الذئب يغير ثوبه

الذئب يغير ثوبه

  • سعد الأريل

لعلّ ما يصادف الدول النامية من عقبات تقف في طريق استقلالها و نموها هو هيمنة الدولار على مقدرات الشعوب النامية التي ترزح اليوم تحت وطأة الفقر و عدم الكفاية الاقتصادية لشعوبها.. تلك الورقة الخضراء لم تعد تجدي نفعا لشعوب العالم الثالث خاصة بعد انهيار ( بريتونوودز) و تحول الدولار إلى ورقة عائمة في الأسواق العالمية لم يعد يحمل امتيازه القديم بل حمل التضخم للدول خاصة المصدرة للمادة الأولية مثل النفط في ليبيا وفى الدول الأخرى التي تعتمد على مصدر واحد .. اليوم العملة الأمريكية تعاني بسبب العجز المستشري في قيمة الدولار بعد انهيار ميزان المدفوعات في أمريكا وبعد شعور حكام أمريكا بأن حرية التجارة العالمية أمر مقوض للاقتصاد الأمريكي .. قادت برفع الرسم الجمركي في وجه السلع الواردة بضرب سوق التجارة العالمية و حاصرت أوروبا و الصين خاصة، أمريكا يعاني حسابها الجاري بآلاف المليارات فهي اليوم تحت وطأة العجز المالي .. كل ذلك سوف يدفع التضخم في الداخل و الخارج إلى أرقام فلكية اليوم سعر برميل النفط هو 400 دولار و ليس 66 دولارا للبرميل لقد انخفض الحساب الجاري لدول النفط إلى أكثر من 6 أضعاف .. إن المعضلة التي تواجه الدول النفطية هي عدم قدرتها على تحويل المادة الأولية إلى سلع تحدد لها سوقا بعيدا عن تصديره كمادة أولية لقد تحدثت إلى وزير النفط الليبي السابق و خاصة السيد / الشكماك حول إمكانية تصنيع مادة النفط محليا حتى و لو جزئيا فبرميل النفط بسعره الجاري يولد من مشتقاته أكثر من 400 دولار للبرميل صناعيا .. نحن اليوم جزء من الدول النامية التي تعاني حصارات خانقة و الصورة القريبة ( إيران ) .. الذي يزخف شعبها نحو الحاجة من جراء الحصار الأمريكي ..لم يكن تحرير التجارة مقوضا للدول النامية بل أيضا سيطرة سوق المال الأمريكي على مقدرات الشعوب الأخرى لقد أصبح مركز ( نيويورك ) هو همزة الوصل في الحراك النقدي العالمي لا يتحرك درهم واحد للخارج إلا عبر بوابة ( نيويورك ) .. أصبحت السياسة النقدية حول العالم في قبضة أمريكا .. و ما الخلاص للهيمنة الأمريكية التي بدلت الاستعمار القديم باستعمار جديد ..بل إنه أشرس من الاستعمار القديم لأنه يعرض ملايين الناس آلى الفقر و المرض .. ووقوف عجلة التنمية لشعوبها ..فهل هناك إمكانية للتخلص من هذ الكابوس الذي جثم على صدور الشعوب ..و هل علماء هذه الشعوب قادرون على خلاص شعوبها من هذه الهيمنة الرهيبة .. إن شعوب العالم الثالث قادمة على مجاعة رهيبة و تخلف مميت بسبب هيمنة أمريكا على مقدرات الشعوب .. الخلاص الحقيقي للدول النامية هو البحث عن كسر الطوق الأمريكي الذي يلتف على رقاب الشعوب .. لا حرية و لاتقدم في ظل الطوق الأمريكي .. إن تعويم الدولار و الربط النقدي في ( نيويورك ) .. هما العاملان الرئيسان في تدهور حياة الشعوب .. إن الاستعمار الجديد هو هيمنة العامل المالي ..فالسياسة المالية هي التي هيمنت على الشعوب .. إن الاقتصاد العالمي أصبح اقتصاد النقد ..فلم يعد إنتاج السلع هو العملة الممكنة للتجارة العالمية .. بل السوق المالي .. فالخطر الذي يواجه العالم الثالث هو تمدد السوق المالي و ليس تجارة السلع .. إن سيطرة السوق المالي هو من أدوات الاستعمار الجديد بدلا من استعمال المدافع و تجهيز الجيوش ..

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :