الشيخ عيسى رمضان
يعيش الإنسانُ في هذه الدنيا ويتعرَّض فيها لشيء من الهموم والغموم والنكد والطفش وضيق الصدر ومشاكل الأهل والأولاد والعمل وغير ذلك ، وإذا لم يجد الإنسان ما ينفِّس به عن نفسه من هذه الويلات وإلا سيصيبه ما يشتكي منه كثير من الناس هذه الأيام من الأزمات والأمراض النفسية التي من أسبابها مشاكل وهموم الحياة
وكيف لا يزهد المؤمن في الدنيا والنبي صلى الله عليه وسلم يبين لنا حقارتها وزوالها وأن العيش التام والخالد في الآخرة بقوله: (اللَّهُمَّ لا عَيْشَ إِلَّا عَيْشُ الآخِرَةِ). متفق عليه. وقال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه: (ما أبعد هديكم من هدي نبيكم أما هو فكان أزهد الناس في الدنيا وأما أنتم فأرغب الناس فيها). رواه أحمد
عن جابر رضي الله عنه:
((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ بالسوق والناس كَنَفَتَيْه, فمر بجدي أسكَّ ميت, فتناوله بأذنه, ثم قال: أيكم يحب أن هذا له بدرهم؟ فقالوا: ما نحب أنه لنا بشيء, وما نصنع به؟ قال: أتحبون أنه لكم؟ قالوا: والله لو كان حياً كان عيباً فيه لأنه أسك, فكيف وهو ميت؟ فقال عليه الصلاة والسلام: والله للدنيا أهون على الله من هذا عليكم))
[أخرجه مسلم وأبو داود عن جابر بن عبد الله
هذا كلام النبوة, هذا كلام الذي لا ينطق على الهوى, شاة ميتة وأذنها أسك أي صغيرة, وهذا عيب.
والحديث الآخر المعروف:
(( لو كانت الدنيا تَعْدِلُ عند الله جَناح بعوضة ما سَقَى كافراً منها شَربة ماءٍ ))
[ أخرجه مسلم وأبو داود عن جابر بن عبد الله ]
أسأل كل إنسان عن عمله, وعن حاله, يقول: الحمد لله مستورة, إذا قال لي: مستورة, أقول له: لقد أصابتك دعوة النبي.
أي هذا أكمل حال, حال الكفاف, مصروفك يغطي حاجاتك, لكن عندك راحة بال, أما صاحب الأموال الطائلة, إدارتها, والقلق عليها, أحد أكبر أسباب المرض
عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال: «مَنْ أَصْبَحَ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ طَعَامُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا».
. أهون على الله من أن تكون عقاباً للكافر, أو أن تكون مكافأة للمؤمن؛ لأنها محدودة, ولأنها زائلة, ولأنها منقطعة بالموت, فعطاء الله لا يمكن أن يكون منقطعاً بالموت, عطاء الله للأبد, فالدنيا ليست من عطاء الله عز وجل.
فالنبي يقدم مثلاً لا أحد يحبه؛ جيفة, فطيسة:
أيكم يحب أن هذا له بدرهم؟ فقالوا: ما نحب أنه لنا بشيء, وما نصنع به؟ قال: أتحبون أنه لكم؟ قالوا: والله لو كان حياً كان عيباً فيه لأنه أسك, فكيف وهو ميت؟ فقال عليه الصلاة والسلام: والله للدنيا أهون على الله من هذا عليكم)