تقرير : منى توكا
في ظل التحديات التي تواجهها المرأة الليبية، خاصة في مجال المشاركة السياسية، تبرز جهود وحدة دعم المرأة وسفيرات التوعية كعنصر محوري في تمكين المرأة وتعزيز دورها في العملية الانتخابية. هذه المبادرة تهدف إلى رفع الوعي السياسي لدى النساء في مختلف المناطق وتحفيزهن على الانخراط في الانتخابات، سواء كناخبات أو مرشحات، مما يسهم في بناء مجتمع أكثر وعيًا وشمولية.
للحديث عن هذه المبادرة وتأثيرها، التقينا مع زينب مصباح الأحيرش، الموظفة بوحدة دعم المرأة بمكتب الإدارة الانتخابية في سبها، التي أوضحت أهمية الدور الذي تلعبه الوحدة والسفيرات في تعزيز مشاركة المرأة في الجنوب الليبي.
تقول زينب: “تأسست وحدة دعم المرأة في مفوضية الانتخابات قبل سنوات، بهدف تعزيز المشاركة النسائية في الحياة السياسية. بدأت الوحدة بفرعين في طرابلس وبنغازي، وحاليًا تشرف على جميع المناطق الانتخابية. ومن خلال هذه الوحدة، تم تشكيل فريق من سفيرات التوعية ليعملن على تحفيز النساء ودعم وعيهن السياسي.”
* دور السفيرات في التوعية السياسية.
توضح زينب أن سفيرات التوعية خضعن لتدريبات مكثفة في سبها، حيث تم اختيارهن من خلال استبيانات استهدفت النساء الراغبات في المشاركة. وأضافت: “ركزت التدريبات على مراحل العملية الانتخابية كاملة، بدءًا من الإعلان عن الانتخابات وحتى يوم الاقتراع، لتمكين السفيرات من نشر التوعية الانتخابية بفعالية. وقد ساهمت جهودهن في زيادة نسبة مشاركة النساء في الانتخابات الماضية، ونتطلع إلى دور أكبر لهن في المستقبل.”
تستعرض زينب الوسائل التي تعتمدها السفيرات لنشر الوعي، قائلة: “يتم ذلك عبر توزيع المطويات، وإقامة المحاضرات التوعوية ، والمشاركة في الأنشطة التي تقام بمراكز الانتخابات. ورغم التحديات مثل بعد المسافات وقلة وعي بعض النساء، فإن العزيمة القوية للسفيرات تساهم في التغلب على هذه الصعوبات.”
* التغلب على التحديات وتعزيز الوعي.
تشير زينب إلى أن أحد أهم أهداف الوحدة هو القضاء على عزوف النساء عن المشاركة السياسية، موضحة:
“لا يمكننا أن نترك اتخاذ القرارات السياسية للرجل فقط. دور السفيرات هنا هو إيصال رسالة التوعية لكل بيت وتجمع، لضمان أن تصبح المرأة أكثر وعيًا بحقوقها السياسية. ومع استمرار التدريبات والتفاعل مع النساء، نلاحظ تقدمًا ملموسًا في توجهاتهن نحو المشاركة.”
كما أشارت إلى مبادرات أخرى للوحدة، مثل التوعية في الجامعات وتعليم النساء كيفية التسجيل في الانتخابات واستلام بطاقات الاقتراع، مؤكدة:”كل هذه الجهود تهدف إلى تعزيز دور المرأة السياسي، ونشهد بالفعل نتائج إيجابية تتمثل في زيادة رغبة النساء بالمشاركة.”
* آمال وطموحات للمستقبل.
رغم التحديات التي تواجه المرأة الليبية، من عادات وتقاليد مجتمعية إلى القيود القبلية، تؤكد زينب تفاؤلها قائلة: “المرأة الليبية قادرة على اتخاذ قراراتها السياسية بدون أي تأثير خارجي، أتمنى أن نشهد في المستقبل قوائم انتخابية تضم نساء مؤهلات وقادرات على المساهمة في بناء المجتمع، بعيدًا عن أي تدخلات أو تشوهات. المشاركة السياسية حق أصيل للمرأة، وسنواصل جهودنا لتوعية المجتمع وتوفير بيئة آمنة وفرص متساوية للجميع.”
*دوافع الانضمام إلى مبادرة سفيرات التوعية.
عائشة إبراهيم حداد، سفيرة توعية من الجيل الأول، أوضحت أن دافعها للانضمام إلى مبادرة سفيرات التوعية كان نشر الوعي بأهمية الانتخابات، خاصة في مجتمع يفتقر إلى الخبرة في هذا المجال. وأكدت أنها شعرت بضرورة التركيز على النساء لدورهن المحوري في المجتمع، قائلة: “النساء شريك أساسي في صنع القرار، ودورهن لا يقل أهمية عن الرجل، ولكنهن بحاجة إلى توعية بأهمية هذا الدور“.
* التأثير الشخصي والمشاركة المجتمعية.
وأضافت عائشة أن التجربة أثرت بشكل كبير على حياتها الشخصية، حيث اكتسبت معرفة واسعة وخبرة من خلال التدريبات التي قدمتها المفوضية العليا للانتخابات ووحدة دعم المرأة. وأشارت إلى أن اسمها أصبح مرتبطًا بالتوعية الانتخابية، مما جعلها مرجعًا للمجتمع في الأمور المتعلقة بالانتخابات.
* العمل على توعية المجتمع بأهمية المشاركة السياسية.
وأكدت عائشة أن عملها يركز على توعية الرجال والنساء والشباب بأهمية المشاركة في الانتخابات واختيار المترشحين بناءً على الكفاءة لا الولاءات الشخصية. لكنها أوضحت أن التحديات لا تزال قائمة، مشيرة إلى تأثير العادات والتقاليد وانعدام الثقة في العملية الانتخابية، حيث ترى بعض النساء أن النتائج محسومة مسبقًا أو أن المرأة غير قادرة على تحمل المسؤولية.
وأردفت: “هناك من يعتقدن أن المرأة عدوة للمرأة ولا تدعمها عند الترشح“.
* التحديات والفرص في نشر الوعي الانتخابي.
وأشادت بالدعم الذي تتلقاه من وحدة دعم المرأة والمجتمع المدني، لكنها أكدت أن مهمة التوعية تتطلب جهدًا كبيرًا لإقناع النساء بقدراتهن على إحداث تغيير حقيقي. وعن تأثير جهود التوعية، أعربت عن فخرها برؤية نساء يترشحن ويشاركن بنشاط في العملية السياسية، مؤكدة أن هذا يعكس نجاح المبادرة.
من جهتها، قالت زهرة موسى محمد، سفيرة توعية انتخابية، إنها انضمت إلى المبادرة بهدف تعزيز وعي النساء بأهمية المشاركة في الانتخابات وأدوارهن المتنوعة. وأوضحت أن التجربة ساعدتها على تطوير مهارات التواصل والإقناع وبناء شبكة علاقات مع نساء فاعلات من مختلف المدن الليبية.
* تمكين النساء من اتخاذ قراراتهن بحرية.
وأضافت زهرة أن رسالتها تركز على تمكين النساء من اتخاذ قراراتهن بحرية بعيدًا عن الضغوط العائلية أو القبلية. لكنها أكدت مواجهة تحديات اجتماعية ولوجستية، مثل رفض بعض المواطنين لحملات التوعية وصعوبة التنقل بسبب نقص الوقود. وقالت: “تجاوزنا الكثير من العقبات بفضل التعاون مع مؤسسات المجتمع المدني والمكتب المحلي للمفوضية“.
* التدريب والتعاون في تعزيز فعالية التوعية.
وأشارت إلى أن التدريبات التي تلقتها، خاصة في مجال تدريب المدربين (TOT)، ساعدتها على إيصال الرسائل التوعوية بفعالية أكبر. كما أثنت على الدعم الذي تقدمه وحدة دعم المرأة ومؤسسات المجتمع المدني، معتبرة أن هذا التعاون كان مفتاحًا لتجاوز العديد من الصعوبات.
*ردود فعل النساء وتغيرات الوعي السياسي.
وأوضحت زهرة أن ردود أفعال النساء تجاه الانتخابات تفاوتت بين الحماس والإحباط والرفض، لكنها لاحظت تغييرًا إيجابيًا تدريجيًا في وعي النساء بأهمية المشاركة السياسية. وأعربت عن أملها في أن تشهد الانتخابات القادمة تمثيلًا نسائيًا أكبر في المناصب القيادية.
*رسالة للنساء المترددات في المشاركة السياسية.
وفي ختام حديثها، وجهت زهرة رسالة للنساء المترددات في المشاركة السياسية، مؤكدة أن التغيير يبدأ بالمشاركة الفاعلة وأن الغياب يعني ترك الفرصة للآخرين لاتخاذ القرارات. وأردفت: “الوطن بحاجة إلى جهودكن، فلا تترددن في العمل والمشاركة لتحقيق التغيير”.