بقلم :: يونس الفنادي
صباح يوم الخميس الموافق 5 ديسمبر 2013 حين رن جرس هاتفي، فاجأني صوت الأستاذ رضا بن موسى نائب رئيس هيئة دعم وتشجيع الصحافة … وبعد سيل التحايا المعتادة في مثل هذه الاتصالات .. قال لي بأن الأستاذ إدريس المسماري رئيس الهيئة يرغب في التحدث إليك. وبدأ الأستاذ إدريس المسماري حديثه بالتحية والثناء على عملي الصحفي وحضوري في المشهد الإعلامي وإسهاماتي فيه. وبعد استعراضه للظروف التي تمر بها الصحف وضرورة إشراك القدرات الوطنية في إدارتها قال لي بأن أمامه الآن قراراً بتسميتي رئيساً لتحرير إحدى صحف الهيئة وقد تم ذلك بإجماع كل الزملاء الذين أثنوا على اختياري لهذه المهمة، واختتم حديثه بسؤالي .. ما رأيك؟.
شكرته على اتصاله وثقته والزملاء في اختياري لهذه المهة ولكني رجوته أن ينتظر حتى يوم السبت للحضور لمقابلته ومناقشته في هذا الإجراء والاختيار. وفعلاً ذهبت يوم السبت صباحاً في الموعد المحدد ووجدت الزميل عبدالرحمن العياطي مدير مكتبه في انتظاري وعلى علم بالموعد، وسرعان ما وصل الأستاذ رضا بن موسى الذي رافقني إلى مكتب رئيس الهيئة الأستاذ إدريس المسماري الذي رحب بي وشكر حضوري واهتمامي وبدأ حديثه عن حاجة الهيئة إلى دماء جديدة وعناصر مؤهلة مؤكداً بأن اختياري لم يكن رأيه الشخصي فحسب بل شاركه فيه كل الزملاء في صحيفة “فبراير” و”البلاد” و”ليبيا الإخبارية” على حد قوله. كان الأستاذ رضا بن موسى جالساً معنا يستمع دون أي تعليق سوى إشارات التأكيد والموافقة على ما يسرده الأستاذ إدريس المسماري.
وبدأتُ حديثي من حيث انتهى الأستاذ إدريس المسماري كلامه الموجه إليّ، فكررت الشكر له ولكل الزملاء الصحفيين مذكراً إياه بأن الإدارة الصحفية مجال يتطلب التأهيل الجيد والخبرة المتراكمة في هذا الجانب، وإن كنتُ عند البعض بأنني “كاتب” أو “صحفي” أو “إعلامي” مجتهد، فإن ذلك وحده لا أظنه يؤهلني لتولي رئاسة تحرير إحدى الصحف اليومية، لأنني أعتبر نفسي هاوياً محباً ومشاركاً في هذا المجال لا غير. وأن اعتذاري عن القبول بتشريفي بهذه المهمة ليس الأول فقد سبق وأن اعتذرتُ للأستاذ محمود البوسيفي حين استدعاني عارضاً عليّ تولي مهمة مدير تحرير صحيفة أويا بدلاً من الأستاذين سعيد المزوغي وحسن الفيتوري وكان ذلك بحضور الصحفي “اسماعيل البوعيشي” فاعتذرتُ للأستاذ محمود البوسيفي واستنجدت بصديقنا العمروصي الطيب “مصطفى بلعيد” للتدخل لإعفائي من هذه المهمة. كما أنني سأبقى وفياً لتخصصي العلمي الذي أوفدتني الدولة من أجله وهو الأرصاد الجوية، وطالما أنني لازلت موظفاً عاملاً فيها فلن أستبدل تخصصي العلمي، وسيظل كل ما أسهم به في مجال الصحافة والأدب والإعلام هو مجرد إضافات لمسيرة حياتي الخاصة.
وبعد أن أنهيتُ كلامي ابتسم الأستاذ إدريس المسماري وقال لي: يا سيد يونس أنت اليوم أكبر قدراً عندي، وأكثر قرباً من قلبي، لأن هذا المنصب كثيرون كانوا يسعون إليه… ويرغبون فيه … ويتوسطون من أجله … وأنت الوحيد الذي تعتذر عنه بمبررات لا أملك إلا أن أشكرك عليها .. حيث كنت صريحاً عن أهمية الإدارة الصحفية ووفياً لمهنتك العلمية التخصصية… وأنك منذ اليوم تستطيع أن تطلب مني ما تشاء ووقت ما تشاء فأمثالك قليلون لدينا ممن يعشقون العمل الصحفي ويسهمون بإبداعاتهم ولا يغادرون تخصصهم العلمي.
شكرته مجدداً وغادرت مكتبه برفقة الأستاذ رضا بن موسى حيث وجدت في استقبالي عدداً من الزملاء الصحفيين الذين كانوا يعتقدون أنني قد قبلت المهمة .. فساءهم ما سمعوا مني غير متوقعين اعتذاري. رحم الله الأستاذ إدريس المسماري وبارك الله في كل الزملاء الصحفيين الذين يطوقونني بمحبتهم واحترامهم على الدوام وسأظل مديناً لهم بذلك.