د : سالم الهمالي
في ليبيا عموما، لا يمكن الحديث عن الأفضل والأصلح، فذاك أمر خارج نطاق الواقع لعقود من الزمن، وبالنسبة لي (بدون أدنى شك). إنما هي مقاربة بين الأوضاع واختيار الأقل سوءا والأكثر منفعة! سبها مدمرة في بنيتها التحية، تقريبا بشكل شبه كامل، فلا تكاد تجد (100) متر بدون تجريف وحفر، بعضها لا تستطيع تجاوزه إلا بسرعة 3-5 كم/ساعة. لكن هناك تطور كبير مقارنة بأوضاع (2017/2016)، فالحركة في الشوارع أكثر بكثير، والمحلات مفتوحة من أول الصباح إلى آخر الليل، والحركة التجارية تنامت بنسبة عالية. هناك أزمة في المحروقات وانقطاع للكهرباء بساعات أقل من طرابلس على سبيل المثال.
قبل ثلاث سنوات، أغلب من أعرفهم في منطقة البوانيس يتجنبون الذهاب إلى سبها كليا، أما الآن فهناك حركة نشطة على الطريق العام بشكل ملحوظ. الشاحنات التي تقضي ليلها في مشروع سمنو أو محطة تمنهنت بالعشرات، محملة ببضائع من كل الأصناف. الاحتقان الاجتماعي أخف بصورة كبيرة، التزاور بين أبناء مختلف القبائل أصبح أمرا عاديا ولا يستدعي الانتباه. النشاط العمراني الخاص ينمو، بالرغم من وجود اختراقات (سرقة سيارات، نهب أموال، وأحيانا اغتيالات، لكنها أقل جدا جدا عما كان عليه الحال قبل أربع سنوات. الإدارة ضعيفة جدا، ويبدو أن ذلك مرجعه إلى تنازع تبعية سبها لحكومات الشمال، كل طرف يحاول أن يجذب فريقا إلى صالحه، والنتيجة أن سبها تخسر أكثر فأكثر. الأجسام التي تدّعي تمثيل سبها ليس لها عمق اجتماعي، فالناس منشغلون بقضاء ضرورات المعيشة (بنزين، نافتة، غاز، سيولة).
لأول مرة منذ سنة (2011) تجولت في أغلب مناطق مدينة سبها، بدون خوف من اعتراض “الفيرنا”، وإن وجب القول إنها لا تزال لها صولة وجولة وضحايا من حين لآخر. منظر انتظار الناس لأسطوانات الغاز بالساحة الشعبية أمر مزعج، مئاتٌ وقوفٌ في درجة حرارة تتجاوز الأربعين لعلهم يحصلون على أسطوانة بخمسة دنانير! الأشجار أكثر اخضرارا هذه المرة، بما ينبئ أن قوة التيار الكهربائي أفضل مما قبل، بالرغم من الانقطاعات بمعدل فترتين يوميا بمقدار (5) ساعات، والإنتاج الزراعي أكثر تراه من خلال الشاحنات التي صادفتها في الطريق نحو الشمال. المختصر المفيد، هناك أمل. سالم الهمالي.