التسوّل في النيجر … فقر يلاحق الناس رغم ثرواتها

التسوّل في النيجر … فقر يلاحق الناس رغم ثرواتها

  • مريم محمد.

النيجر، رغم غناها بثرواتها الطبيعية، تعد واحدة من أفقر دول العالم، يعيش فيها أكثر من 40% من السكان تحت خط الفقر المدقع.

السبب الرئيس غياب حكومة فعّالة وقادرة على إدارة الموارد وإشباع احتياجات المواطنين، ما حول البلاد إلى مسرح مأساوي للتسوّل.

في مدن مثل نيامي، مارادي، أغادِز وزندر، أصبح التسوّل جزءًا من الحياة اليومية. الأطفال يطرقون أبواب البيوت صباحًا ومساءً، والنساء يجلسن على الأرصفة أمام الأسواق، ممتدّات الأيدي طلبًا للمال أو الطعام، بينما المارة يشعرون بالعجز عن مساعدتهم. مواطنون تركوا العمل في الحقول والمدارس بسبب الجفاف والفقر، ليصبح التسوّل وسيلة البقاء الوحيدة.

أسباب متجذّرة للفقر والتسوّل.

الإدارة السيئة للثروات الطبيعية: رغم امتلاك النيجر لثروات هائلة، إلا أن الفساد وسوء التخطيط يحول دون استفادة المواطنين منها.

نقص المدارس والمستشفيات: أجبر الكثيرون على ترك قراهم والانتقال إلى المدن، حيث ينتهي بهم المطاف في الشوارع.

غياب فرص العمل للشباب: دفع الآلاف إلى البطالة أو الهجرة غير النظامية.

من النيجر إلى الجنوب الليبي وجنوب الجزائر والدول المجاورة… فقر بلا حدود.

لم يعد التسوّل في النيجر ظاهرة داخلية فحسب، بل أصبح عابرًا للحدود. آلاف النيجريين يهاجرون نحو الجنوب الليبي وجنوب الجزائر والدول المجاورة بحثًا عن لقمة العيش، ويجدون أنفسهم غرباء في بلدان أخرى، يمدّون أيديهم طلبًا للصدقة.

في الدول المجاورة، بات من المألوف رؤية نساء وأطفال نيجريين يتسوّلون في الأسواق والمساجد والطرقات، هربًا من فقر بلادهم وإخفاق الدولة في إدارة ثرواتها وتوفير احتياجات المواطنين.

قصص من قلب الأزمة.

في نيامي، تقول “فاطمة”، أم لخمسة أطفال:”لم أكن أتصور أنني سأجلس يومًا في الشارع لأطلب الطعام. أولادي جياع وزوجي بلا عمل، لم نجد خيارًا سوى أن أرسل ابني إلى الجنوب الليبي علّه يجد ما يسدّ رمقنا.”

وفي أغادِز، يروي “أمادو”، رجل خمسيني:”أرى الشباب والنساء يغادرون كل أسبوع إلى الجنوب الليبي أو جنوب الجزائر. لا أحد يريد التسوّل، لكن لا عمل ولا زراعة، ولا حكومة جيدة تدير الثروات، لذلك صار التسوّل في الخارج وسيلة للبقاء.”

صرخة كرامة.

التسوّل في النيجر ليس مجرد فعل فردي، بل انعكاس لانهيار البنية الاقتصادية والاجتماعية والفشل الحكومي في إدارة الثروات الوطنية. أن يضطر الإنسان لترك وطنه بحثًا عن صدقة في بلد آخر، دليل على عمق الأزمة. الفقر لا يعرف الحدود، لكنه يترك أثرًا عميقًا على الكرامة الإنسانية، وهو صرخة صامتة تحتاج إلى من يسمعها ويشعر بها.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :