بقلم :: عابد الفيتوري
ما ان اقر القانون .. ارتجفت الشفاه ، وتلعثمت الالسن ، وخيم الصمت على المكان .. قليل هم من اظهر امتعاضه وتندره بصوت مرتفع ، ووراء الكواليس ، واطراف الجدران والزوايا .. هرج ومرج ، وهمز ولمز ، وهمس ووشوشة ، وخاتمة الحديث تساؤلات عن اسباب خرس النواب .. اثنين منهم فقط قالوا ( لا ) .. بالاضافة الى جل الشعب خارج القاعة .. لقد كان الاجتماع محصورا على النواب .. وغير مسموح بحضور الشعب لصغر القاعة ، فلم يؤخد برأي الشعب ، بما في ذلك اولئك الذين طالبوا همسا بالاستفتاء على القانون .. ولا حتى الذين قالوا فليكن ظلما ويعم الجميع لا فئة دون اخرى .. حدث ذلك وانتهى الدرس .. شخصيا لا يهمني .. غير ان صديقتي ” اماني” اعلنت على صفحتها ان ما يحدث يذكرها بقصة قديمة تتحدث عن نائب تعود النوم اثناء جلسات المؤتمر .. وفي إحدى المرات انتهت جلسات المؤتمر وخرج النواب ، وبقى لوحده نائما .. عامل النظافة خشي ان يوقظه عنوة .. لكنه اقترب منه واحدث قرع .. فانتفض النائب النائم في هلع وهو يصرخ ” موافقون .. موافقون ” .
لم اهتم بايماءاتها ، وادركت انها كما بقية معظم الشعب ترفض إقرار القانون ، ولم اعلق .. كما ان الامر لا يهمني .. انا مجرد مواطن ، وفي اعتقادي لا احد يفقه الحقيقة اكثر من النواب ، هم الاقرب منا لمعاطن التشريع .. لولا انها عادت وطلبت مني التعليق عندما شاع خبر إسقاط رئيس الوزراء ايضا .. وهي تقول : ” أجمل وأروع واحسن رئيس وزراء في الدنيا ،، تخيلوا ليبيا العريانة عندها رئيس وزراء لابس ومتلبّس بالسياسة ،، أرطبون دهاء سياسي ،، في عز تعبه .. وفي قمة ضعفة تلقاه فوق .. ما ينزلش لأي مستوى غير سياسي ،، رجل سياسة روحه فيها .. حتى وإن سقط سيسقط من أعلى درجات السياسة إلى أدناها ولا ينكسر !!! ” .
لم اكن اتابع رئيس الوزراء ولا حتى السياسة ، لكنني استمعت اليه ذات مرة وهو يقر بأنه جاء لا ليسرق المال العام .. فرددت عليها .. ارى انه ليس بسياسي .. ما كان عليه ان يعلن على الملأ ما لا يجب التصريح به .
اجابت بتهكم : ياسلام عليك .. نهاية سعيدة .. لرئيس الوزراء الذي لن يسرق مال الشعب .. امتعبنا مال الشعب مش مخليلنا رئيس ورزاء هههههه .. السياسة فن وذوق وأخلاق بغض النظر عن كونها لعبة ( امسخة ) .
ادركت انها تنوي ( جر رجلي ) والزج بي في براثن السياسة ، وكلام قد يفسر انني قصدت ما تلوكه الالسن .. ” اذا اردت ان تدفع .. فادفع ” .. الكعكة مناصفة .. غابت عنه السياسة فسقط فقيرا .. وانه لم يقرأ لـ ” ميكافيلي ” منظّر السياسة العملية .. وهو يسخر من هذا الطرح .. فلا اخلاق في السياسة .. وعلى الامير ان يكون اسدا وثعلبا في ذات الوقت .. كي لا يقع في الفخاخ .. يحتاج الحيلة والقوة .. لذا اخترت الصمت ولم اعلق على كلامها .. امتثالا للمبدأ .. من السياسة ترك الخوض في السياسة .
لم تتركني وشأني .. وارسلت تقول : انتم هنا لا تراعون النساء في رئيس الوزراء .. الرئيس الذي تحبه النساء عمره طويل .. أطول من فترة رئاسته !!
عند هذا الحد شعرت بأن الكيل قد فاض ، وبلغ السيل الزبى .. أي رئيس وزراء هذا الذي سيخطف الباب النساء .. يقولون في الاثر : ” لولا ثلاث لم يقع حيف ، ولم يسل سيف : لقمة أسوغ من لقمة ، ووجه أصبح من وجه ، وسلك أنعم من سلك ” ، ويقال ايضا : اثنان لا تقبل القسمة ، المرأة والسلطة .. تذكرت هذا وذاك .. وشعرت بأن شيء من الغيرة بعثر كياني ، ونخر اضلعي ومزق لواعجي .. فأجبتها بصلف : صه .. تحدثي عن نفسك ولا تجملي .. ولعلمك .. الوزير الذي تتحدثين عنه اصبح اسقاطه ضرورة حتمية .. والايام بيننا .. واقفلت حلقة التواصل .. وظللت لبرهة من الزمن هائم مع نفسي .. يخالجني التفكير في حصار رئاسة الوزراء .. ومن اين ستكون البداية .. يلزمني حشد الحشود .. والتحفز للحظة بدء الحصار .. لولا انني اتصلت بصديق طلبا للمؤازرة .. تردد كثيرا .. واختار نصحي بالتعقل والتروي وعدم التسرع .. هدأ من نزقي .. كما عتب بعض الشيء .. ليؤكد لي ان رئيس الوزراء والحكومة .. تحتاج منا دعمها .. لا حصارها … ولا يزال امامنا استحقاق الدستور .. وينبغي التحلي بالمرونة .. عند هذه النقطة .. اخترت العدول عن رأيي .. ( ازمة وعدت على خير )