التسول بين الحاجة و الإمتهان

التسول بين الحاجة و الإمتهان

  • محمود الطوير

لماذا يزداد التسول في شهر رمضان ؟
ففي كل مكان تحط قدمك فيه يقفز أمامك طفل صغير أو رجل عجوز أو امرأة شابة أو مسنة و المحزن إرتداء البعض منهن بجلباب ليبي ” فراشية ” ، وتمد يدها طلباً للمساعدة ، وتلاحقك الأدعية والتمنيات لك ولأسرتك ويتم تقييم حالتك في ثوان قليلة ، فهناك من سيسمعك الدعوات التي تخص كل مرحلة أو حالة ، وفي حالتي ومظهري الذي يبدو كأب فالدعوات تبدأ لأبنائي بأن يرزقهن الله الحلال، ثم تنتقل بان يرزقنا الله بحجة لبيته، وهكذا تصبح ضعيفاً او قد لا تضعف، ولكن غالبية من يمدون أيديهم على جيوبهم ويُخرجون بعض القيمة النقدية لهؤلاء المتسولين يرغبون في التخلص من إلحاحهم بحسب الملحوظ ، فهناك احتمالية كبيرة لأن يكونوا من ممتهني التسول، وهناك القصص الكثيرة عن المتسولين الأثرياء الذين سمعنا عنهم.
والذين يأخذون منها مهنة و هواية لا حاجة ، وهي كسب المال دون تعب ، كنت في قلب المدينة لكي أنجز بعض المشاوير الضرورية ، مستغل ان اقضي الضروريات قبل ان يحل الصيام، وبمجرد ان اصبحت في وسط السوق حتى بدأ المتسولون الصغار يلاحقوني، والمتسول الأول الذي لاحقني وكأني مطارد أشار إليا عموم الناس بأنه يطارد كل يوم عشرات المرات لأنه يلاحق الجميع وفي الحقيقة أني لا اعرف ظروفه ونظرت نحو الفتى الذي يبدو في الرابعة عشرة من عمره ولم أستطع للأسف أن أتبين كذبه من صدقه، فقد كان وجهه يحمل علامات الحزن والألم، وقد تألمت فعلاً لمرآه، ولكني بمجرد ان نظرت له بعمق ألمني ما رأيت .
ظاهرة التسول في رمضان هي ظاهرة مزعجة ومؤلمة ، وتضع المواطن بين خيارين، فإما ان يصدق هؤلاء ومعنى ذلك انه سوف يظل يدفع ويدفع طيلة طريقه في الشوارع وبين المحلات أو حتى المؤسسات، و إن أعطيته أكون مسجعاً له لهذا العمل المشين ، و إن قصرت في إعانته أكون جاحداً و بخيلاً ، وفي حال كان المواطن قاسياً وعنيفاً فسوف يزجر لأول مرة فيختفي المتسول من أمامه، والمشكلة انك حين تعطي أحدهم فسوف يطاردك جيش صغير من المتسولين مطالبين بأن يأخذوا أسوة بزميلهم، أو لاعتقادهم بأنك طيب القلب او صيد سهل أو أنك ثري.
اعتادت اجهزة الشرطة المختصة مطاردة المتسولين وفي بلادنا ليبيا تجد أن ظاهرة التسول تنشط في المواسم الدينية رغم وجودها طيلة السنة، واستغلال المتسولين للمواسم الدينية مثل شهر رمضان يؤدي لمضايقات في الشوارع ومشاكل بين المارة والمتسولين وحوادث سير واصطدام وغيرها.
بالفعل تقوم الشرطة بواجبها وبقدر ما تستطيع، ولكن المشكلة في المتسولين ومن يقومون على اطلاقهم في الشوارع او قناعاتهم الداخلية إن كانوا يعملون بصورة فردية، ومن يمتهن التسول طيلة العام فهو ينشط في رمضان لأنه يضرب على الوتر الديني للناس بأن الحسنات تتضاعف في هذا الشهر، وبأن الناس يرغبون في غسل ذنوبهم وتكفير آثامهم، كما يسهم الدعاة سواء في المساجد او وسائل الاعلام في بيان فضل الصدقة، ولكن الصدقة لا تكون لمن يطلب ويطارد فهناك الكثيرون ممن هم اولى بها وممن تسترهم جدران بيوتهم.
و ما تعلن عنه الجهات الشرطية عبر نشارتها أن أغلب هؤلاء المتسولين هم من جنسيات عربية يتحايلون بحجج أنهم ليبيون و في حقيقة الأمر أغلبهم غير ذلك .
ففي محكم الأيات يقول الله تعالي

وأما السائل فلا تنهر ) .
كما نعلم بأن صندوق الزكاة له قاعدة بيانات للعائلات الفقيرة و المحتاجة
إلا أن تعاليم ديننا الحنيف و العاطفة الجياشة التي يتمتع بها غالب الليبين لا يرضى بذل هؤلاء الطالبين لله ، وإنه يكفي هؤلاء المحتاجين ومنهم العجائز ذل السؤال ، و حياء الوجه ، إنها عقوبة لهم على سؤالهم الناس حاجتهم ، إلا أن المشرع الليبي يجرم التسول ( 475 ق ع ) ، و لكن في هكذا ظروف مع غلاء المعيشة و الشح في السيولة و انتشار الفقر ، كان الأولى من ولي الأمر أن يقيم حياة الناس ؛ ويصلح معيشتهم، ومن ثم يذهب لعقاب المتسولين ، فلا وجه لإقامة الدعوى الجنائية على هؤلاء ، حتى تصبح الحياة كريمة لا عليلة كما الآن.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :