الدواء

الدواء

قصة قصيرة : د. قيس عمران اخليف

جلس الشيخ منصور بالقرب من صديقه القديم الحاج سعد بانتظار دوره في قسم الإسعاف والطوارئ بالعيادة، حيث كان يتحدث بكل سرور عن ذكرياتهم سوية.

نادت الممرضة باسمه فدخل على الدكتور فريد.

قال الطبيب: ما شاء الله، يبدو وضعك أفضل نفسيا.

رد الحاج منصور: نعم لقد وجدت صديقي القديم وقد تذكرنا الأيام الخوالي.

نهض الطبيب ليقيس الضغط فوجده قد رجع إلى طبيعته.

وبينما وهو يكتب الوصفة الطبية سمع هرجا خارج غرفة الكشف فاتجه مع الممرضة وخلفهم الشيخ منصور ليروا ما يحدث في قاعة الانتظار، وإذ بهم يرون الحاج سعد وقد امسك قميص الرجل الذي بجنبه وصار يصفعه تارة ويركله تارة أخرى.

تدخل الشيخ منصور بينهما بعد أن استعصى على الجمع تفريقهما إلا أن ما للشيخ منصور من مكانة لدى الحاج سعد جعلته يتقهقر قليلا تاركا الرجل الذي بجنبه محررا قميصه الذي تقطع من يديه الثقيلتين فالحاج سعد رغم سنه فقد كان قوي الشكيمة صلب العظم شديد الذراعين قاسي اليدين.

سأل الطبيب: ماذا حدث؟

أجاب الحاج سعد قائلا: لقد كنت أجلس هادئا عندما بدأ هذا الرجل يسب في صديقي الذي دخل ويتمنى له الموت بسبب دخوله قبله. فأردت التأكد من حقيقة الموضوع فسألته عن رقمه فقال لي أن رقمه 30 وهو بعد رقم الشيخ منصور بعدة أرقام فاستشطت غضبا ولم أدري إلا وأنا أفعل ما رأيتموه.

التفت الدكتور فريد إلى الرجل الذي هز رأسه مؤكدا كلام الحاج منصور ثم قال: يجب أن تكون الأولوية للشباب وليس لمن وصلوا لأرذل العمر.

ولم يكد يكمل كلمته حتى نزلت كف الحاج سعد على وجهه لتصفعه بقوة تهتز لها الجبال. قال الدكتور فريد: سيدي، هذه المستشفى للجميع وليس هناك تفرقة في العمر ولكن هناك تفرقة بحسب الحالة المرضية أو بحسب ترتيب رقم الحجز، اجلس وانتظر دورك.

وأمسك بيد الشيخ منصور والحاج سعد وأدخلهم لغرفة الكشف وأغلق الباب، لقد عرف لم رجع ضغط الشيخ منصور للرقم الطبيعي. فهذا الدواء المتمثل بالحاج سعد رفيق درب حقيقي ورجل يشفى بصحبته أي انسان.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :