المدرسة كما لم أرها من قبل!

المدرسة كما لم أرها من قبل!

تَنّوَه  

مايشبه ترسب التجارب والمعرفة

  • سعاد سالم

soadsalem.aut@gmail.com

عام دراسي سعيد

تزدحم المواصلات العامة هنا ومنذ فتحت المدارس بعد عطلة الصيف، أخرج مبكرا لأجد مكانا في الباص رقم 84 الذي يمر بالمحطة التي يستغرق الوصول إليها بالخطوات نصف الهولندية نصف الليبية حوالي الأربع دقائق باستخدامي مؤخرا للمسلّمة الحسابية التي تقول أقصر طريق بين نقطتين هو الخط المستقيم، المهم أنه ومن أجل حبي للباصات شبه الفارغة والشوارع شبه المقفرة (لم تعد متاحة في هذا الوقت منذ عودة المدارس) أخرج من بيتي في السابعة وأربعين دقيقة، لأستقل باص الساعة الثامنة إلا تسع دقائق، ستتساءلون هذا وقت طويل في طريق لايستغرق أربع دقائق، نعم أفضّل الانتظار على اللُهاث، ولكن خلال هذا الانتظار يسمح لي الوقت الفائض بمراقبة وفهم طبيعة أن يكون العام الدراسي سعيدوينقّز،

أطفال السنوات الأولى من الدراسة والتي تبدأ من عمر الرابعة مع أمهاتهم، نادرا مايستخدمن المواصلات أو شبه منعدمة بسبب من أنه في كل حي وكما هو في الحي الذي أسكنه هناك مدرستين أو أكثر، مع المشي في العام الدراسي سنرى دائما طابورا من الصغار مع معلماتهم في بداية الطابور الذي يتكون من صفين من أطفال الابتدائي وفي نهايته، يعبرون الشوارع نحو الحديقة المجاورة أو مزرعة الحيوانات الأليفة أيضا في نفس الحي وأحيانا نلتقي بهم في السوبرماركت وفي الترام أو الباص إن كان المشوار يتطلب ذلك، بحيث يتم دمجهم في الحياة خارج المدارس التي غالبا بلا أسوار أو بأسوار قصيرة لاتحجبهم أو تفصلهم عن محيطهم، طوال الوقت الأطفال في المدرسة وفي الحياة خارجها في ذات الوقت  إضافة للمرح واللعب والتسلي سيتعلموا كيف يحترمون إشارات المرور ،كيف يتوقفوا ليسمحوا للكبار بالعبور، كيف يحيون السائقات والسائقين حين يعبرون الخطوط البيضاء رغم أن وقوف السيارات اجباري فيما عدا في الشوارع الرئيسية التي يخضع فيها المشاة والدراجات والسيارات للإشارات الضوئية حمرا وخضرا، إذاً حتى المدرسة لن تخفي التلميذات والتلاميذ فيما ينهمكون في التعلم، إنه عام دراسي سعيد حتى لمشاهدة مثلي تقف من على مسافة من ذكريات عليها يهيّل السافي. 

الكيّاس الأحمر

تعودت على الوقوف ، أعني لم يعد يزعجني الوقوف، كما لو كان الجلوس أو البحث عن كرسي عادة أكثر منه احتياج، عندما لاحظت أن الوقوف لايضني أحدا حتى المسنين،كما وإنه ينقص الوزن، ولكن فيما لوخطر أن تسألن أو تسألوا لماذا أريد كرسيا في الباص؟ سأقول أولا أنا لست هولندية، ثانيا لا أحبذ الوقوف في الباص حين يكون ممرها مزدحما، فلا أعرف أين أنظر أو كيف احافظ على توازني وعلى عدم اقتحام مساحة خاصة بي او بآخرين، المهم ماأوصلني لهاذي التفصيلة أن وقوفي الممتع في انتظار الباص رغم شغور المقعد في المحطة، بينما في هذا الوقت يكون وفي الجوار مجموعة صغيرة من تلاميذ المدارس في مراحل الاعدادية والثانوي ينتظرون الباص، فإن عددهم لايقارن بالطائرات والطائرين فوق الدراجات، فعلى الممر الخاص بلبشكليطات بإسفلته الأحمر أفواج لاتتوقف من عشرات التلميدات والتلاميذ بالملابس العادية وبحقائب نحيفة ،تطيّر الشعور والشعر والملابس مع الكلام والضحك وبعضهم فردانا مع سماعات الأذن ومع ألحانهم الخاصة ، ويمكن القول أن الشارع يزدحم عن آخره بطاقة الحياة التي هى في آخر الطفولة وبداية الطريق،  وبإمكان هاذي المشاهد الساحرة أن توحي لي بأنه لن يوقفهن/هم شيء وليس أدل من ذلك ،على قطعان الدراجات التي هى جيادهم، في الصحو وتحت المطر والريح على استعداد دائم لتغيرات المواسم في اليوم الواحد، وستصلني في مكاني ذاك مشاعر اطمئنان و بصورة ما على البراعم وهي تشق طريقها للنمو، أجساد قوية وبيئة ودودة ، فالدراجات التي تقريبا يولدون فوقها إنما هى تطلقهم في الشوارع كما لو أنهم ريح الخريف الممتعة، فينشرون الانتعاش في الشوارع ويخففون السنوات الثقيلة عن كتفيَّ،لا أتذكر أنه غمرتني تجاه مدرستي أو المستقبل أي نوع مشابه من هذه الأحاسيس.  

دا ببليوتيك = المكتبة العامة

قرأت موخرا عن قرار صادر من جهة ما أن لا تجمع المؤسسات التعليمية بين الروضة والمدرسة ، ناهيك عن واقع فصل الجنسين في التعليم الأساسي. كنت قبل انتقالها أعمل في مكتبة لومبارداين العامة والتي كانت تشترك بممر جداره زجاجي وباب أيضا من زجاج يسمح في توقيت وأيام محددة من استعماله للدخول إلى المكتبة، غالبا يوم الأربعاء حيث الدراسة تنتهي منتصف النهار وباقي اليوم قد يقضيه الصغار في المكتبة إضافة للنشاطات التي تقوم بها المكتبة بالتنسيق مع المدرسة، فليست الكتب متاحة في تلك المساحة الرائعة وفقط ولكن أيضا الكمبيوتر وامكانية استعارة السماعات وحجز دور في ألعاب الفيديو ، وهناك الرسم ، والاستمتاع بالقراءة والنقاشات وتبادل المزاح والضحك الحر ، لا سكون أو صمت في المكان ،ما فيش أٌسسسسس ، بإمكانهم  خلع أحذيتهم والاستلقاء على الأرضية المغطاة بالسجاد أو الجلوس على الكراسي البديعة الدوارة ،لكن ماذا يمكنني أن أشاهد من خلال الممر الزجاجي ذاك في الساحة الخارجية؟ إي نعم، أطفال في عمر الرابعة أو يقتربون منها مع بداية العام الدراسي، مع عدد من المعلمات أو الراعيات وكل مايفعلنه مراقبة الصغار أثناء اللعب وهي ما يسمى الآن في ليبيا بالتمهيدي مع عام في العمر زيادة والتزام ببعض الدروس زيادة وروضة بعيدة الآن عن المدرسة في ليبيا وعن نظام التعليم في هولندا..

شيءٌ ما،مزعج

يوم 5 سبتمبر من هذا العام امتحان الكتابة في اللغة الهولندية، انضممت إلى مدرسة اللغة مجددا سعيا وراء مستوى أعلى يرضيني ، واحدة من المهمات المكونة من أربع اسئله، كتابة ايميل لأستاذ طفلة لي لم تعد ترغب في الذهاب إلى المدرسة،والمهمة تتلخص في طلب موعد لمعالجة مشكلة هذه الطفلة، وهكذا كتبت الإيميل الافتراضي حتى وإن لست متأكدة من مشاعري تجاه هذه الأزمة، ولأنني تعلمت من ضمن ما تعلمت ألا آخذ مواضيع الكتابة الخاصة بالواجب، أو الامتحانات بجدية، ولأن المهم ليست الفكرة أو أي شيء آخر غير الانتباه أن يكون الإيميل كتب بطريقة وقواعد صحيحة بما فيها أسلوب المخاطبة ونوع تحية الختام  فضلا عن الفواصل والقاطعة وعلامة التعجب! وبعدما انهيته،عرفت أنني غفلت عن ذكر أشياء مهمة تتعلق بالطفلة مثلا: في أي مجموعة الصغيرة التي سميتها سارة، إذ سيصعب على المعلم كرينج أن يعرف المعنية في ايميلي بسهولة!!!! المجموعة هي بمثابة الرقم الوطني في المدرسة ،أنا أعرف أكثر عن هناك، عن مدارس وصغار ليبيا يا إليزابيت، وسأكتب عنهم في مرة قادمة.

_____ 

* أستاذة اللغة الهولندية في مدرسة ساخين.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :