بقلم :: عبد السلام سنان
وإن كنتِ تزرعين ملامحكِ الشقيّة في جدبي، فأنا لا زلتُ أعشقُ قراءة روايتي في عينيكِ، ويشاءُ حُلمي أن يهتف بضوءكِ الخالد، وشمسكِ ترتدي أجنحة الذهول، تستعير أناقة الكستناء من بهجتكِ الليلكية، أعزفُ أناشيد المساء البليل على حوافّ سعفاتٍ لم تشخْ بعدُ ولم تعرف خجل السنين، لم تنحنِ لشمس الصحراء، ترتدي لحاء العفاف، تُسيل لعابها على طينِ تربة التاريخ، تبعثُ إلينا بطقوس القسوة على مشارفِ القبلات، ترسُمنا على حواري مبتورةُ التوجس، إلى أرصفةٍ فارهة الإشتياق، تغمسُ التّنهد في دلاء الوجع، تصهلُ المسافات النائية، دأبت على صفعِ الخيبات مُدْ كتبتكِ على سطوري مطرًا لم أرَ بحقلي سوى الأنات، يتلاشى الإتساعُ الفسيح أمامي، ينحصر كل الكون في وميضِ عينيكِ، أتلمسُ الخُواءُ الأصم وصمتِ الجوار، شفاهُ الشمس تلتهمُ الحروف، إليكِ أكتبها، تعرّى مساء انتظاري الجاثمُ تحت أهداب التمني، أتهجى شرود ليلكِ المتسكع على أرصفة الحنين، يُشْعلُ حطب الرغبة، على زوايا السراب ترقدُ البسمات في جوفِ شرنقات الفقد، فرّت قصائدي من قبضةِ الآفاق المتنائية، أسكنيني قمم الهيام السابحة في فضاءِ الوله الموروث من طُهركِ، دعيني بعينيكِ أغفو يا من تهاجري كل حين في نبضي وفي دمي، كلّما غفوت بفكري وجدتكِ تسكنينهُ، كل منابعي نضُبتْ وعطشى كلُها كؤوسي، إني ظمئتُ إليكِ فمتى تأتي بكِ إليّ زلّةُ قدمٍ؟ فكل شيء يكفيني إلاّ التفكير بكِ، وكيف أطفو على تيار ليلُكِ السحيق ؟ الكون بعدُكِ مدينة مهجورة، دعيني أطيل النظر في صمتكِ لأنني أتقنُ الحديث معه، أنتِ لستِ حرفا تائها بين سطوري يا ملحمة سنيني، ما أروع دُجْنة الليل عندما تهرب إلى عينيكِ وتختبىء، متى تشرقُ شمسُكِ المختبئة بين جدائل شعركِ الفاحم لتلسع أشواقي ؟ أهمُسُ على نياطِ القلب أنشوذة، توسّدي مدادي المُغشّى بكحلكِ البدوي، وجلجلة شراييني النافرة، يصهل مساءكِ السافرُ من عينيكِ، تبًا لأنفاسُكِ اللاهثة يا أنثى تسكنُ ضادي، عبقُكِ كقهوتي اللذيذة في كل اللحظات، بكما يكتمل رونقي، كتفي وسادة حريرية تليقُ بخديكِ المزهرين، كنتِ يا سيدتي عظيمة حين جذبتني إليكِ بنبلكِ وأناقة حضوركِ وكم كنتُ أنا أنيقًا حين اخترتُكِ، أغرسِ على جبينِ القمر ألف وردة جورية، كم أحتاجُ أن أصرخ ليصلكِ ندائي دون أن أهتم بقبحِ الصدى، ثمة أنداءٍ تتوشّح جفوني الساهدة، ذاكرتي فارغة من كل شيء إلاّ منك، وكل الأشياء تخلّت عني إلاّ أنتِ باقية، كيف يخذلنا المستحيل الذي ينمو بيننا ؟ ويحرقنا الحنين في غفلةٍ من ذيّاك الحب الغرير، ما أشتهيتُ يوما هذه الدنيا وما فيها، اكتفيتُ بكِ أنتِ يا أنثى الأمل، أتحاشى أن يفلس عشقُكِ لي وأخسر رهاني لكِ، أيقظ الصمتُ رفيف البوح، متى نُصْغي لأرواحنا في سكينة الليل ؟ سألُومُكِ إن غرستِ أنياب الإهمال في فؤاذي الهاتفُ بكِ، متى تنتهي هجرتنا ؟ ونعود مكلّلين بالوداد والوئام، أعْلمُ أن قلبُكِ مرهقٌ بالجوعِ إليّ وتتظاهري بالشبعِ والإرتواء وتركضين في حُلمكِ إلى قلبي بوجعٍ، وأنا حين أكتُبكِ يبْتلُ قلبي بكِ، لن تقدري على كُرهي لأنني بإختصارحقل النعيم الذي ترتضين حتى وإن كُنتُ خطيئتكِ اليتيمة في هذا الزمان فأنا إليكِ هو ذاك الصواب والوجود ، أعلم أنني في نومُكِ كابوسُكِ الجميل وفي أحلامكِ خيباتُكِ الرائعة، أنا هزيمتكِ الكُبرى ولن تكتفي مني نيل الهزائم وأنا وجعكِ، أسكنُ في ربيع صبركِ الأزلي، أنا من قطّع حبلكِ السُري، فما عُدتِ تحسين الألم، ليس بوسعي أن أصنع لكِ نسيانًا، نبتتْ على لسانُكِ ألف أبجديةٍ، لكلمة أحِبُكَ، وبدوني لن يكون الحب مغريًأ، وأنتِ تصافحين تفاصيلي في كل ليلةٍ، أسمع اسمكِ في صدى نشيجِ حناجر القصيد الباكي، الكتابة في حبكِ كم هي فضيلة ونبيلة، لكنها جمرٌ من الإحتراقِ، تبًا لكِ لا تسأليني لحظة وداع، فأنت دنيا أملي، يا أملي الذي به أكتفي ..!