استقلال السلطات الثلاث من المبادئ الأساسية المستقرة في النظم المعاصرة، حيث ظهرت السلطة القضائية واحدة بين هذه السلطات التنفيذية والتشريعية التي تعمل على حل الخلافات التي قد تظهر بين الأفراد فيما بينهم أو بينهم مع الدولة سواء كانت في مجال العلاقات الخاصة أو كانت من قبيل الخلافات التي تطغى عليها الطبيعة العامة أو تلك التي تخل بالنظام والآداب العامة، بحيث يعد القضاء الأداة التي تسهم وتحقق مكنة رد الحقوق إلى أصحابها ومعاقبة الجناة أو كل من تسول له نفسه المساس بالأمن والنظام العام.
يسهم القضاء في تعزيز الأمن والاستقرار في المجتمع من خلال مكافحة الجريمة وتطبيق العقوبات على المخالفين.
عن طريق توفير نظام قضائي فعال ومستقل، يتم تحفيز الأفراد على احترام القوانين وتجنب السلوكيات الضارة، مما يؤدي إلى خلق بيئة أكثر أمانًا واستقرارًا للمجتمع.
إن وظيفة القضاء الأساسية هي حل النزاعات من خلال تطبيق المعايير الموجودة مسبقًا، أو في بعض القضايا السابقة، التي صدرت بإجراءات شرعية
مُعترف بها من قِبل النظام السياسي.
فالعدالة ضرورة تمس حياة الأفراد والمؤسسات، وتؤثر بشكل مباشر في تعزيز حد الثقة بالدولة، وجذب الاستثمارات، وترسيخ الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي. وأثبتت تجارب الدول المختلفة أن لا تقدم في أي مجتمع دون قضاء قوي ومستقل يضمن حماية الحقوق، ويسهم في تحقيق التوازن بين مختلف المكونات داخل إطار الدولة.
فالقضاء هو نظام الحكم في دولة، وتتولى السلطة القضائية شؤونه. في القدم كانت على يد الرسل ورجال الدين وكانت تطبق الشرائع السماوية أما في وقتنا الحالي، فعلى يد القضاة الذين يًختارون من بين دارسي القانون ويطبقون القانون الوضعي؛ حيث أن السلطة القضائية هي سلطة الفصل في المنازعات المعروضة أمامها وهي المسؤولة عن القضاء والمحاكم في الدولة والمسؤولة عن تحقيق العدالة ، كما أنها مسؤولة عن مسيرة وتقاليد القضاء في الدولة ومصداقية القوانين التي تطبقها ، ويعرف مبدأ استقلال القضاء بأنه قاعدة تنظم علاقة السلطة القضائية بغيرها من سلطات الدولة.
فليساهم القضاء في حماية الأفراد من الانتهاكات التي قد تتعرض لها حقوقهم، سواء كانت هذه الانتهاكات صادرة عن جهات حكومية، أو من قبل الأفراد. ضمان المساواة بين الأفراد: يساهم القضاء في ضمان المساواة بين الأفراد، حيث يحمي حقوق جميع الأفراد بغض النظر عن جنسهم، أو عرقهم، أو دينهم، أو أي تمييز آخر.
وتتمثل مبادئ القضاء في مبدأ الحق في التقاضي، مبدأ استقلال القضاء ، مبدأ حياد القاضي ،مبدأ المساواة أمام القضاء.
يوجب القانون الأساسي للقضاء على القضاة أن يحسّنوا مداركهم العلمية ويلزمهم بالمشاركة في أي برنامج تكويني، وبالتحلي بالمواظبة والجدية خلال التكوين، عليهم أيضا أن يساهموا في تكوين القضاة وموظفي القضاء، وينقسم التكوين الذي يتلقاه القضاة إلى تكوين قاعدي والمتخصص وآخر تكوين مستمر.
فالمبادئ القضائية هي تلك الأصول الجامعة والقواعد الكلية المقررة، والتي جاءت في مجال التقاضي. في تحصيل مصالح العباد ودرء الشر عنهم ولتحفظ لهم الحقوق وتجلب لهم الأمن وتنشر العدل وترفع الظلم.
إذاً الوصول إلى العدالة يتطلب توفير نظام قانوني يكون عادلاً وموثوقًا به، حيث يتم تطبيق القوانين بشكل عادل ومتساوٍ على الجميع دون تمييز. الوصول إلى العدالة يتطلب أيضًا توفير وسائل فعالة ومعقولة لحل النزاعات والمنازعات، سواء كانت قضايا جنائية أو مدنية أو اجتماعية.
يعد مبدأ استقلال القضاء من أهم مرتكزات دولة الحق والقانون فالسلطة القضائية تكسي أهمية خاصة باعتبارها ضمانة احترام حقوق الإنسان وحماية مصالح الأفراد والجماعات وباعتبارها الآلية المعهود إليها ضمان سيادة القانون والمساواة أمام مقتضياته، فعن طريق القضاء المستقل يتحقق العدل وتصان الحقوق ويتضاعف شعور المواطن .
استقلال القضاء في الشريعة الإسلامية يصب في سياق أن لا يخضع القضاة والمحاكم في الدولة تحت تأثير السلطة التنظيمية أو السلطة التنفيذية أو أي شخص أوجهة أخرى، إن أخطر ما يهدد استقلال القضاء هو تدخل السلطة التنفيذية فيه بطرق وأساليب مختلفة.