صلاح إبراهيم
يحدثونك عن العشق في غابر الزمن فيستدلون بقصة عنتر و عبلة و إن سألتهم عن هذا العصر فلن يجدوا مثالاً به يستدلون فهل لي أن أعطيك مثالا..
في زاوية من زوايا هذا الزمان وفي وطن شهد من الفتن مايشعل العداوة بين الخلان وجدت “عمر” .
عمر يعيش حالة خاصة من العشق و الوفاء بل إنه في كل نهاية أسبوع يغادر المدينة ليفترش رمال الصحراء تجده مستلقياً على ظهره يتأمل السماء و عقله يتأرجح مابين البسيطة و الفضاء لا تحاول أن تقاطعه و لا تسأله عن سواها فهو مجنونها .. تشابه الجنون بينه وبين مجنون ليلى الذي قال: ” قالوا جننت بمن تهوى فقل
لهم/ العشق أعظم مما
بالمجانين
الاثنان متشابهان فيما يعيشون و من غير المنصف أن نطلق عليهم لقب المجانين .. بل هم الأوفياء.
عمر لم يقرر طواعية أن يعيش الوفاء بل هو قدر و ميزة زرعت في قلبه من عند رب السماء فليس من السهل على المرء أن يحافظ على الوفاء بالرغم من كل النكسات و السلبيات، تتعدد خيباتنا عندما نتحدث عن الوفاء وتكثر إخفاقاتنا كلما حاولنا أن نبني الوفاء لذلك لن أطيل الحديث عنه و سأكتفي بالنظر إلى “عمر” ..
عمر صاحب القلب والعقل اللذان ينبضان بحب “الشرارة” فهو لا يعرف عن كرة القدم شيئا سوى كونها لعبة يتقنها “الشرارة” و لا يعترف بنجوم اللعبة مالم يرتدوا يوما شعار “الشرارة” .. أعطه ورقة وقلما و اطلب منه كتابة أبرز اللاعبين عالميا أجزم بأنك ستجد في القائمة “موسى عبدالقادر ” و “عقيلة عبدالجليل” و “حميد الزيداني” و إن سألته عن أبرز المواهب في العصر الحديث سيلحق لك “أكرم الفاخري” .. عمر لا يستبدل مباراة الشرارة بنهائي كأس العالم ولا بكلاسيكو الإسبان
اسألوا تلك الأسياخ المعدنية التي كانت يوما ما في الملعب البلدي سبها عن عدد الأيام و الساعات التي كان يقضيها عمر جالساً ينتظر رؤية معشوقته “الشرارة” اسألوا حبات الرمال في ذلك الملعب عن عدد “الفرش” الذي تغير وشهد عليه “عمر” .
تجولوا في شوارع المنشية و اسألوا عن “عمر” ستجدهم يردفون اسمه بالشرارة ليست المنشية فقط بل سبها بل الجنوب ولا أبالغ إن قلت ليبيا قاطبة..
تختفي الشرارة عن الأضواء و يبهت نورها و تتعرض شعلتها بين الحين والآخر إلى الاهتزازات و يبقى “عمر” وفياً متفائلاً بمستقبل الشرارة و يراهن على عودتها إلى مكانها الطبيعي..
فهل هناك عشق و وفاء في هذا الزمن كوفاء “عمر”؟














