الكاتبة التونسية فاطمة الزهراء بناني لفسانيا: أتخوف من الرواية وأعشق أدب الطفل

الكاتبة التونسية فاطمة الزهراء بناني لفسانيا: أتخوف من الرواية وأعشق أدب الطفل

  • حاورها :: سالم الحريك

معلمة وأم وجدة. سليلة بيت علم وفقه ونشأت طفولة تراوحت بين المحافظة والانفتاح، المسرح أقرب المجالات إلى قلبها ولكنها كتبت بشكل أكبر في أدب الطفل. وتقول الجميع يمكن أن يكتب للطفل ما دام كل شخص يحمل في داخله طفلا لا يشيب ولا يكتئب. حوارنا مع الكاتبة التونسية. فاطمة الزهراء بناني.

فاطمة الزهراء بناني

بداية من هي فاطمة بناني؟ و كيف تقدمين نفسك للقراء الكرام؟

فاطمة الزهراء بناني سليلة بيت فقه وعلم، إذ كان جدّاي مؤدبان يُدرّسان الصغار القرآن الكريم. وأبي طالب في الجامع الكبير بقفصة حيث حصل على الأهلية التي تخول له التدريس في المدارس الفقهية.

نشأت طفولة تراوحت بين المحافظة والانفتاح مثل أي فتاة تونسية بين 5 صبيان وشقيقة كنت أصغرهم، وكانت طفولتي متوازنة وجميلة لم تخلف في نفسي غير كل ذكرى جميلة وطفولة هادئة، تفوقت فيها في كل أقسام المرحلة الابتدائية، وقد قفزت قسم السنة الأولى لتفوقي. كما عرفت حبا ودلالا من قبل أهلي وإخوتي الذكور الذين كانوا لا يبخلون علي بالهدايا والمساعدة في تحصيل العلم والمطالعة والتشجيع الكبير وقد جعلني ذلك معتدة بنفسي حد الغرور أحيانا.

وتتالت نجاحاتي في التعليم وتحصلت على شهادة ختم الدروس الترشيحية في المدارس العليا للمعلمين. ولدت في ولاية القصرين وهي ولاية حدودية مع الشقيقة الجزائر وانتقلت إلى العاصمة ثم عملت بولاية نابل وتزوجت هناك، أم لطفلين وبنت، أكبرهم متزوج ولي حفيدان.

كما تذكرين سليلة عائلة علم وفقه. هل كان لذلك أثر بالغ في تكوينك ونشأتك مع عالم القراءة؟

الوسطية الإسلامية التي عشتها كان لها أثر كبير في كتاباتي إذ غلب عليها الحث على التسامح والاعتدال وعدم المغالاة في الحياة، وفي الدين ومثله في أمور الحياة عملا بقول أحد الحكماء:اعمل لدنياك كانك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا. س3 / كيف كانت رحلتك مع عالم الأدب؟ ومن أي الأبواب دخلتِ هذا الباب؟ كانت بداياتي الأولى في المدرسة بفضل تشجيع المدرسين. وفي المعهد شاركت في أنشطة ثقافية كنوادي الأدب وكتبت في المجلات المدرسية وحضرت مع زميلاتي وزملائى مسرحيات وحفلات اختتام السنة الدراسية. وفي التعليم العالي برزت كتاباتي في النوادي وإعداد الخطب الديباجات الخاصة بالتظاهرات الثقافية. وكنت أكتب وأحفظ كتاباتي في دفاتر أجلتها إلى بعد التخرج والزواج ثم انطلقت بقوة في سنة 2000. حيث بدأت أبحث عن دور النشر و المجلات للكتابة فكتبت خاصة في مجلة قطر الندى التونسية ومجلة عصافير الجزائرية.

تكتبين في القصة والشعر والمسرح وأيضا الرواية. ما الأقرب إلى قلبك بين كل ذلك ولماذا؟

المسرح الأقرب إلى قلبي وأدب الأطفال أكبر إلى عملي و الرواية أتهرب منها لأن الكتابة فيها تتطلب جرأة وأجلتها إلى أن أجد الشجاعة الكافية.

ذكرتِ أن الرواية تتطلب جرأة أكبر ولكن أي جرأة تحديدا تودين أن تتواجد في رواياتك؟

الرواية تتطلب تعرية لواقع العيش، والواقع كما تعلم أصبح حافلا بالسلبية والفساد، فإذا بسطته بأمانة اتهمت بالتحرر والتفسخ والتشجيع للفساد وغيره. فنوال السعداوي وما أدراك جنت من كتاباتها الكراهية والنبذ وحتى الطرد من عملها.

نفهم من ذلك أنك تفضلين عدم الخوض في الرواية أفضل من أن تكتبي رواية قد لا تعبر حقيقة عما تريده فاطمة بناني؟ أميل للرواية الرومانسية أكثر فقد كنت من المغرمات بكتابة جبران وميخائيل نعيمة ومصطفى لطفي المنفلوطي.

على ذكر هؤلاء الأدباء المشاهير. بمن تأثرت فاطمة بناني في قراءاتها من حيث الأسماء بشكل أكبر؟

قرأت كثيرا لجبران خليل جبران و كذلك نجيب محفوظ.

على ذكر جبران. حدثينا عن الشعر والتجربة الشعرية لدى فاطمة بناني؟

هي أيضا بدأت من سن المراهقة ثم غيرت المنحنى إلى الأنشودة والشعر الحر والملحون بالفصحى والعامية أما العاطفية فلم أكتب فيها إلا لنفسي.

حدثينا الآن عن أدب الطفل. كيف كانت أولى تجاربك مع هذا النوع من الأدب؟

كانت في مجموعات قصصية الأولى ثمان قصص مع دار يس للنشر والتوزيع. ومجموعة إلكترونية على منصتيْ كندل و أمازون تعاملت فيها مع دار طوقان للنشر والتوزيع الورقي والإلكتروني وهي دار فلسطينية. كما كتبت في بداياتي قصصا متواترة كصيد الساحرات والكلب الوفي ومحفظتي الأولى و كتيب للنشيد المدرسي ولي عشرة حكايات في كتاب جامع مع مؤلفين آخرين بصدد المراجعة والتدقيق مع دار تونسية دار الأجيال للنشر والتوزيع تم فيها تحويل الخرافة التونسية من العامية إلى الفصحى تكريما للحكواتي التونسي المرحوم عبد العزيز العروي طيب الله ثراه.

ما تقييمك لمستوى الاهتمام بأدب الطفل داخل تونس اليوم وحسب معرفتك ربما ببعض البلدان الأخرى؟

طفل المجتمع العربي يقاسي من رواسب اجتماعية وسلوكية كعدم تقبل الآخر أحيانا مُعتقَده لونه حالته الاجتماعية وهو إرث ثقيل لازال يرزخ تحته إلى اليوم. لم تراع نفسية الطفل ولا صغر سنه فنتهمه بالضعف وقلة الرجولة إذا بكى ونصفه بصفات الأنثى التي لا اعتبار لها في ذهن القبيلة أو السلطة الأبوية فهي حمل ثقيل يتخلص منها منذ سن مبكرة ولم تشهد الطفولة اهتماما إلا في الثمانينات أو التسعينات من القرن الماضي في حين ابتدأت في الغرب منذ بداية القرن التاسع عشر.مع أشعار جون دولافنتين وفيكتور هيقو وغيرهم. وبياجي وديكارت…

ما الذي ينقص أدب الطفل حتى يحظى بالاهتمام الذي يستحقه؟

ينقصه اهتمام كل الأطراف المشاركة في صنع شخصيته من عائلة ومدرسة ومجتمع اهتماما هادفا لا شكليا. لكن خطر العولمة والحواسيب جعل كل الأطراف تتفطن إلى الخطر الداهم وأسرعت تلملم ما تبقى وتحاول إعادة الاعتبار للكتاب من جديد.

من الذي يستطيع الكتابة في أدب الطفل بشكل أفضل؟

هل يشترط فيه مثلا أن يكون نفسيا وتربويا قد خاض تجربة الأبوة أو الأمومة أو أن يكون في مهنة التدريس ولديه قرب نفسي وعاطفي مع الأطفال؟ أن يكون ملما بالجانب النفسي والبيداغوجي والمعرفي وليست الأمومة أو الأبوة شرطا من شروط النجاح دائما في الكتابة للطفل ولكنها تضيف للكتابة جانبا وجدانيا وحسيا حقيقيا لا نظريا. الجميع يمكن أن يكتب للطفل ما دام كل شخص فينا يحمل في داخله طفلا لا يشيب ولا يكتئب.

كيف تحدثينا عن تجربتك وأعمالك في هذا المجال؟

لا زلت في خطاي الأولى أتلمس ملامح الكتابة من خلال طلابي وأحفادي وأتهجى أبجدياتها منتظرة التقاعد القريب إن شاء الله لأتفرغ نهائيا وأكتب أدبا ناضجا في كل أنماط القصة والشعر. وأعتبر نفسي لم أبدأ بعد فعندما أفرض اسمي فرضا أكون بذلك قد وضعت خطى ثابثة على طريق الكتابة للطفل وأرجو أن يتحقق لي ولغيري من الكتاب الذين بدأت أعمالهم تلهم الأطفال والأولياء.

تكتبين في هذا المجال وأنتِ أم وجدة وأيضا مدرسة ابتدائي. ولكن هل هناك توجه ربما من الكُتاب والكاتبات الشباب إلى هذا النوع من الأدب؟

شبان كثر من يطلبون مني المساعدة من مصر والجزائر والمغرب وفلسطين ولبنان ويرسلون لي نصوصهم فأفيدهم بالنصيحة وأستفيد من تجربتهم ويعطوني كمّا هائلا من الطاقة الإيجابية. كما أن ثلة لا بأس بها من طلابي السابقين يكتبون الشعر والقصة و مجموعتي كتابات بناني رسمت لوحاتها إحدى طالباتي التي هي اليوم رسامة ومدرسة.

ما توقعاتكِ لأدب الطفل في تونس في المستقبل القريب؟ ردة فعل قوية بعد الثورة لتحصين الطفولة من الإرهاب و الاستغلال تقف سدا منيعا بين أفكار متشددة جديدة مخالفة للوسطية التونسية جعلت الولي والمربي و النخبة المثقفة واعية بهذا الخطر، تدعو لخلق فضاءات ثقافية للحماية من هذه الثورة المزعومة التي جاءت بالويلات للطفل العربي عموما. نتفاءل خيرا إن شاء الله بعد أن سقطت كل الأقنعة وتعرت كل الحقائق.

كلمة أخيرة في نهاية الحوار

أتمنى للطفولة مستقبلا أفضل من هذا، داعية الولي أن يقرأ لابنه منذ السنوات الأولى حتى يأنس القراءة. ملتمسة من الإعلام أن يستدعي الأطفال المبدعين ويشجعهم ويحفزهم بالجوائز والشهادات التقديرية فالطفل أب الإنسان. وشكرا لهذا الحوار الراقي ولهذه اللفتة الكريمة دام لقاكم.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :