ازدهار السوق السوداء في ليبيا  يعود لتهرب العملة للخارج في صورة اعتمادات مزيفة

ازدهار السوق السوداء في ليبيا  يعود لتهرب العملة للخارج في صورة اعتمادات مزيفة

استطلاع :: كوثر ابو نوارة

يشير مراقبون إلى أن سبب انهيار الدينار الليبي أمام بقية العملات الأجنبية وخاصة الدولار الأمريكي كان له تأثير كبيرة على الحالة الاقتصادية للدولة ، رغم أن هذه الانهيار لا يتجاوز محلات بيع السوق السوداء ، التي أصبحت المتحكم الرئيسي الاقتصاد الليبي ، فرغم أن سعر صرف الدولار في المصارف الرسمية للدولة لا يتجاوز ( الدينار والنصف ) إلا أن هذا السعر لا يعتد به عند التجار ولا تتناقله وسائل الإعلام الرسمية والخاصة والعالمية ويتم تداول سعر بيع الدولار ب 5.3 دنانير وهو المعتمد لدى تجار العملة وتجار الذهب والمجوهرات في سابقة هي ألأولى من نوعها.

أما عن هذا الارتفاع الرهيب في سعر صرف الدولار حسب آراء مسئولين ومختصين فهو يعود لعدة أسباب منها تدني إنتاج النفط إلى زيادة الإنفاق العام ووجود عمليات فساد في مؤسسات الدولة المصرفية المساهم الأول في مد السوق السوداء بالدولار المتاجر به علناً وعرقلة صرفه في مسارته الطبيعية  ، وهذا ما جعل ارتفاع أسعار العملة الأجنبية يأخذ مسارا تصاعديا وخاصة بعد استمرار الصراعات والنزاعات السياسية و انقسام السلطات في ليبيا مما أدى إلى ارتفاع حاد في سعر السلع الأساسية ، حيث بلغ سعر رغيف الخبر 5 أضعاف سعره الأصلي وهذا ينطبق على باقي السلع الأساسية التي وصل معدل ارتفاع سعر بعضها إلى 45 %.  في هذا الاستطلاع حاولنا تسليط الضوء على مشكلة تذبذب سعر صرف الدولار .

طمع واستغلال التجار هو سبب الأزمة الاقتصادية

يقول : التاجر(  صلاح ابوراوي ) طمع واستغلال التجار هو سبب الأزمة  لقد شهدت ليبيا في هذه الفترة العصيبة ارتفاع كبير وسريع في الدولار مما اثر بشكل سلبي على كل أسعار السلع التي يحتاجها المواطن الليبي في حياته اليومية وخاصة من مواد غذائية وأدوية وملابس، إلى جانب مواد البناء والسيارات وغيرها وهناك العديد من التجار استغلوا هذا الارتفاع في سعر الدولار وقاموا برفع أسعار المواد المتوفرة بأسعار الدولار القديمة قبل ارتفاعه وبحكم عملي كتاجر أدرك وإن ارتفاع أسعار السلع في السوق مرتبط بأمرين، الأول أن هناك بعض من السلع موجودة داخل البلاد ولم يتم استيرادها من الخارج وهذه ليس لها علاقة بالعملة الأجنبية والاستيراد ولا تتأثر أسعارها بسعر الصرف فلماذا يرتفع سعرها ؟

والأمر الثاني انه هناك بعض المواد مستوردة يشترونها التجار بالدولار فهذا ينطبق على الواردات من السلع المستوردة الأجنبية التي إذا تم استيراد أصناف مختلفة ففي هذه الحالة وفي ظل ارتفاع أسعار صرف الدولار فسيلجأ التاجر لزيادة التكلفة المرتبطة بالدولار على المستهلك المحلي وهو أمر مقبول نوعا ما .

وهذا الارتفاع انعكس بشكل كبير وواضح على أسعار السلع المستوردة بالدولار ومن ثم بيعها للمواطنين سيكون المستورد بين خيارات أن يتحمل هذا الفرق ويكون تأثير بشكل قليل أو أنه مضطر بأن يرفع السعر ليكون الفارق قد تم تعويضه حيث أن التكاليف قد زادت عليه في مرحلة التوريد ، لكن الغير مقبول هو بيع السلع الموجودة أصلا بسعر المستوردة فذلك يدخل في باب الاستغلال ويطيل من عمر الأزمة الاقتصادية في البلد .

أيادي خفية تتلاعب في ارتفاع سعر الدولار في ليبيا هدفها هدم الاقتصاد الليبي

أكد :  على الباروني ( رئيس قسم بمصرف الوحدة طرابلس ( هبوط الاحتياط النقدي بسبب الفساد فهناك أيد خفية تتلاعب في ارتفاع سعر الدولار في ليبيا هدفها هدم الاقتصاد الليبي وارتفاع الأسعار لتخلق الغلاء في السوق التجاري وخلق أزمات اقتصادية في البلاد وهذا يؤدي حتما لإنهيار الاقتصاد الليبي وارتفاع أسعار الدولار وانخفاض قيمة الدينار الليبي أمامه بسبب تراجع إنتاج النفط الليبي وتدني أسعاره مما زاد في طمع وشجع الاستغلاليين في السوق السوداء .

وأضاف : سعر الدولار بالمصرف يتراوح ما بين ( دينار وثلاثة مائة درهم فقط ) ولكن للأسف ليست هناك سياسات مدروسة وضعها مصرف ليبيا المركزي لكي يستطيع المواطن أن يشتريه من خلالنا والسبب الرئيسي هبوط أسعار النفط مع هبوط الإنتاج خلال الفترة الماضية بسبب إغلاق الموانئ من قبل المليشيات مما أدى إلى هبوط الاحتياطي النقدي بسبب الفساد و هذا ما جعل من عجز عرض الدولار مقابل الطلب المتزايد حتى ارتفع قيمته وعدم وجود سوق مالية في ليبيا دفع بتجار العملة إلى المضاربة و تهريب العملة الصعبة .

صندوق ليبيا المالي بحاجة لدعم لتجاوز هذه الأزمة

تقول : فضيلة العاشوري .. موظفة بمصرف الجمهورية طرابلس من وجهة نظري الشخصية لحل هذه المشكلة يجب وقوف الدول العربية أو الأوروبية مع ليبيا بدعم صندوقها المالي بضخ دولارات على هيأه سندات مالية أو استثمارية لتحسين الاقتصاد العام للبلاد للخروج من محنتها وإنعاش سعر الدينار الليبي من الوقوع مقابل الدولار الأمريكي .

وأشارت : أصيب المواطن الليبي بالهلع وأصبح لديه شعور أن كل شيء ارتفع سعره بين عشية وضحاها مما ضاعف من  معاناته اليومية ، وشل عمل كل الخدمات والمرافق العامة والخاصة  ومما زاد الأمر سوء انقسام المؤسسات السيادية في الدولة كالمصرف المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط وغيرها بين شرق وغرب وكانت نتيجته للأسف الشديد جنون ارتفاع الدولار الذي أصبح متصاعدا لأول مرة في تاريخ السوق الليبي ، مما جعل حتى الخضروات يرتفع سعرها بالرغم أنها ليست لها علاقة مباشرة بالعملة وأصبح الجميع يتساءل عن السبب الحقيقي وحاول الكثيرين خلق مبررات مقنعة لما يحدث لكن الأطراف المتصارعة وحدها من يتحمل المسؤولية في ضياع الوطن الذي صار مغمسا بالدم بدلا من العرق والكفاح والنجاح ليس أمامنا حلا ألا أن تبدأ الموانئ في تصدير النفط ونبدأ ببيع نفطنا حتى يتحسن اقتصادنا ونقمع السوق السوداء ونقضي على الطمع واستغلال المواطن .

تجار العملة يتهمون تجارة الجملة بالتحكم في السوق !!

من جهته يقول :  حسان دومة ( تاجر عملة ) في الحقيقة أصبحت استحي كثيرا من سؤال الزبون حول سعر الصرف حيث إن الأسعار ترتفع بشكل كبير جدًّا وفي زمن سريع جدا و السبب في ذلك  أن تجار الجملة هم من يتحكمون في السوق، وهم من يرفعون الأسعار بسبب الطمع والاستغلال وقد أصبحت لا أوفر إلا الاحتياجات اليومية والضرورية للمواطنين، وذلك للارتفاع المخيف في سعر كل السلع، أيضا لانخفاض القدرة الشرائية للمواطن بسبب تأخر صرف المرتبات وعدم توفر السيولة في المصارف.

وهذا الارتفاع الخيالي والمريب اجبر تجار شراء الدولار من السوق السوداء لسداد قيمة ما يستوردون من بضاعة من خارج البلاد.

توحيد المصرف المركزي ، لمحاربة السوق السوداء

المواطن : أيمن ألمسلاتي  يقول :  أن ارتفاع سعر الدولار يؤثر على قطاعات الدولة وخاصة في مجال الاستيراد، معظم عمليات الاستيراد تكون بالدولار مما يؤثر على ارتفاع العملة.

وأنا كمواطن أشدد على ضرورة نهاية الصراع السياسي، واستلام الحكومة لمهامها وتوحيد المصرف المركزي ، لمحاربة السوق السوداء وخلق هيأة رقابية ومراجعة ملفات الفساد وبند الرواتب والإنفاق الحكومي وعودة تصدير النفط و عودة الاستثمار الأجنبي والمحلي وتشجيع القطاع الخاص وإيجاد حل وتسوية للأموال المجمدة.

أن الأمر يحتاج إلى توافق ووحدة القرار الاقتصادي والنقدي في ليبيا وثانياً يحتاج إلى مراجعة شاملة ووضع إطار زمني لتقليص الفارق بين السعرين مع وجود حزمة اقتصادية للنهوض بالاقتصاد الوطني وتنظيم عمليات الاستيراد وإحكام السيطرة على منافذ الدولة

المواطن يدفع فاتورة هشاشة النظام الاقتصادي

خبير اقتصادي رفض ذكر أسمه يقول : أن مشكلة ارتفاع أسعار صرف الدولار لها أبعاد كثيرة ولعل أولها وقوف الإنتاج النفطي في معظم الموانئ النفطية والى عدم الاستقرار السياسي والانفلات الأمني هذه من أكثر الأسباب التي يقف ورائها ارتفاع سعر الدولار واستغلال أصحاب السوق السوداء لهذا الوضع .

وأضاف : كما تسبب المصرف المركزي في عرقلة عمل السياسة المالية وان الحلول المبدئية لمواجهة هذه الأزمة تتمثل في تجميد سعر صرف الدولار عند مستوى معين ويثبت لثلاث أو أربع سنوات في المدى الطويل, كما يجب العمل على خفض عرض النقد الأجنبي في السوق السوداء إلى جانب العمل على الموازنة الاستيرادية في استيراد السلع والمواد الأساسية التي تهم المواطن. إن المشهد الاقتصادي في ليبيا لا يختلف كثيرًا عنه في المشهد السياسي الذي يعاني تخبطا وعشوائية في القرارات مع صراع عنيف يحكم القوى المختلفة.

ويبقى المواطن العادي عبر برلمانيين وحكومتين يدفع فاتورة هشاشة النظام الاقتصادي والسياسي والخلل الموجود في السياسات التي يعتمد عليها مصرف ليبيا المركزي ومع وجود حكومة أخرى لن تستطيع أن تقدم حلولا جذرية لتنقذ الدينار الليبي من الضياع

انخفاض الإنتاج النفطي إلى مقدار الثلث عن المعدل الطبيعي

يقول : مصطفى محمد رئيس قسم بالمؤسسة الوطنية للنفط رواج تاجرة الدولار في السوق السوداء يعود لتدني انخفاض الإنتاج النفطي إلى مقدار الثلث عن المعدل الطبيعي قبل تغيير النظام السابق (1.6 مليون برميل في اليوم) والآن و بسبب إغلاق الحقول والموانئ النفطية في شرق البلاد وغربها، اضطر المصرف المركزي للسحب من احتياطيات العملة الأجنبية فانخفضت الأمر الذي زعزع الثقة في العملة الوطنية (الدينار الليبي) ومن ثم انخفاض قيمتها وازدهار السوق السوداء.

وأضاف : وهذا أثّر بشكل مباشر على المستوى العام للأسعار. و اذا استمر الحال على ما هو عليه من تدني الإنتاج النفطي بالتزامن مع انهيار أسعار النفط العالمية، ستطال وتيرة السحب من العملات الأجنبية بخزائن المركزي غطاء العملة المحلية وحينها تنهار قيمة الدينار الليبي ونجد أنفسنا أمام تضخم جامح يجتاح أسواق السلع والخدمات إذا لم تتخذ الإجراءات و التدابير اللازمة لوقف تدهور قيمة العملة المحلية.

لقد شهد الدينار الليبي عدة تغيرات صعودا وهبوطا منذ عام 2011، كان أبرزها الانخفاض الأخير الذي بدأ منذ قرابة 6 أشهر تزامنا مع الصراعات السياسية والعسكرية التي برزت بالذات في منطقة الهلال النفطي، حيث بدأ سعر الدينار في السوق السوداء ينخفض أمام الدولار ليعيد إلى الأذهان فترة التسعينات التي شهدت حظرا جويا وحصار اقتصاديا خفّض من قيمة العملة المحلية.

المضاربين في السوق السوداء يستغلون الظرف الحالي لتحقيق مكاسب شخصية

من جانبه أكد :  الناطق الرسمي باسم مصرف ليبيا المركزي محاولاً تقديم  شرحا مقنعا لأسباب التذبذب في سعر الدينار أمام الدولار أن للظروف الأمنية في البلاد نصيب الأسد مما يحدث .

وأضاف : أن المضاربين في السوق السوداء يستغلون الظروف الحالية لتذبذب سعر صرف الدولار لأجل تحقيق مكاسب شخصية، كما أن ارتفاع سعره بالأسواق العالمية كان عامل مساعد لارتفاع الأسعار بالداخل حيث أن المصرف لا يستطيع تغطية السوق الليبي من العملة الصعبة في ظل الظروف الحالية ، ويضيف في ذات السياق أن محافظ المصرف المركزي شكل لجنة استشارية لوضع عدد من السيناريوهات لمعالجة الأزمة الاقتصادية ومن بينها تقوية الدينار الليبي.

وفي الحقيقة أننا بتنا نشهد رواجا بالسوق السوداء للعملات الأجنبية في الآونة الأخيرة بسبب تهريب هذه العملات من المصرف المركزي عن طريق الاعتماد الوهمية ومافيا الفساد المالي وهذا ما نسمع به بشكل دائم و حيث تباع العملات الأجنبية وعلى رأسها الدولار في السوق الموازية بسعر أعلى بكثير من السعر الرسمي وهذا الأمر يزيد من انحدار قيمة الدينار الليبي إلى أسفل ويزيد من عملية تهميش الدينار مقابل الدولار في المعاملات الاقتصادية . فارتفاع الدولار انعكس بشكل سلبي على ارتفاع كلفة استيراد السلع على الموردين الذين يشترون العملات الأجنبية من السوق السوداء ويتحملون درجة المخاطرة وبدوره ينعكس كل ذلك على ارتفاع المستوى العام لأسعار السلع التي يتلقاها المستهلك وبصراحة هنا المواطن أصبح يعيش في ظروف صعبة جدا ووضع استثنائي حيث لا وجود للسيولة من أساسها في المصارف يليها ارتفاع العملة وغلاء الأسعار انها لحقا معضلة وعائق في مسيرة الحياة

 

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :