- فريدة الحجاجي
كانت طالبة عندي ، شابة عراقية هادئة ولطيفة ، عمرها واحد وثلاثين سنة متزوجة وعندها طفل عمره ثمانية سنواتفي يوم من الايام سمعتها تتكلم في الموبايل بلغة غريبة .. سألتها قالتلي انها اللغة الكردية .. لغتها الأم !فعرفت انها مش عراقية فقط ولكن بالتحديد من اكراد العراق وتذكرت ان معلوماتي بسيطة جداً على العراقيين الاكراد وهي تنحصر في ثلاثة اشياء :
انهم يبوا ينفصلوا وايكوّنوا دولة مع بقية اكراد المنطقة وان صدام حسين كان يضرب فيهم بالاسلحة الكيماوية وان بناتهم خاضوا المعركة ضد داعش جنباً الى جنب مع الرجالة ،،في فترة الاستراحة طلبت منها اتجي تقعد جنبي وتحكيلي على الحياة في كردستان العراق .. حكينا هلبا ومن حديثها عرفت معلومات جديدة ومثيرة عليهم .. فمثلاً عرفت ان :
* الاكراد يتكلموا في لهجات مختلفة حسب البلد الموجودين فيه ولكن لغتهم الام بقيت واحدة موحدة .
* حروف اللغة الكردية هي نفسها متاع اللغة العربية ولكن معندهمش حروف ص- ض- ط -ظ وعندهم حروف ثانية مش موجودة في اللغة العربية ولكنها موجودة في اللغة الفارسية.* من اكلاتهم المشهورة المحشي متاع الخضراوات ويسمّوا فيه ”ضولمة“!
* زواج الاقارب منتشر في مجتمعهم وتقديم الذهب من قِبل العريس للعروس حاجة اساسية لاتمام الزواج .
* مازال ختان البنيات الصغار منتشر في الطبقة المحافظة على التقاليد ، والحكومة ما قدرتش تقضي على الظاهرة ولكن مدايرة حملات توعية بحيث عملية الختان تتم في المستشفيات مش في البيوت .
* المرأة الكردية تتمتع بحرية اكثر من المرأة في مناطق العراق الاخرى لأن مناطق الاكراد متوفر فيها الامن والامان .
* ولنفس السبب (توفر الامن) اصبح رجال الاعمال العراقيين ينتقلوا مع رؤوس اموالهم الى كردستان ويفضّلوها على بقية انحاء العراق .سألتها على سبب مغادرتها العراق .. قالتلي ان زوجها كان عنده ورشة حدادة وكان مقاتلي البشمركة ايصلّحوا عنده في الاسلحة متاعهم فاصبحت حياته في خطر لهذا السبب، فاضطر يبيع كل شي ودفع مبلغ ثلاثين الف دولار للمهربين باش يقدر يوصل لاوروبا مع مرته وولده .. من الكردستان انتقلوا بالطائرة الى تركيا ، وبدوا المهربين ينقلوا فيهم من مكان لمكان لمدة طويلة من غير ما يعرفوا حتى اسماء المناطق اللي مرت عليهم، وفي الاخر ركبوهم في يخت صغير يتسع لاربعة اشخاص وحطوا فيه عشرين شخص متكسدين فوق بعضهم .. واعطوهم جهاز يعرفوا بيه الاتجاهات وتركوهم لمصيرهم ، وقالولهم ان الرحلة الى الشواطئ الايطالية حا تاخد ثلاثة ايام ولكنهم قعدوا في البحر ثمانية ايام لان القارب اتعطل بيهم اكثر من مرة وكان المهاجرين نفسهم ايصلحوا فيه بما فيهم زوجها .. قالت انهم وصلوا بمعجزة الهية في حالة اعياء شديد والشي الغريب انهم لما نزلوا من القارب في الميه باش يوصلوا للشط طلع فجأة قارب سريع للمهربين وسحب اليخت الفارغ واختفوا بيه في عرض البحر !تلقفوهم الايطاليين وساعدوهم وحطوهم في مركز ايواء .. وبعدين فرقوهم على عدة مدن ايطالية توا عبير عندها اللجوء السياسي ونفس الشي زوجها وولدها ومعادش تقدر ترجع للعراق لانها لو ترجع تفقد وضعية اللجوء ومعادش تتحصّل عليها من جديد ..لما بدت تحكيلي على رحلتهم في القارب لاحظت ان تعابير وجهها تغيرت واصبحت جامدة كأنها معادش عندها اي نوع من المشاعر .. عرفت منها انها خضعت للعلاج النفسي المكثف بالادوية وبالجلسات العلاجية باش قدرت تتجاوز الاثار السيئة متاع رحلة الموت ولكن يبدو انها ما قدرتش تتخلص منها تماماً ..عند النقطة هادي غيّرت موضوع الحديث وعزمتها على كابتشينو في مقهى قريب .. في نهاية المحاضرات سألتها : عبير هل تسمحيلي بتنزيل حديثك وصورتك على صفحتي ؟ فهزت راسها موافقة مع ابتسامة كبيرة ارتسمت على وجهها الطفولي ،،