بقلم :: عمر الطاهر
الوطنية لها مفهوم واحد مختصر هو حب الوطن و التفاني في خدمته و الدفاع عنه ، في اليسر و العسر و إن الوطنية شعور عام عارم لدى الأفراد عموماً ممن يتكون منهم هذا الوطن ، حيث لا يوجد وطن بلا شعب أو سكان على الأغلب و ليس لأحد الحق في احتكار الوطنية لنفسه دون سواه و إنكارها على الذين ينتمون إلى نفس الوطن بالأصل و المنبت ، دون احتساب اكتساب المواطنة بتقديم التضحيات و لو بالأرواح في حال الدفاع عنه أو احتلاله .
و إلا لأصبح للمغتصبين و المستعمرين الحق في المواطنة في تلك الأوطان التي اغتصبوها و احتلوها ، لأنهم قدموا أرواحهم أيضاً لأجل السيطرة على تلك الأوطان .
فهل لأبناء الأجانب و ذويهم من الذين قاتلوا ضمن صفوف أبناء الوطن المتصارعين على السلطة الحق في المواطنة لأن آباءهم أو أبناءهم ماتوا في ذلك الصراع ؟
هل لأنصار الدولة الإسلامية من الأجانب الذين قاتلوا مع أبناء الوطن جنبا إلى جنب في بنغازي و سرت الحق في اكتساب الجنسية الليبية و توريثها لأبنائهم ؟
إذاً ، لو سلمنا جدلا أنه ليس لأولئك حق المواطنة و اكتساب الجنسية الليبية بالرغم من التضحيات التي قدموها .
إذاً فالمواطنة لا تكتسب و إنما هي الانتماء بالأصل و المنبت أو بحكم القانون حسب الأحوال المنصوص عليها مالم يجرى تعديل في النص القانوني الساري المفعول حتى هذه اللحظة .
و من جهة أخرى هي المقصد في هذا الموضوع ، هل يحق لأحد المختلفين سياسيا الحق في نزع حق المواطنة عن الآخر ؟
هل يحق لأحدهم إطلاق صفة الخيانة على الآخر بمجرد أنه لم يتفق معه سياسيا و لم تتطابق وجهات نظرهم حول نظام الحكم مثلا ؟
و إن كانوا فرقاء ، فهل يحق لأحد الفريقين اتهام الفريق الآخر بالخيانة ؟ أيا كان الفريقان؟
سبتمبر أو فبراير ، كرامة أو فجر ليبيا ؟
و حتى أولئك الذين يتصارعون الآن حول الهلال النفطي ؟
إذاً ماهي حدود الوطنية و ما هي حدود الخيانة و العمالة ؟
و لماذا يصر البعض على إلصاق تهمة العمالة و الخيانة على خصومهم السياسيين ، و خاصة الذين يجمعهم كيان سياسي واحد مثل المجلس الرئاسي ( كثيرا ما يردد القطراني بأن زملائه في المجلس خونة ) و كثير من الليبيين ينعتون حكومة الوفاق بأنها حكومة العمالة ، فهل هي كذلك فعلاً ؟
و هل الناعت وطني لا يرقى إليه الشك في وطنيته ؟ أم هو أيضاً خائن في عيون الآخرين؟
أخشى أن نصبح بهذا المفهوم شعباً من الخونة و المأجورين و عديمي الوطنية و عبيدا متطوعين و عملاء لدى أجهزة الاستخبارات الخارجية المختلفة بطواعية منا ، من أجل الحصول على حفنة من المال أو وعود بالسلطة إن استمر الحال على هذا الوضع و أطلقنا الصفات على أهوائنا على بعضنا دون الالتفات أننا قسمنا أنفسنا إلى فئات تصف بعضها بالخيانة ، عندها سنصبح جميعا شعبا من الخونة حسب ما صنف نفسه .
ألم يأن للذين ظلمو أن تلين قلوبهم ، وأن يعودوا لرشدهم و يرجعوا عن غيهم و يدركوا أنهم قد أضاعونا و أضاعوا الوطن و أضاعوا أنفسهم و أن التاريخ لا يرحم و أن عقارب الساعة لا تعود إلى الوراء ليصلحوا من أخطائهم قبل أن يندموا يوم لا ينفع الندم؟