الحلم

الحلم

بقلم :: عبد الرحمن جماعة 

الحلم ليس مرحلة من مراحل الحياة، وليس فترة من فترات العيش، بل هو الحياة نفسها، والعيش ذاته، والمراحل كلها.

إن الحلم هو العلامة الفارقة والفاصلة، بين الإنسان والحيوان، بين الوجود والعدم.. أنا أحلم إذن أنا موجود!

الحلم هو سبب الوجود وغايته، والإنسان يموت عندما يتوقف عن الحلم.

احلم تعش، وعش لتحلم!

أما تحقيق الحلم فهو ليس نهايته، إنما هو بدايةٌ لحلم جديد!

بدون الحلم تُصبح الحياة شاعثة كرمال الصحراء، يابسة كصخور الجبال، ساكنة كحياة الموت، ساكتة كموت الحياة، رتيبة ومملة وسمجة ومقرفة كتصريحات السياسيين الليبيين.

كل الاختراعات بدأت بحلم، وكل الإنجازات انطلقت من حلم، وكل الانتصارات سببها حلم.

فالهزيمة سُميت هزيمة لأن الحلم ليس جزءاً من مكوناتها.

والموت كان موتاً لأنه يكفر بالأحلام.

والتخلف لا يتربع إلا في البلدان التي تقتل الأحلام.

والجهل الحقيقي هو الجهل بأهمية الحلم، وبقيمته.

أنا هنا لا أتحدث عن تحقيق الحلم.

وإنما أتحدث عن الحلم المجرد ، وعن مجرد الحلم.

أن يكون في حسابك أموال طائلة فأنت غني بالمال.

لكن.. أن يكون في قلبك حلمٌ واحدٌ فأنت غني عن المال.

إن القائد العظيم، والملهم، والمفكر، والمبدع، والفنان، والعبقري، والعالم، والمخترع، والمنقذ، هو فقط ذلك الطفل الذي سُمح له بأن يحلم بما شاء، وكيفما شاء، ومتى شاء، ولم تُقمع أحلامه، أو يُسخر من أحلامه، أو تُسفه أحلامه.

إن الحلم يبدأ عند الكائن البشري منذ الولادة، عندما يلتقم الثدي فيحلم بالشبع، بل هو يبدأ قبل الولادة عندما يحلم بالخروج من رحم أمه، ثم لا يتوقف عن الحلم حتى عند آخر إغماضة لجفنيه وهو يحلم بحياةٍ أخرى أكمل وأصدق وأعدل من حياته الدنيا، أو بحياة أخرى في جسد مولود آخر كما هو الحال عند من يعتقد بتناسخ الأرواح.

الحلم ليس جميلاً فحسب، وليس رائعاً فحسب، وليس ضرورياً فحسب، وليس حادياً يحدوك في جميع مراحل عمرك فحسب، بل هو جزءٌ مهمٌ من هويتك، ومكونٌ أساسيٌ من مكونات ذاتك، وشرطٌ أساسيٌ من شروط إنسانيتك، وركنٌ ركينٌ من أركان حياتك.

الحلم هو أن تتنفس بملء رئتيك، وأن تنبض بكامل قلبك وشرايينك، وأن تتحرك بكل جوارحك، وأن تعشق الحياة بكل وجدانك، وأن تُمسك بالكون من كل تلابيبه.

الحلم هو أن تترقب الفرج، وأن تنتظر الأمل، وأن تبني بيتك في طريق القافلة ، وأن تُصاحب المساعيد، وأن تبتسم في وجه الكدر، وأن تستلَّ الفرح من بين أنياب الحزن، وأن تستخلص عسل الحياة من حنظل الموت.

الحلم هو الوجود.. فكن حالماً وإلا… فسيبتلعك العدم!.

 

 

 

 

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :