شعر :: محمد المزوغي
يمضي إليكَ بي الحنينُ وأعرفُ
أنَّ الحنينَ إليكَ لا يَتَوَقّفُ
في غارِ حُبِّكَ كَمْ تبيتُ حَمَامَةٌ
ورقاءُ يَجْرَحُهَا الحنينُ ويُسْعِفُ
هل غيرُ حُبِّكَ يَمْلِكُ المعْنَى الَّذِي
تَأْوِي إِلَيهِ -فَتَسْتَضِيءُ -الأَحْرُفُ
أو غيرُ حُبِّك يَفْتَحُ الأبوابَ فِي
وَجْهِ الْحَيَاةِ فَتَسْتَقِيمُ وتَشْرُفُ
أو غيرُ حُبِّك حينَ تُشْرقُ شمسُهُ
تهوي المرايا الخادعاتُ وتُنْسَفُ
هيهاتِ أن نحيا ونشرةُ يومنا
ليست حديثا عن جمالكَ يُرْشَفُ
لا شيء يُبهِرُ وردةً جُوريةً
إلا شذاك به تهيمُ وتَشْغَفُ
يسمو بقربك كُلُّ قلبٍ مثلما
يسمو بقارئهِ التَّقِيِّ الْمُصْحَفُ
فإذا ربتَّ على صَبِيٍّ مَرّةً
ظَلَّ الصّبِيُّ بِطِيبِ أحمدَ يُعْرفُ
يا مصطفى وأبوك آدمُ طينةٌ
والعرشُ باسمكَ ساقُهُ تتزخرفُ
حُزْتَ الجمالَ مُبَرّأً عَنْ قِسْمَةٍ
حتَّى تَعجّبَ مِنْ جمالِكَ يُوُسفُ
نَصِفُ الَّذِي قد أدْرَكَتْهُ عُقُولُنَا
والقلب يؤمِنُ بِالَّذِي لا يُوصَفُ
تَكْفِيكَ رَحْمَتُهُ وأدنى رَحْمَةٍ
بَرَزَتْ يَحِنُّ بها الْجَمَادُ ويَعْطِفُ
تكفيك رقّتُهُ وكانت طَبْعَهُ
ماكان غَيْرَ طِباعِهِ يَتَكَلَّفُ
تكفيك بَسْمَتُهُ التي ما أطلقتْ
إلا وزال الهمُّ حيث ترفرف
تكفيك دمعتُهُ ودمعُ نبيِّنا
يُفْدَى بِكُلِّ الكونِ ساعةَ يُذْرَفُ
تكفيك دمعتُهُ ليرحمَ ضَعْفَنَا
ربٌّ لكي يَرْضَى النَّبِيُّ سَيَرْأَفُ
يكفيك أن قام اللياليَ شاكرا
وهو النَّبِيُّ فكيف يغفو المسرفُ
يكفيك أن يختارَ عيشةَ قَومِهِ
ويردُّ ما يُسبي العقولَ ويَخْطِفُ
ولربما خاطَ الثيابَ بنفسه
والنّعلُ تَرْتقُهُ يَدَاهُ وتخصفُ
يكفيك معراجٌ دَنا حتَّى رأى
آياته الكبرى وجلَّ الموقفُ
يكفي إنشقاق البدر من شوق له
نصفين لو أن المكابرَ يُنصفُ
يكفيك تسبيح الحصى في كفّه
وإذا دعا الأشجار جاءت تزحفُ
يكفيك ظِلُّ غَمَامةٍ شغفتْ به
تمشي بمشيته ولا تتخلفُ
يَكْفِيكَ عينُ قَتَادَةٍ بِيَمِينِهِ
رُدّتْ فأضحتْ للسُّها تتشوّفُ
يكفي حنين الجذع ماعرف الهوى
هذا الحنين ولا أظنُّ سيَعْرفُ
يكفيك يوم الفتحِ صفحٌ عَلَّمَ
الإنسانَ أن يسمو ولا يتطرّفُ
تكفيك دَعوتُه الَّتِي أدُّخِرَتْ لنا
يوم القيامةِ والخلائقُ تَرْجُفُ
يكفيك كوثرُهُ الَّذِي يَسْقِي به
والنَّاسُ أظمأُ ما تَكُونُ وأخْوَفُ
تَكْفِي شَفَاعَتُهُ ويَكْفِي أَنّه
فينا ومنّا أيُّ فضلٍ نُتْحَفُ
فَدَعِ الصَّلاةَ عَلَيْهِ تَمْلَأُ كَونَنَا
ودع السَّلامَ بنورِ أحْمَدَ يَهْتِفُ
يِا مَنْ تَولَّهَ بالحبيبِ مُحَمَّدٍ
أبشر فأنت من الذين قد اصْطُفُوا
دقاتُ قلبك في الحقيقة أحرفٌ
فدعِ المديحَ بها يُصاغُ ويُعْزَفُ
بالمدحِ يعلو المادحون وربما
لمسوا جبينَ الشَّمْسِ لكن ما اكتفوا
والشمسُ تُكْسَفُ في السماء وشمسه
أبدا على طول المدى لا تُكْسَفُ *
فافتح كتاب الحُبِّ حُبِّ نبيّنا
فبحبِّهِ تسمو القلوبُ وتَشْرُفُ
والْحُبُّ أنْ تقفو خُطَاه إذا مَشَى
وإِذَا تَكَلَّمَ خَلِّ سَمْعَكَ يُرْهِفُ
والحُبُّ أن تُلْقَى بقلبك لهفةٌ
ليست لغير مُحَمَّدٍ تتلهّفُ
والحبُّ أن تُبنى بروحك شُرفَةٌ
منها تُطِلُّ على هواه وتشرفُ
والحُبُّ أنْ تُلْقِي وَرَاءَكَ غَيرَهُ
كلُّ الَّذينَ صَفَوا لأَحْمَدَ قَدْ كُفُوا
ياسيِّدي ولكمْ أكرر سيِّدي
فبياء نسبتها يَلُوذُ المُسْرِفُ
ياسيِّدي .. ياسيِّدي هل دعوة
عنّا يُزالُ بها البلاءُ ويُصْرَفُ