كتب :: فرج سليمان كبلان
لا تسلني يا صديقي من أين نبدأ ؟ .. فحالنا لا يسر عدوا ولا حبيبا .. بدأت العنصرية والقبلية والجهوية والتعصب في كل مدن وقرى وأحياء ليبيا .. والقتال بين القبائل والمدن .. وانتشرت السرقة.. والنهب .. والغش .. واختلاس أموال الدولة .. والفحشاء والرذيلة.. والقتل عمداً .. وتعاطي الخمور .. والمحرمات .. والتحايل.. وقول الزور.. والكذب.. والباطل حق والحق باطل.. المشاحنة والدسائس بين المسؤولين في الدولة .. والأمراض والعلل .. والفوضى.. في كل شؤون الحياة .. ويكاد الثوب الذي يستر جسد الأمة الليبية صار باكيا .. فقد تعددت به الخروق واتسعت ..ضع إصبعك يا أخي على أي شريان من شرايين حياتنا .. سوف ترى بعينيك – دون الحاجة إلى مجهر – كم من الجراثيم والميكروبات يحمل الدم. وكيف تتدمر خلاياه .. في الوظائف الحكومية .. تسيب .. وعدم اكتراث .. عدم الإخلاص وتراخ في العمل ومواعيد الوظيفة .. وتعطيل لمصالح الناس .. والقاعدة : ابذل أقل مجهود واحصل على الكثير .. وفكّر في نفسك أولا .. وانظر إلى مصالح الناس من خلال مصلحتك.. وفي قطاع التجارة .. احصل على الربح الكثير .. ولا تفكر في الوسيلة .. ليكن عن طريق الغش والخداع والتدليس .. والمخدرات بأنواعها وبيعها .. ولا مانع أن تسرق ما في جيب المشتري ما دامت السرقة تقع في صورة بيع وشراء .. وفي العلاقات الإنسانية .. تحكمها المصلحة، وتضبطها المنفعة، والناس حول أصحاب المناصب كالنحل حول العسل .. فإذا ما زال المنصب .. فكأنه لم يكن بين الناس شخصا معروفا .. حتى في مجال السياسة: النفاق عملة رائجة .. وخداع الشعوب جائز .. وضربها بسياط قسوة الحياة وكثرة متطلبات العيش هو الضمان الأكيد لتمرير ما يريده الأعداء لأمتنا الليبية من ضياع وتخلف .. كل وجوه الحياة عندنا مشوهة .. ومشاريعنا الإسكانية والإنتاجية في البلاد .. معظمها معطلة .. انظر في القطاع الزراعي .. والثروة الحيوانية .. والقطاع الصحي وحماية البيئة .. وبناء الإنسان .. والقطاع التعليمي .. والقطاع السياسي .. بل انظر داخل الإنسان .. فسوف تجده خاوياً .. الدين مجرد صور وحركات .. لا
ضوابط .. لا رقيب ولا وازع يمنع من الشر .. القيم ضائعة .. والمبادئ تباع في سوق النخاسة .. من أجل لقمة العيش .فلا تسلني يا صديقي من أين نبدأ ؟..حيث يمكنك أن تبدأ لو أردت الإصلاح من الموقع الذي أنت فيه .. الداء حولك إن لم يكن فيك .. فحاول إصلاح نفسك أولاً .. ثم انتقل إلى ما حولك .. ولا تيأس .. فما عليك وما علينا إلا الإصلاح ما استطعنا ومعنا رجال الدولة والأجهزة الأمنية وخطباء المساجد ولجنة المصالحة وشيوخ القبائل .. فقط ينبغي أن يكون الإصلاح حقيقياً .. أن يكون علاجا فاعلا لا مجرد مسكنات .. أن تكون الحلول بناء على وصفة صادقة تحدد الداء وتصف الدواء .. لا حلولا عرجاء .. تستر ظواهر الأمراض .. ولا تزيلها ..فمثلاً .. مضار التدخين .. والأمراض التي يسببها .. فقد نصحت الناس بالامتناع عنه .. في مقالات عديدة نشرت في صحافتنا المعروفة وذكرت نسبا مخيفة للمصابين بأمراض السرطان والتشوهات .. وأمراض القلب وغير ذلك .. ولكن مازال الناس يدخنون .. ومازال عدد المدخنين في تزايد .. ولسوف تسير الأمور إلى الأسوأ .. فالإنسان عدو نفسه .. يتعاطى المخدرات بشتى أنواعها وهو يعلم علم اليقين ضررها .. والعلاج الحاسم يا سادة، – والممكن – أن تمنع السلطات المختصة استيراد السجائر .. فتستريح السلطة .. ويستريح الناس .. أوليس عجيبا ومضحكا .. أن ترى الإعلان عن السجائر .. وتحت الإعلان، احذر التدخين فإنه مضر بصحتك “.ألم أقل إنها حلول عرجاء ! ! لقد رأيت ولدا لا يتجاوز عمره الثانية عشرة يدخن سيجارة .. فلما نصحته بالامتناع عنه .. قال يا أستاذ والله لو تكلمت لمّا .. لا فائدة .. فلن أتوقف عن التدخين. ولماذا أتوقف ؟! والجميع يدخنون ؟! الوالد والوالدة والإخوة .. الجميع .. نطالب من بعض الآباء تربية أنفسهم أولاً وتربية أبنائهم ثانياً قلتُ يا بني إني لا أستطيع أن أنزع السيجارة من يدك .. غير أني أقول لك وأحذرك من سوء العاقبة .. ثم تساءلتُ بيني وبين نفسي : من المسؤول عن ضياع النشء؟!.
فرج سليمان كبلان