوثةِ الظمأ، يؤجّجُ رغبتها كرنفال البُنْ حين إحتساء،محمومة تعصرُ نبيذ التوق تحت أزرارِ الشغف، كصرخةِ الأوان ورعشة الرواء حيث تذوب المُفردة في مُقتبلِ المساء، كقداسةِ الرغيف في تنورِ العناء مُذْ كان فكرة في بالِ السُنْبُلة، وفي رَحِمِ الطين بِذْرة مُحسّنة، تُفْضي للريح سِر الخشخشة، أكتبُ جعجعة طحيني ولا أبالي بقيامةِ الملحمة .