العرب تحت وطأة القتل الإجتماعي

العرب تحت وطأة القتل الإجتماعي

كتب :: محمد عمر غرس الله – باحث أكاديمي

ليس القصف والحصار وحده ما يدمر الشعوب، ثمة تدمير أخطر وأسواء من الصواريخ والطائرات أنه تدمير بطريقة أخرى يصعب ترميمه او تعويضه، إنه تدمير لا يدركها العامة بل يشاركون فيه بغبطه وهيجان، حيث يتم دفع الشعوب والمجتمعات لتقتل نفسها بنفسها، إنه “القتل والتدمير الإجتماعي” وهو سلاح صامت (تقوم به وتديره مراكز البحث القوية)، يستخدم إستراتيجيات التحكم في البشر والسيطرة على الجمهور، يدفع المجتمعات لتصبح متقاتلة منقسمة ومتعادية تدمر نفسها بنفسها، وحينها يسهل أن تركبها قوى النهب وتحقق بها مطامعها، حيث يتم تكسير وحدتها ووحدة إرادتها ومقاومتها للنهب والسيطرة،، بل ويتم تجريدها من امكانية البقاء والاستمرار، فما هو القتل والتدمير الإجتماعي؟ كيف ومتى واين؟ دعونا نرى

 يقوم بالقتل والتدمير الإجتماعي تحالف مراكز البحوث في علم الإجتماع وادارة اللعبة الدولية (السوسيولوجيا الكولونيالية)، بالتزامن مع عمليات سياسية وإعلامية واقتصادية وعسكرية متوازية ومتداخلة، ويقوم بذلك علماء الاجتماع بمناهجهم ومعرفتهم بالبنية الإجتماعية – للمجتمع المستهدف – ودراساتهم حول تفاصيله ومسيرته التاريخية وواقعه ونوازعه وقيمه، والعمل بطريقة محسوبة ودقيقة وبإدارة ماهرة ليوضع هذا الواقع في خدمة أهداف السيطرة والتحكم وإستغلاله لتدمير وحدة هذا المجتمع وإعاقة قدرته على المقاومة والبقاء والفعل، عبر منهجية “الوظيفية السياسية” لتحقيق إستراتيجيات اللعبة الدولية، حيث تتم عملية عبر المزاوجة بين إسلوبين:

 الاول: يقوم على جعل التنوعات الداخلية للمجتمع منقسمة، يصنع كل تنوع لنفسه اطار سياسي يصور به نفسه معادياً لبقية المجتمع ومتوجسة منه، ويتم دفع هذه الانقسامات على تصور أن النضال والحقوق لها معنى قبلي وفئوي وجهوي ومناطق ومذهبي وشعوبي، (وتغييب الشعور الوطني تماماً) ويتم ترسيخ إن ذلك يحقق ذاتها (الذات المكذوبة)، وبالتالي يصبح المجتمع مكسراً متحاربا متعاركاً لأتفه الأسباب التي يتم صنعها وتصعيدها وتلقفها، بإعطاء وتفسير التجاذبات الحياتية معنى قبلي ومناطقي وجهوي وشعوبي أثني ومذهبي، وطمس المشاعر الوطنية عبر ذلك.

الثاني: جعل “الخلية الاجتماعية” تقوم بقتل نفسها بنفسها نيابة عن العدو الخارجي عبر تسلطها على بعضها البعض في حروب داخلية بين تنوعاتها وفروقها الفردية والقبلية والمناطقة واللهجوية، إنه تحفيز البنية الاجتماعية للتصارع وتتقاتل، ومن ثم تحقيق تخريبها وجعلها متقاتلة ومعادية تأكل بعضها البعض دون توقف.

وهكذا كنتيجة للمزاوجة بين هذين الأسلوبين يصبح التدخل الخارجي مبرراً،  وتعامل الافراد والجماعات المنقسمة والمتصارعة مع الخارج والقوى الدولية ومبرراً بل ومفاخراً به ويتم تصويره على إنه حق وضرورة، بينما العلاقة مع الأُخوة في الوطن الوحد فتصبح علاقة خصوم وأعداء متقاتلين ومتحاربين، ويصبح التواصل المشترك داخل المجتمع الواحد إنقسامي متعارك، كل طرف يبحث عن مصالح ضيقة موهومة (الذات المكذوبة) على حساب وحدة المجتمع والوطن وسيادته وإستقلاله والامة وارادتها، ويصبح الأجنبي هو الحكم بين افراد وجماعات وقبائل ومناطق المجتمع الواحد.

