يواصل جهوده لرفع الوعي بالعلوم السلوكية في المنطقة بقلم: الدكتور فادي مكي مدير مؤسسة السلوك من أجل التنمية اللجنة العليا للمشاريع والإرث شكّلت التحضيرات المتواصلة لاستضافة كأس العالم FIFA قطر 2022، وجهود التصدي لجائحة كوفيد- 19، أبرز إنجازات مؤسسة السلوك من أجل التنمية خلال العام 2020. أجرينا في بداية العام مجموعة من التجارب لزيادة معدلات إعادة التدوير والحد من النفايات خلال استضافة بطولة كأس العالم للأندية FIFA قطر 2020.
وأسهمت الرسائل الإرشادية المنتشرة في أنحاء الاستادات والمتعلقة بالحث على استخدام صناديق إعادة التدوير في خفض حجم النفايات بنسبة 18٪، بينما حسّنت الرسائل الموجهة للمشجعين للالتزام بسلوك مستدام، في تحسين سلوكهم واستخدامهم الصحيح لصناديق إعادة التدوير بنسبة 12.5٪. وأدت تجارب أخرى أجريناها إلى قياس سلوك الأفراد وتعزيز رغبتهم في الالتزام بالسلوك المستدام، وتحسين تجربة المشجعين على هذا الصعيد، والتي بقيت محوراً رئيسياً في الإجراءات التي اتخذت خلال كأس العرب التي استضافتها قطر من 30 نوفمبر إلى 18 ديسمبر.
ويتمثل أحد أهدافنا الرئيسية في دعم العديد من الجوانب ذات الصلة بتشجيع الأفراد على تبني سلوك مستدام، مثل استخدام وسائل النقل العام وصناديق إعادة التدوير. ونسعى إلى دعم الجهود الرامية إلى تقديم تجربة مثالية للمشجعين خلال كأس العالم 2022 الذي تنطلق منافساته بعد أقل من عام، حيث من المتوقع أن تستقبل البلاد أكثر من مليون زائر لحضور فعاليات البطولة.
وسيشهد مونديال قطر الاستفادة من العلوم السلوكية لأول مرة في حدث عالمي بهذا الحجم، وبالتالي يقدم عملنا خبرات قيّمة تنطوي على كثير من الفائدة للدول التي تنظم المونديال في المستقبل، بما فيها الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، التي تستضيف منافسات النسخة المقبلة من كأس العالم في 2026.
وسنواصل التعاون عن كثب مع أنشطة ومبادرات كرة القدم من أجل التنمية التي ينظمها الجيل المبهر، برنامج الإرث الإنساني والاجتماعي في اللجنة العليا للمشاريع والإرث، وذلك ضمن جهودنا الهادفة إلى تعزيز فعالية الجيل المبهر، الذي ينشط في أكثر من عشرة دول حول العالم. وعلى وجه التحديد، سندمج الرؤى السلوكية في كافة جوانب المبادرة، والتي ترمي إلى زيادة مشاركة الشباب وتعزيز الإدماج الاجتماعي، والتشجيع على اتباع أنماط حياة صحية. وأدرك المدربون في الجيل المبهر القيمة الكبيرة لأهمية الاستفادة من العلوم السلوكية في تنظيم هذه البرامج وجعلها أكثر تأثيراً وفائدة لآلاف الأشخاص حول العالم. نتوقع تكثيف علاقات التعاون التي تجمعنا مع وزارة الصحة العامة في قطر في عام 2022.
ووقد شهد العام 2021 التعاون الوثيق مع الوزارة لزيادة معدلات تلقي اللقاح، وتشجيع الأفراد على الالتزام بالاستراتيجيات المعتمدة للتصدي لكوفيد- 19، وقد اختبرنا العديد من الأدوات لتحقيق الأهداف المنشودة في هذا السياق، فعلى سبيل المثال، نجحنا في خفض تردد الأفراد في تلقي اللقاح، عبر الإسهام في تغيير التصورات التي يحملها الناس للمعايير الاجتماعية السليمة والمتعلقة بتعزيز مستويات الوعي بضرورة أخذ اللقاح. كما حققنا نجاحاً كبيراً في هذا الجانب، من خلال التأثير الناتج عن استخدام أدوات أخرى للحد من حالة التردد تجاه اللقاح، بما فيها الرسائل القصيرة، والإعلانات الموجهة. بدأنا مؤخراً في تقديم الدعم لوزارة الصحة العامة في الجوانب المتعلقة بتعاون الوزارة مع منظمة الصحة العالمية لجعل بطولة كأس العالم المقبلة، منارة لتعزيز الصحة البدنية والنفسية، ونموذجاً لضمان استضافة أحداث رياضية كبرى صحية وآمنة في المستقبل.
واحتل بناء القدرات للشركاء موقعاً بارزاً في جدول أعمالنا في 2021، وساعدنا حكومة إقليم خيبر بختونخوا في باكستان على تدشين وحدة مايندلاب للتوجيه السلوكي في مقر وزارة المالية التابعة للإقليم، ودعمنا الجوانب المؤسسية للإعداد وبناء القدرات بما يتوافق مع هدفنا الأساسي المتمثل في الاستفادة من علم توجيه السلوك لتحسين حياة الأفراد والمجتمعات في المنطقة. وفي سياق عملنا لنشر الرؤى السلوكية لجمهور أوسع نطاقاً، نظمنا القمة العربية الرابعة للعلوم السلوكية “بي إكس آريبيا”، وشارك في المؤتمر نخبة من الخبراء والمتخصصين في علم التوجيه السلوكي، وجرى بث جلسات المؤتمر مباشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ونتوقع مزيداً من التركيز على مشاريع الصحة النفسية في جدول أعمالنا لعام 2022
مع الأخذ بالاعتبار تغير نمط الحياة حول العالم في أعقاب جائحة كوفيد- 19، وحاجة دول العالم إلى دعم خاص وموجه في مجال تعزيز الصحة النفسية، والذي سيشمل عدداً من القضايا الدقيقة. ولا شك أن المشكلات السلوكية تشكل عقبة أمام الأشخاص الذين يطلبون المساعدة، بالتالي سنضع الخطط اللازمة لتوفير برامج متخصصة للتغلب على هذه المعضلة. أخيراً، سنواصل بناء الشراكات مع المنظمات الإقليمية والدولية، ومن بينها هيئات الأمم المتحدة والمؤسسات الأكاديمية والمنظمات غير الحكومية، خصوصاً تلك التي تركز على دول العالم الثالث.
تعلمنا خلال 2021 الكثير من الدروس القيّمة والتي سنحرص على مشاركتها مع العديد من الشركاء والهيئات التي تربطنا معها علاقات تعاون. وسنواصل تقديم الدعم اللازم على هذا الصعيد من خلال منشوراتنا وفعالياتنا مثل “بي إكس أريبيا”. في الختام؛ نتوقع أن يزخر العام 2022 أيضاً بالبرامج والأنشطة والفعاليات، وأن نواصل العمل لإحداث تأثير إيجابي يعزز مكانة العلوم السلوكية في قطر والمنطقة وحول العالم، خاصة أنه العام الذي سيشهد أول نسخة من مونديال كرة القدم في العالم العربي والشرق الأوسط.