د :: محمد ازكير عضو هيئة تدريس بكلية القانون ـ جامعة سبهــــــــا
الشباب شريحة مهمة من شرائح المجتمع، وركيزة أساسية من ركائزه، بل هي الشريحة والركيزة الأهم،فبالشباب تنهض الأمم وتبنى البلدان، وتعمر الأوطان، وتتقدم وتزدهر،الأمر الذي يتطلب أيلائهم رعاية خاصة وفي جميع المجالات، حتى يمكن أن ننهض بهذه الفئة لنجعل منها مشروعاً لبناء دولة تصان فيها الحقوق والحريات، فالشباب طاقة وكل طاقة تحتاج إلى استثمار وحسن استغلال،حتى يمكن الانتفاع منها وتوظيفها توظيفاً سليماً في خدمة المجتمع،والعكس إذا ما تركت وأهملت فيمكن أن تكون قوة تدمير لا تعمير. لكن وبسبب الظروف التي تشهدها ليبيا يعاني الكثير من الشباب،إذا لم نقل أغلبهم،من أوقات الفراغ،وكيفية استغلالها أو استثمارها بالشكل الذي يسهم في بناء شخصية واعية مدركة لدى هذا الشاب،لاسيما في ظل التحديات والصراعات التي يشهدها العالم اليوم هذا من جهة،ومن جهة أخرى إبعاده عن الظواهر السلبية والمنحرفة، والتي تشكل خطراً حقيقياً يتهددهم في كل حين، كالمخدرات، والمسكرات، والتدخين، والانحرافات الجنسية والأخلاقية،والانحرافات الفكرية التي قد تقودهم إلى الاشتراك في الأعمال الإرهابية أو الانضمام إلى التشكيلات المسلحة المليشياوية لحمل السلاح واستغلالهم بشكل سلبي . إن الشباب يحتاجون منا وقفة جدية من أجل تفهم أوضاعهم، وما يعانونه من مشاكل ، سواء كانت صحية(بدنية ونفسية)، اجتماعية أم اقتصادية أم ثقافية، وعلى جميع المستويات ،في البيت والمدرسة والجامعة وبيئة العمل ،حتى يمكن الأخذ بأيديهم وإيصالهم إلى جادة السلامة والأمان،ولكن ماذا يتطلب الأمر منا، لكي نعد جيلاً شبابياً واعياً مؤمناً،قادراً على مواجهة التحديات التي يشهدها العالم ،فيحسن استغلال أوقات الفراغ في الأشياء المفيدة والهادفة،لا أن يقضي الشباب ساعات وساعات على شبكة الإنترنت متنقلين بين المواقع المنحرفة إلى غرف الشات والمحادثات التي لاتسمن ولا تغني من جوع،إلا الرذيلة والانحراف،أو يقضون ليلهم ونهارهم مع رفقاء السوء،وصحب الندامة لا السلامة،في تعاطي المخدرات أو المسكرات أو الرذيلة فيكونوا كالأنعام ،بل هم أضل. علينا أولاً أن نقترب من هذه الفئة وجوداً وفكراً ،لا أن نتعالى عليها ونهملها، فيستميلها ويستهويها ويداعب مشاعرها وأهوائها غيرنا، فلنكن مبادرين ومهرولين نحوهم،وليس هذا بالعيب،بل العيب عندما نقف متفرجين لا نحرك ساكناً وهي تُسرق أمام أعيننا،وهي ثروتنا التي يجب أن لانفرط فيها،وإن شابتها شائبة في وقت ما ،فنتفهم همومها وما تواجهه من صعاب ، وما تعانيه من مشاكل ،لكي نشخصها أولاً،وندرسها ثانياً ،ونضع لها الحلول الممكنة والناجعة ثالثاً،فمن خلال هذا الاقتراب والتقارب يمكننا أن نضع أيدينا على مواطن الضعف فنعالجها، ومواطن القوة فننميها ونزيد منها. ويتطلب الأمر الجرأة في التشخيص والمعالجة،فهناك العديد من المشاكل التي يعاني منها الشباب في ليبيا منها البطالة،والتي لابد من القضاء عليها أو الحد منها،فكل شاب يحتاج إلى فرصة عمل تتناسب مع سنه ومقدرته البدنية ومؤهله العلمي والثقافي،ففرصة العمل هذه يمكن أن تساهم في استثمار وقت الشاب في الأمور والأشياء المفيدة والمنتجة،له ولأسرته ولمجتمعه وبلده(مادياً ومعنوياً)،وعندما نتحدث عن فرص العمل فلا نقصد بذلك القطاع الحكومي أو المختلط ، بل القطاع الخاص أيضاً الذي نرى حل مشكلة البطالة في ليبيا من خلاله. ويحتاج الشباب إلى الكتاب المفيد والمجلة النافعة، والصحيفة الهادفة،والقناة الفضائية الموجهة،والأندية الرياضية والثقافية والترفيهية، والتي يقضي فيها الشاب وقت فراغه،ولكن تحت توجيه ومراقبة الأهل والمختصين. كما يحتاج الشاب إلى المحاضرات الإرشادية والوعظية الناضجة والمؤثرة، والدورات النافعة في جميع العلوم والمعارف،دون التركيز على جانب دون آخر. كدورات الحاسب الآلي والانترنت، والدورات الرياضية وفي مختلف الألعاب،والدورات الفنية في الرسم والتصوير والإخراج والتمثيل، والمحاضرات الدينية والعقائدية السليمة والمؤثرة. ويحتاج الشاب إلى الزواج، ليلبي حاجاته الجنسية،فإذا لم تلبى تلك الغريزة شرعياً،فإنها ستكون منفذاً للشيطان ، فيأخذ شبابنا إلى الهاوية في الدنيا والأخرى،فالشاب أشبه ما يكون برميلاً من البارود،في أي لحظة معرض للانفجار، فلابد من توفير الظروف الملائمة التي يتمكن من خلالها الشاب من الزواج، وبالتالي سلوك الطريق السليم في بناء الأسرة السعيدة،التي تزرع الأمل في قلب الشاب وتجعله يعمل من أجل تلبية احتياجاتها ،فيقضي على أوقات الفراغ التي تكون من حبائل للشيطان وأدواته في إغواء الشباب. هذا الزواج الذي يجب أن يكون مبنياً على أسس ودعائم شرعية في مقدمتها حسن اختيار المرأة،التي إذا نظر إليها أسرته وإذا غاب عنها حفظته وإذا أمرها أطاعته في السراء والضراء،وكانت له خير معين على الطاعات ومانعاً من الزلات،بالمعاشرة الحسنة والكلمة الطيبة والعمل الصادق والتربية الصالحة للأطفال. فإذا ما وفرنا ذلك للشباب وهو أمر ليس بالعسير،ضمنا شبابنا،وحفظناهم من الانحرافات والمغريات التي يواجهونها في ظل عالم مليء بالتحديات،وقضينا على أوقات الفراغ التي في القضاء عليها صلاح الشباب وسعادتهم،وفقا للحكمة العظيمة((إن الفراغ والجدة مفسدة للشباب أي مفسدة)).