- د. محمد فتحي عبد العال.
مقدمة: نوع من الحروب المدهشة التي تقوض دولا بأكملها وتهزم اقتصادياتها وتفرض عليها الحصار المحكم وتقتل منها الملايين دون شظايا أو حتى رائحة بارود… حروب قديمة قدم التاريخ تدور رحاها دون أن تلمح مكانا لدبابة أو موضعا لطائرة ومع ذلك فهي الحرب الأشد عنفا وفتكا إنها الحرب الصامتة أو الحرب البيولوجية. تاريخ الحرب البيولوجية قديما وحديثا : هي الحرب الجرثومية والتي تتضمن استخدام الجراثيم كالبكتيريا والفيروسات بشكل متعمد لنشر الأوبئة والموت بين البشر والحيوانات والنباتات. يعتقد أن أول من استخدم هذا السلاح هو القائد اليوناني سولون وذلك عام 600ق.م حيث استخدم جذور نبات (الهيليوروس) في تلويث مياه النهر الذي يشرب منه أعداؤه. وفي عام 184ق.م استخدم القائد القرطاجي ( هانيبعل) الثعابين كسلاح حيث ألقى أكياسا مملوءة بالثعابين على سفن أعدائه مما أوقع بينهم الذعر وأنزل بهم الهزيمة. أما أول هجوم بيولوجي بمعناه الحديث فكان عام 1347 ميلادية وبتدبير عمدي من القائد المغولي (جاني بيج) والذي طال حصاره لمدينة كافا في شبه جزيرة القرم داخل البحر الأسود لأكثر من عام حتى انتشر الطاعون بين جنوده مما اضطره إلى الانسحاب وحتى ينتقم من أهالي كافا فقد أقدم على تنفيذ جريمة حرب بحقهم فألقى أجساد جنوده المصابة بالطاعون باستخدام المنجنيق على أهالي كافا المحاصرة فانتشر الطاعون بين الأهالي والذين فروا إلى أوروبا لينشروا الموت الأسود الذي حصد ثلث سكان القارة الأوروبية. وفي العصر الحديث وإبان الحرب العالمية الثانية استخدم الإنجليز جرثومة ( الجمرة الخبيثة) كسلاح بيولوجي في جزيرة جرونارد الأسكتلندية، وظلت أسكتلندا تعاني من آثارها حتى عام 1987. كما قامت اليابان بنشر ميكروب الكوليرا والطاعون في إقليمي تشيجيانغ وجيانغشي الصينيين للانتقام من إيواء الأهالي للطيارين الأمريكيين الناجين من غارة دوليتل الأمريكية على المدن اليابانية. اتفاقية جنيف : نظرا لخطورة هذه الأسلحة وسهولة تطويرها محليا وعدم إمكانية التحكم فيها وحصر نتائجها وتأثيرها فقد وقعت الدول الكبرى اتفاقية جنيف عام 1925 للحد من هذه الأسلحة وقد امتنعت الولايات المتحدة الأمريكية في البداية ثم عادت وانضمت لجهود بريطانيا والاتحاد السوفيتي في اتجاه نزع السلاح البيولوجي وذلك في الستينات من القرن الماضي.