وهكذا يصنع هذا الإنقسام بمخاضه حدود وحواجز ومعارك دامية داخله، تجعل من المجتمع عليلاً مريضاً كسيحاً وغير قادر على صنع ارادة موحدة (عبر تحويل المجتمع الموحد إلى أعداء)، يفتقد لإرادة البقاء كوحدة اجتماعية وطنية وعربية واحدة، فيتحول الواقع الاجتماعي إلى وبال على البقاء والاستقرار والوحدة، ويفتح أبواب جهنم على السلم الإجتماعي، ويمنع قيام ارادة وطنية جامعة لها موقف وراي موحد من القضايا المصيرية، وهو ما تستفيد منه اللعبة الدولية ومشاريعها واستراتيجياتها عبر الوظيفية السياسية، فتمتطيه وتركبه وتضرب عبره ضربتها، في نفس الوقت الذي يعتقد فيه المنساقين مع هذا الإنقسام واوهام (الذات المكذوبة قبليا او مناطقيا او مذهبيا او شعوبيا)  إنهم يحققون ذواتهم ويقومون بالواجب بل ويفاخرون به، هذا وتتم عملية “القتل الاجتماعي” هذه عبر إحداث الإنقسام الداخلي بالإستفادة من:

الصراع القبلي: يتم استغلاله واستخدام عصبياته الغبية العمياء (مدحاً وقدحاً)، ويستفاد من صعود الإنفعال والجهل فيه، عبر معرفة تفاصيله ونوازعه وانتقائها والطرق اعلامياً عليها، وتلقف عناصرها وتشجيعها واعطائها مداها، والنفخ فيها عبر معرفة دقيقة بديناميكية العصبية القبلية في المنطقة العربية كحلقة قوية في البنية الاجتماعية لها سطوتها على الافراد داخل المجتمع، بالاستفادة من الدراسات الاجتماعية القديمة (العصبية وانحلالها) والدراسات الحديثة المتعلقة بعلاقات القبائل ببعضها البعض وعلاقتها بالسلطة والحكم والادارة، وايضا علاقتها بالاغراءات والمغانم القبلية الغبية، فالذات القبلية المكذوبة لها سطوة تعويضية يلجاء ويحتمي بها الافراد كمعقل إجتماعي أعمى، فتنشأ المليشيات القبلية المتقاتلة والمتحاربة ويصعد الفخر القبلي الغبي الاعمى بينها لأتفه الاسباب، فتتعارك وتتقاتل دائما بينما تلتقي على موائد العواصم لتوقيع اتفاقات الهدنة برعاية الدول الاخرى، الأمر الذي يستخدم بوضوح في ليبيا واليمن والعراق وسوريا اليوم، وله مليشياته القبلية التي تحقق إنتصار القبيلة وهزيمة الوطن بشكل واضح جداً.

المذهبية: ويتم إشعال حالة مذهبية وتصعيدها والطرق عليها عبر الإعلام والفتاوي وتصريحات الأفراد (سنة – شيعة – علوية – أباضية – زيدية – حوثية – سلفية – صوفية) بالتكفير والتعرض وتقسيم الناس على المذهب وتصعيد وإطلاق أوصاف بشكل مقصود ومبرمج ومدروس، وسرد مضلوميات و تُهم، وبشكل غريب يتم إستدعاء حوادث تاريخية وجعلها خبز التفكير اليومي، وهكذا يصنع هذا التصور عبر الزمن شكله القتالي والمليشياوي والسياسي وتتلقفه العقليات الغبية والجاهلة، وتتمترس عليه ويصبح الصراع المذهبي هو المفسر للحياة اليومية، بدفع من إدارة الإعلام والفتوى (إشعال الفتنة السنية الشيعية حتى في المغرب العربي الذي لا يعرفها في تاريخه)، ويضع هذا الاعلام المصطلحات في عقول وعلى ألسنة العامة، فنرى العربي في “روصو الموريتانية” يحدثك عن المد الشيعي وخطره المزعوم بينما لا يحس بالمد الفرانكوفوني ولا يقلقه، وتجد الليبي يصور الصوفية والاباظية عدو وكفر رغم ان ليبيا لم تعرف هذا النوع من الإنقسام في تاريخها، وترى اليمني يقاتل اهله في اليمن على وهم المذهبية الشافعية الزيدية رغم التعايش التاريخي والانسجام التام بينهما، او العلوية السنية في سوريا المدنية بتاريخها وتنوعاتها.

الصراع المناطقي والجهوي: يتم إستغلال وإستخدام المناطقية (شرق – غرب – جنوب – شمال ) ونوازعها ونشر مصطلحاتها وتصعيد إستخدامها واقامة الندوات حولها، وتلقف الممتلئين بها ووضع التجاذبات اليومي وتصويرها سياسياً في إطار مناطقي وجهوي، وصنع وهم أن إنعدام وضعف التنمية والتخلف سببه جهوي مناطقي، ومن جهة أخرى المفاخرة بالمناطقية مثل( إحياء مشروع بيفن سيفورزاء في ليبيا)، الدعوة لفدراليات في اليمن، وكذلك الدعو لتقسيم سوريا مناطقياً … الخ.

الشعوبية: زرع وتمرير السرديات الأثنية (قومنة القبائل في المغرب العربي) والطرق عليها وتصوير التجاذبات اليومية وتفسيرها بمعنى أثني، وصنع وهم الخصوصية والمضلومية التاريخية (تصوير أن الفتح الاسلامي للمغرب العربي غزو وإستعمار) وتمرير فكرة الإنعزال والشعوب الإصلية والتشرنق والتوجس من المحيط الإجتماعي وتفسير التنوع القبلي على إنه اختلاف أثني وعرقي، وتصوير أن اللهجات لغات (مثلما يحدث في ليبيا على عكس ما يعرفه تاريخها كله)، وأن العربية الفصحى لغة القران لغة خاصة بقبائل معينة فقط، وصنع تصور بوجود صراع وثنائية لغوية (ما يحدث في الجزائر والمغرب وتم نقله بفعل فاعل قاصد إلى ليبيا)، واستخدام مسالة الحقوق والحرية والهويات المبهمة، وجعلها مادة يومية عبر الإجتماعات والملتقيات والتصريحات، وتهييج المراهقين والمراهقات عبر الإحتفالات والمهرجانات والملتقيات، وإستخدام المراهقات لجذب المشجعين لهذا المنهج.

الشرائح الاجتماعية: الإستفادة من التمايز الإقتصادي داخل المجتمع (الطبقية الإجتماعية)، عبر النفخ في الشرائح الإجتماعية، وتصويرها مظلومية سياسية مقصودة متعلقة بالأُصول والجينات، مثل (الحراطين في موريتانيا – الصُناع  – البدو – الحضر – سواحلية – رعاة – بحارة .. الخ) وتقسيم المجتمع حتى على لون البشرة، ووتحويل وحدة تنوعات المجتمع من العقيدة واللغة والتاريخ، إلى إنقسام على الشرائح الإجتماعية، والنفخ فيها وتلقف أفراد منها وصنع رموز لها، وإفساح المجال الإعلامي لها، ودعوتها للمؤتمرات والندوات بل وإستدعائها إلى البرلمان الاوروبي.

الجماعات بأنواعها: وهي الجماعات والتنظيمات الإسلاموية والسياسية العابرة للحدود، والتي تكون في مجال العقيدة والافكار والتدين (الأخوان المسلمين واخواتهم وبناتهم وتفرعاتهم – أنصار الشريعة – داعش – الوهابية بتفرعاتها) ، تلك الجماعات التي تقسم المجتمع بين أوصاف لايفقه العامة منها شيئاً مثل أوصاف (علماني – مشكوك العقيدة – عقيدة فاسدة – مناصر للطاغوت ..الخ) الأمر الذي ينتج ويصعد جماعات متطرفة مستعدة للقتل والقتال والتدمير بحجج فكرية يتم التحكم فيها عبر منظومة حديثة تصدر أوامر العمليات في صورة (فتوى) يقوم بها ضباط عمليات برتية (شيخ)، ويتم إستخدام القيم الدينية بشكل إنتقائي لإقناع المراهقين ودفعهم لإحداث حالات القتل والتدمير والإجتياح والتفجير داخل المجتمع الواحد، ويتم ذلك بالإستفادة من الجماعات التي تم تربيتها وتدريبها فترة ثمانينات القرن الماضي في معركة إفغانستان وما تلاها.

هذا ويتم العمل على ذلك عبر إدارة اللعبة الدولية (اجهزة المخابرات القوية بالتحالف مع اجهزة مخابرات عربية منساقة مع اللعبة الدولية وتعمل بمعيتها)، (مثل إتفاقية سفاري وما تلاها وما تطور عنها من تحالف مخابراتي دولي)،  بإدارة قوية وماهرة ومنظبطة ومخطط لها، عبر مراكزها ومعاملها ومبعوثيها وسفرائها ومخابراتها ومراكزها الاقتصادية والاعلامية والسياسية وحتى الإنسانية والطبية، بما فيها إستخدام الهلال والصليب الأحمر وأصحاب القبعات البيضاء  – كما حدث في حلب السورية – والبعثات الطبية والمساعادت الإنسانية والطبية أيضاً، فكل شي يمكن إستخدامه وإستغلاله بشكل جزئي او كلي، إنها الوظيفية السياسية التي تستغل كل شي بما فيها الغذاء والدواء والإنسانية لتحقيق أهدافها بوضع كل ذلك برسم الإستخدام والإستفادة، إنها في الحقيقة البراغماتية لتحقيق القتل الإجتماعي.

كما يتم بشكل مخطط له إنشاء وإقامة وتسخير منظمات المجتمع المدني التي يتم تدريبها، ومراكز بحوث ودراسات ومؤسسات اعلامية  (قنوات اعلامية تلفزيونية بقضها وقضيضها) في دول عربية (منساقة مع اللعبة الدولية وتعمل معها)  تعمل في نفس المشروع تخاطب الرأي العام العربي وتغريه وتستخوذ عليه كلياً كلياً، كما تقوم بتبني باحثين يعملون في نفس المنهجية (العمل الجزئي لتحقيق الاهداف) يوفرون لها المعلومات والدراسات والتفاصيل، ويكونوا جنود لمشروعها سوى بقصد او عن غير قصد عبر وقوعهم في فخ (العمل الجزئي لتحقيق الاهداف الكلية)

وهكذا تصبح البُنية الإجتماعية للدولة المستهدفة تحت وقع “القتل الإجتماعي” عبر مجهر إدارة اللعبة وسطوتها وآلتها  التي لا ترحم، تتلاعب بها كيفما تشاء، فتقوم أيادي اللعبة بإدارة هذا الإنقسام وتصعيده ودفعه للتسخين والإنفعال والإشتعال واللعب به وعليه دون أية رحمة او شفقة، وكذلك تقوم برعاية صعود ضعاف البصر والبصيرة والمنغلقين والمنبهرين والجهلة ومحدودي الدراية والخبرة والسذج البسطاء والمنبهرين بالأضواء، المنساقين ذوو المستويات الفكرية تحت وقع ظروفهم وحاجتهم وأيضا نوازعهم وميولهم الفكرية.

هذا وتقوم أذرع إدارة اللعبة وأدواتها  المحلية – سوى على مستوى المنطقة العربية ككل او مستوى الدولة المستهدفة – بالإستفادة من أية حادث عرضي، سوى مشاجرة أو قتل او تفجير، او تقوم هي نفسها عبر اللعبة القذرة بصنع حوادث معينة لزيادة حدة إشتعال الإنفعال والإحتراب وفق الإنقسام وشكله (قبلي – مناطقي – شعوبي أثني – شرائحي – مذهبي )، ويلعب العمل الإعلامي (عبر المراسلين والتقارير والصور والمقاطع بما فيها المفبركة والمكذوبة)  الدور الأكبر في ذلك، عبر قصف تمهيدي بالمصطلحات وتسخين الأوضاع وفق منهج محدد بدقة، ويتم وضع كل ذلك تحت مجهر التواصل والمتابعة والطرق الإعلامي والسياسي، عبر السطوة الكبيرة على وسائل الإعلام والتوجيه والتأثير على المتلقي والمشاهد، وعبر المنظمات الدولية والسفراء والسفارات والإجتماعات والملتقيات الإقليمية والدولية، والأهم فرق أجهزة المخابرات الخبيرة في التخريب الإجتماعي والتي لا ينتبه لها عامة الناس.

وهكذا تأكل الناس الطعم، وعبر الهيجان فتصنع العصبية إنقسامها، وتنجرف في ثقب الفتنة الأسود، ويزداد الأمر حدة مع أبسط حادثة، وتنفتح أفواه وايادي الفتن والسنة لهيبها على البلاد، ويصبح الإنفعال والمنفعلين وصغار العقول والقتلة والمجرمين يتصدرون المشهد، وينجرف معهم بعض المتثيقفين لقيادة هذا الإنقسام، في حالة تعارك وتعادي وتحارب، ويتحول المجتمع الموحد إلى حالة من الحرب الداخلية التي لا تنتهي تستمد ديناميكيتها من التجاذبات اليومية، وتصبح الحقوق قبلية ومناطقية ومذهبية وشعوبية وينعدم الحديث عن الوطن والامة والارادة والسيادة وتنعدم وحدة البلاد والمجتمع.

الأمر الذي نراه جلياً في ما يجري في أُمتنا اليوم بكل التفاصيل في (العراق – ليبيا – اليمن – سوريا وثمة دول عربية أخرى مستهدفة)، حيث تم تحويل مجتمعاتنا إلى مجتمعات متقاتلة ومتحاربة سهل إشعال الحروب والقتال الداخلية فيما بينها، وصارت تقبل وتطلب وترضى التدخل الأجنبي وتنادي  وتفاخر به على بعضها البعض، بل وتعمل معه، وتفتح له البلاد وتعطيه الفرصة لانزال قواته ويضع قواعده وتسلم له الإحداثيات وتعطيه المعلومات والوثائق والمستندات وتحرسه وتحرس افراده ومقاتليه ومسؤوليه وتستقبلهم بالأحضان مجاهرة بدون أي استحياء، بل وتقبل منه فتات ما يقدمه في صورة سيارة قمامة او مخبر او سفر مجموعة وعقد لقاءات في عواصم اوروبية او توقيع إتفاق ما قبلي او مناطقي مع دولة عظمى تملك الأسلحة النووية.

أن علماء الإجتماع العرب، ومعامل البحث الجامعية الأكاديمية  في هذا المجال مدعوين بقوة إلى تمثل دورهم المهم والقيام بمهمتهم التي لا يمكن لأحد غيرهم القيام بها، فالأُمة تتعرض لعملية “قتل إجتماعي” يستهدف وجودها الإجتماعي برمته (وحدة إجتماعية – لغة – بقاء حضاري – سلم إجتماعي – وإرادة مقاومة وبقاء ووجود)، مستهدفة في كيانها الإجتماعي ومحدد البقاء والإستمرار فيها كإرادة أُمة وأوطان، وأيضاً مستهدفة كمجتمعات وطنية يتم اليوم العمل على تفتيتها وتقسيمها وإفقارها ونهبها وتشريد أهلها، وعلى مدرسة علم الإجتماع العربية أن تتصدى لمنهجية (تحويل الإنقسام السطحي الى إنقسام عمودي أثني)، وشرح ذلك وتبصير المجتمع به، وعدم الإنجراف وراء مناهج عمل (الأورمركزية) الموجهة لإُمتنا ودولنا ومجتمعاتنا المحلية، إن ذلك أمر حيوي وضروري لا يجب أن يقصر نحوه علماء الإجتماع العرب، وعليهم رفع رؤؤسهم عالياً والقيام بالدور المنوط كمحاربين في مجالهم الحيوي والمهم.

وعليهم أيضاً القيام بالدور المنوط بهم في تعرية مناهج السوسيولوجيا الكولونيالية القديمة والحديثة وطرق عملها، ومن ناحية اخرى تقديم المناهج المنطقة من ذات الأُمة ومخاضها والمنتجة من لغتها وفلسفتها ودينها (بما في في ذلك من جينات ونخاع شوكي فكري يمكن أن يحفز المقاومة والبقاء والوجود) أي من مدرسة الإُمة الإجتماعية في العلوم الإنسانية بتفرعاتها، وعدم ترك علماء إجتماع اللعبة الدولية ومناهجهم يخربون مجتمعاتنا ويدفعونها لتدمر نفسها بنفسها وبإدارة معامل البحث الخطيرة جداً، وادارات المخابرات الغربية سيئة السمعة وألاعيب رجالها، ومبعوثيها، وذوو ربطات العنق الذين يخفون سمومهم في التفاصيل وخلف تلك الإبتسامات والإحضان والترحيب.

والله من وراء القصد

 

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :