في الثالث عشر من شهر ديسمبر للعام 2022م؛ صدر عن مجلس وزراء حكومة الوحدة الوطنية “الليبية” القرار رقم ((1013)) بشأن إصدار لائحة تنظيم شؤون التربية و التعليم لمرحلتي التعليم الأساسي و الثانوي، و التي جاءت في (180) مادة؛ تقصد تنظيم شؤون التربية و التعليم بمراقبات التربية والتعليم المختلفة بليبيا.
قراءتنا هذه تتعلق بحقوق المتعلم في قرار صادر عن جهة تنفيذية بالدولة الليبية، فلما كان الحق في التعليم؛ هو حق الأفراد في التعليم و تعليم غيرهم بما يعرفون أو يعتقدون، فيما شكّل الحق في تعليم الآخر مظهراً من مظاهر حق الأفراد في نقل آرائهم و التعبير عنهم، فإن أهمية هذه القراءة تجد جذورها في هذا النمط من الحقوق، الذي بات يُشكل ركيزةً أساسية من ركائز تعزيز حقوق الإنسان.
في هذه الجزئية – الجزء الثالث و الأخير من هذه القراءة – سنستكمل قراءتنا لبعض مواد القرار المذكور، تحديداً تلك التي تتعرض لحقوق المتعلم (لحقوق الإنسان) في إطاره؛ ففي المادة (90) من القرار محل القراءة؛ استجاب المشرع للتطورات السياسية (الأمنية) و الاقتصادية المحيطة بالبلاد، التي قد يتربت عليها هجرة مواطني دول أخرى لليبيا، حتى أصبحت ليبيا ملجأ آمنا للإنسان، لمواطني بعض الدول العربية و الإسلامية بالتحديد ممن غادروا بلدانهم مجبرين غير مخيرين، فقد نصت المادة على الآتي “يجوز للتلاميذ و الطلبة الأجانب (غير المسلمين) بناءً على طلب كتابي من ولي الأمر إعفاؤهم من دراسة مقرر التربية الإسلامية ومن أداء الامتحان فيها” انتهى الاقتباس، كما جاء في نص “نفس المادة”إعفاء ذوي الاحتياجات الخاصة (ذوي الهمم) من دراسة المقررات الدراسية التي لا تتناسب مع قدراتهم، على أن يقرر وزير التربية و التعليم تحديد تلك المواد، و في هذا استجابة إنسانية و مباشرة للشرعية الدولية، وإنصاف للإنسان الليبي في كل ظروفه.
أما في المادة (96) من القرار المذكور – محل الدراسة – فقد أجاز المشرّع للطلبة الذين اجتازوا فعلا امتحان الشهادة الثانوية العامة أو ما دونها بنجاح؛ إعادة السنة الدراسية (إعادة الدراسة) و ذلك بناءً على رغبة المتعلم، الذي يعتقد أنه قد يتمكن من التحصل على تقدير أعلى يعطيه فرص قبول أكبر في التخصصات العلمية التي يطمح لها، و في هذا التوجه انسجام بيّن مع إنه للإنسان الحرية في اختياراته العلمية تحديداً، خصوصا في تلك المرحلة المليئة بالطموح و النشاط و الإبداع، و لما في ذلك من أثر بعيد على أي مجتمع يبتغي التميز، فكما يُقال، “إن ثمن حرية الاختيار، ينتج عنه يقظة دائمة”.
شددت المادة (122) من القرار محل الدراسة، على الوضع النفسي للطالب، حيث نصت على جبر الدرجة الصفرية للطالب في جميع المواد، و أن تضع محلها (درجة واحدة فقط)، و هذا بقراءة متواضعة لأي حقوقي، تعطيه فكرة لاحترام المشرّع لقيمة الإنسان الوجودية، الذي حتى و إن لم يجتهد كفاية للإجابة عن أسئلة الامتحان، إلا أن للإنسان قيمة في وجوده وحضوره بحد ذاته، يُمنح عليه تقييماً رمزياً ربما يحدث الفارق في مستقبل المتعلم.
أما في المادة (124) من القرار 1013 لسنة 2022م؛ حظرت وزارة التربية و التعليم – و التربية اختصاص أصيل في صلاحيات الوزارة – أي شكل من أشكال العقاب البدني و المعنوي (الضرب أو الشتم أو التحقير) على أن يستعاض بدلا عن ذلك، بخصم درجة السلوك من المتعلم، أو أن تتخذ إدارة المدرسة قراراً بإيقاف المتعلم عن الدراسة لفترة محدودة.
أخيراً جاء القرار (1013) لسنة 2022م الصادر عن مجلس الوزراء الليبي في (180) مادة، سعى فيها لوضع لائحة عصرية تنظم شؤون التربية و التعليم لمرحلتي التعليم الأساسي والثانوي.
أحمد محمد بيّوض.