المستشارة القانونية : فاطمة درباش
الضرر ثاني أركان المسؤولية التقصيرية، وهو ما يصيب الشخص جراء المساس بحق من حقوقه، أو بمصلحة مشروعة له، سواء تعلق بجسده أم بماله أم بمشاعره وعواطفه. فأي حق يحميه القانون، أو مصلحة مشروعة، حتى لو لم يكن القانون يكفلها بدعوى خاصة، فإن المساس بها يوجب المسؤولية على مرتكب الفعل الضار، وبالتالي فإن نطاق الضرر يمتد ليشمل الضرر المعنوي، فإصابة الشخص في عواطفه وشعوره يعتد به كسبب للمطالبة بالتعويض بناءً على المسؤولية التقصيرية. وكثيرةٌ هي أحكام القضاء المقررة للتعويض عن الضرر المعنوي كالتعويض عن الأذى النفسي الذي يتعرض له الشخص جراء حادثة سببت له الضرر كموت زوجته في حادث هدم منزل مثلا.
الضرر المعنوي أو الأدبي: هو الضرر الذي يلحق الشخص في حقوقه المالية أو في مصلحة غير مالية، فهو ما يصيب الشخص في كرامته أو في شعوره أو في شرفه أو في معتقداته الدينية أو في عاطفته وهو أيضا ما يصيب العواطف من آلام نتيجة فقدان شخص عزيز، وقد توسع القضاء في مفهوم المصلحة الأدبية فاعتبر ضررا أدبياً ما يصيب الشخص جراء السب أو القذف أو الذم أو التشهير .
ويمثل الضرر المادي العنصر الأهم و الأكبر الذي يرتكن عليه لتحديد قيمة التعويض، خاصة أن القيمة الأكبر لمبلغ التعويض عند تقسيمها من حيث ضرر مادي و أدبي وموروث، فيكون النصيب الأكبر حينها للتعويض المادي و من ذلك يتضح مدى أهمية التعويض عن الضرر المادي.
ﻳﺸﱰط ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ اﻟﻀﺮر اﻟﺸﺮوط اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ : أولا- اﳌﺴﺎس ﲝﻖ أو ﲟﺼﻠﺤﺔ ﻣﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﻤﻀﺮور.
ثانياً- أن ﻳﻜﻮن اﻟﻀﺮر ﳏﻘﻘﺎ . وثالثاً- أﻻ ﻳﻜﻮن ﻗﺪ ﺳﺒﻖ ﺗﻌﻮﻳﻀﻪ.
رابعاً- أن ﻳﻜﻮن اﻟﻀﺮر ﺷﺨﺼﻴﺎ.
إن تقدير الضرر المعنوي يخضع لسلطة القاضي وهو ما جعل شراح القانون يطلقون على هذا النوع بالتعويض القضائي! فالقاضي يتمتع بحرية مطلقة في تقدير التعويض عن الضرر المعنوي.
أما عن جواز التعويض عن الضرر المادي فقد دلت نصوص الشرع من الكتاب والسنة على مشروعية التعويض عن الأضرار، ومن ذلك قوله تعالى: (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ) [البقرة:194].
تقدير التعويض عن الأضرار الجسدية وفقاً لأحكام الفقه الإسلامي يتم على أسس موضوعية مقدرة سلفاً لا يملك القاضي إزاءها أي سلطة، ومن ثم فليس لشخص القاضي أثر في تقدير التعويض، إنما جعل لتلك السلطة مجالاً فيما لم يرد بشأنه نص، فعند ذلك يجتهد القاضي ويستعين بمن له خبرة فنية ويقدر التعويض الجابر للضرر.
أما الفرق بين التعويض المادي والمعنوي فيكمن في أن الضرر المعنوي ليس فيه أية خسارة مالية وهو شيء غير محسوس لا يمكن تقديره ولا يترك آثارا ظاهرة، والتعويض في الفقه الإسلامي لا يكون إلا على ضرر مادي محسوس كنقص في أجزاء الجسم أو تشويه، فالتعويض شرع كمقابل لمال ضائع على المضرور لأن ما ضاع هو شيء محسوس وغالبا ما يتبعه خسارة مالية.
دعوى التعويض عبارة عن دعوى يقيمها المتضرر لجبر الضرر الذي وقع عليه نتيجة الاعتداء على حقه، ويتضح من خلال مفهوم دعوى التعويض أنها ترفع في حال تضرر المدعي من فعل قام به المدعى عليه، ويجب أن يكون الضرر نتيجة الفعل الضار الذي قام به المدعى عليه ، أيْ وجود علاقة سببية بين الفعل الضار والضرر.
أما عن مدى تأثير الخطأ في تقدير التعويض فالأصل أن كل فعل خاطئ نشأ عنه ضرر للغير يوجب مسؤولية فاعله عن تعويض ذلك الضرر فالمسؤولية واجبة ابتداء ولكنها قد تخف أو تتضاءل بنسبة خطأ المضرور ومبلغ اشتراكه في إحداث الضرر وهو ما يُعرف بنظرية الخطأ المشترك ويجب مراعاة ذلك عند تقدير التعويض الذي يطالب به المضرور.
و يحق المطالبة بالتعويض كأن يكون الخصم كان ماطل في تسليم المدعي حقه وتأخر عن قصد دون وجود عذر حقيقي للتأخير. وجود ضرر حقيقي لحق بالمدعي جراء اللجوء للتقاضي، مثل أن يكون اضطر للسفر أو امتنع عن السفر أو اضطر لتوكيل محامٍ ودفع أتعاب بمبالغ كبيرة أو غير ذلك، المهم أن يكون ما ثبت أنه لحقه ضرر جراء التقاضي هذا.