القصيدة التي أخجلَها العجزُ

القصيدة التي أخجلَها العجزُ

د عبير خالد يحيي

هي

بُؤبُؤُ المعنى حين يُغمضُهُ العالمُ

كأنّ البصيرةَ ضوءٌ يُطفأُ عند المساء.

مدينةٌ… تُنادي بلغةِ الحطام،

تخيطُ تراتيلها بإبرِ الشظايا،

وتنقشُ أسماءَ موتاها

على ظهرِ الريح.

غزّةُ…

طفلةٌ تُرضِعُ الملحَ لدمى الطين،

تُهدهدُ صراخها بأغنيةٍ مشقوقةٍ من خاصرةِ المدى،

وتنامُ…

ليحلمَ عنها الحجر.

كلُّ الجهاتِ غابت،

أعطت ظهرَها للبوصلة،

وكأنَّ العالمَ..

أغلقَ النشرةَ،

ونامَ على جُفنِ الإبادة.

ونحنُ..

كتبنا عنكِ

بالمدادِ الذي سالَ من العجز،

زيّنا حروفَ القصائدِ

بورودٍ ذابلةٍ من خجلِ النسيان،

وغنّينا لكِ..

من خلفِ الزجاجِ المُحكمِ بالهزيمة.

غزّةُ…

كفٌّ صغيرةٌ تلوّحُ للعدم،

تتسلّقُ قاماتِ الله…

ولا يراها أحد.

والعالمُ؟

مرّ كأعورٍ في قاعةِ المرايا،

يرى من المجزرةِ ظلًّا،

ومن الطفلِ…

رقمًا في بيان.

يرتّبُ مؤتمراتِه على وقعِ الجراح،

ويغسلُ يديه

ببياناتِ الشجبِ المعقّمةِ بالعار.

مضى يتأمّلُ الحرائقَ من بُعد،

كأنّ الدمَ

مشهدٌ فنيٌّ..

لوحة

في معرضِ الإنسانيةِ المؤجَّلة.

كلّما صلّينا،

كانت غزّةُ تسجدُ

على أرضٍ فقدتْ سمعَ السماء.

كلّما بكينا،

كان طفلٌ هناك

يُعيدُ تشكيلَ الدمعِ

بصورةِ وجهِ أمّه المقطوع.

غزّة…

أنتِ الوحيُ الذي أنكرناه،

والدمُ الذي ارتدّ إلى حناجرنا،

أنتِ الحكايةُ

التي تمشي بلا راوٍ،

بلا منفى،

بلا موعدٍ للقيامة.

لكن ..

في قلبِ كلِّ ركام،

ينامُ برقٌ صغير،

ينتظرُ طفلًا..

يكتبُ اسمه على جدارٍ لم يُقصف بعد.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :