رأس السنة الأمازيغية عيد شعبي تحتفل به العائلات الأمازيغية في بلدان شمال افريقيا لقرون، وعلى الرغم من مضي خمس سنوات على ترسيم الأمازيغية في المغرب فلا زال هذا العيد غير معترف به من طرف الدولة، رغم المطالب المتكررة منذ عقود للجمعيات الأمازيغية في هذا الإطار.
هذا ويخلد أمازيغ العالم كل عام السنة الأمازيغية الجديدة وفق التقويم الأمازيغي الذي يعود لفترة انتصار الأمازيغ على الفراعنة وحكمهم لمصر الفرعونية لحوالي قرنين، بداية بالملك “الفرعون” الأمازيغي شيشونغ، الذي حقق انتصارات كبيرة شملت إسرائيل، ووسع حدود مصر الفرعونية إلى الشام وليبيا والسودان ووحدها مملكة واحدة.
– اكتشاف قبر شيشونغ:
تعرف العالم على هذا الفرعون الأمازيغي شيشونغ أو شيشنيق أو شيشونق أو شيشونگ، بعد اكتشاف مقبرته من قبل الفرنسي البروفيسور مونيته في سنة 1940م، والتي وجدت بكامل كنوزها ولم تتعرض للنهب، ولحجم الفضة التي عثر عليها بمقبرته سمي بالفرعون الفضي، وكان هذا الاكتشاف سيشكل حدثا هاما مثل حدث اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون، لولا أن توقيت هذا الاكتشاف كان على أعتاب الحرب العالمية الثانية فلم ينل التغطية والاهتمام كما حدث عند اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون.
– حكم شيشونغ
استطاع شيشنق أن يتولى حكم مصر ويحمل لقب الفرعون، وأسس بذلك لحكم أسرته “الأسرة الثانية والعشرين” في عام 950 قبل الميلاد، التي حكمت قرابة قرنين من الزمان. وقد عرفه الإغريق فسموه سوساكوس.
خلال حكم الأسرة الحادية والعشرون الذي دام مائة وثلاثين عاما تقريبا، عصفت الأحداث بمصر من الداخل والخارج وعم الفساد بالدولة، كما أنهكت الضرائب كاهل الشعب، مما أدى إلى تفكك البلاد ولم يجد الفرعون بداً من محاولة حل المشاكل سلميا، واضطر من خلالها إلى مهادنة مع إسرائيل التي كانت قوتها تتعاظم في فلسطين تحت حكم داود، وفي هذه الفترة ظهر شيشنق وتزوج من ابنة الفرعون بسوسنس الثاني آخر ملوك هذه الأسرة، وأعلن قيام الأسرة الثانية والعشرين، وكان ذلك حوالي عام 940 قبل الميلاد. تتجه الروايات التاريخية اتجاهين في ذكر سيرة شيشنيق ، فالاتجاه الأول، يرى أن شيشنيق وصل إلى حكم الفراعنة عن طريق السلم والكفاءة الذاتية والترقي في المناصب السياسية، إذ كان قائدا للجيوش المصرية الليبية، ومستشارا للملك الفرعوني. بينما اتجاه آخر يذهب إلى أن شيشونغ، الزعيم الليبي الأمازيغي المقاوم، قد استولى على عرش مصر بفضل تضعضع الحكم الفرعوني بعد فترة حكم رمسيس الثالث ثأرا وانتقاما بسبب مجموعة من الهزائم التي مني بها الجيش الليبي في مصر.
بالنسبة لعمر الأسرة التي أسسها شيشنق فقد خص مانِتون الأسرة الثانية والعشرين بمائة وعشرين عاما فقط، ولكن التسلسل الزمني المقبول حاليا يجعل المدة تزيد على قرنين كاملين، من 950 ق.م إلى 730 ق.م.
أول عمل قام به هو تعيين ابنه أوبوت كاهنا أعظم في طيبة ليضمن السيطرة على هذا المركز الهام، وبعد ذلك بدأ بتنفيذ برنامج عمراني واسع ماتزال آثاره الخالدة حتى هذا اليوم، منها بوابة ضخمة تعرف الآن باسم بوابة شيشنق، وكانت تدعى في عصره ببوابة النصر، وهي جزء من امتداد الجدار الجنوبي لبهو الأعمدة الشهير، وقد سجل على هذه البوابة كعادة الملوك المصريين أخبار انتصاراته في فلسطين وتاريخ كهنة آمون من أبناء أسرته.
– انتصارات شيشونغ في إسرائيل:
وعلى جدار معبد الكرنك سجل شيشنق انتصاراته الساحقة على إسرائيل، وقد حفرت هذه الرسوم على الحائط الجنوبي من الخارج. وبهذه الفتوحات والغزوات يكون شيشنق قد وحد منطقة مصر والسودان وليبيا والشام في مملكة واحدة لأول مرة، ونقوشه تصور ما قدمته هذه الممالك من جزية بالتفصيل وبتحديد حسابي دقيق، مما يؤكد أنها لم تكن مجرد دعايات سياسية طارئة كما يتضح أن شيشنق لم يضم الشام كلها فحسب بل ضم السودان.
– ذكر شيشونغ في التوراة:
ورد ذكره في التوراة (ملوك أول 14/25ـ 28)، كان حاكماً قوياً رفع من شأن مصر، كان يريد بسط نفوذ مصر على غرب آسيا، فسيطر على لبنان وفلسطين. كان يربعام من قبيلة إفرايم يرى أنه أحق بالمملكة من النبي سليمان، فثار على سليمان بعد أن منحه شيشنق الحماية، وذلك على الرغم من العلاقة الطيبة التي كانت تربط شيشنق بسليمان، وبعد موت سليمان استطاع يربعام أن يتولى قيادة عشرة قبائل عبرانية ويستقل بها وسماها المملكة الشمالية. وفي عام 926 قبل الميلاد ،وبعد موت سليمان بخمسة سنوات، قام شيشنق ملك المملكة الجنوبية، بمهاجمة رحبعام بن سليمان ونهب كنوز الهيكل، وقد دمر القدس وسبا أهلها وأخذ كنوز بيت الرب يهوذا وبيت الملك، وآلاف الأتراس الذهبية المصنوعة في عهد الملك سليمان، كما قام بحملات خاطفة دمر فيها عشرات المدن اليهودية والمستعمرات التي في سهل يزرل وشرقى وادي الأردن، كما يبدو أنه هاجم المملكة الشمالية أيضاً، وتدل النقوش التي على معبد الكرنك أن شيشنق هاجم كل فلسطين فأخضع فيها مائة وستة وخمسين مدينة، وقد دونت أخبار هذه الحملة على جدران معبد الكرنك في مصر.
كما تروي التوراة (الملوك الأول، 14:25) “وفي السنة الخامسة للملك رحبعام صعد شيشق ملك مصر إلى أورشليم 26، وأخذ خزائن بيت الرب وخزائن بيت الملك وأخذ كل شيء وأخذ جميع أتراس الذهب التي عملها سليمان27، فعمل الملك رحبعام عوضا عنها أتراس نحاس وسلمها ليد رؤساء السعاة الحافظين باب بيت الملك 28”.
يشار إلى أن التقويم الأمازيغي مبني على النظام الشمسي، ويعتبر رأس السنة الفلاحية هو رأس السنة الأمازيغية، وبخلاف التقويمين الميلادي والهجري، فإن التقويم الأمازيغي ليس مرتبطا بأي حدث ديني أو تعبدي، بل مرتبط بحدث تاريخي، إذ بني على تاريخ هزم الأمازيغ للمصريين القدامى واعتلاء الملك الأمازيغي شيشونغ “شيشنق” الأول العرش الفرعوني زمن رمسيس الثاني.
أمدال بريس/ ساعيد الفرواح