محمود السوكني
كلنا نحلم بوطن أبهى وأجمل وأفضل .. لكننا لا نشترك جميعا في صناعة هذا الحلم ! فنحن نعيش أطيافه الوردية ونستجدي القدر أن يحققه ونحن قعود لا نحرك ساكنا و.. ” دع الأقدار تجري في أعنتها .. ” ! .
كلنا نرنو إلى أن تكون ليبيا أعظم مكانا في العالم ، ولمَ لا ؟ بل إن طموحنا في التفرد لا حدود له ، لكن أغلبنا يعيشها أمنية تداعب الخيال وتجنح بالمخيلة إلى ماضٍ تليد أبطاله ذهبوا مع ” فيلادلفيا” على أغوار التاريخ وذاكرة الزمن التي تعج بالقصص والأساطير.
كلنا نهفو إلى ” بلاد نحبها ونرفض أن تزدرينا ” لكن أكثرنا يمارس عادة الحب العذري الذي لا طائل من ورائه ! .
نريد وطناً مزدهراً ، ونترك أرضه بلا حرث ولا زرع وندعو الله أن يغدق علينا نعمه ويرزقنا بخيراته !
نطمح في خلق أجيال واعدة جسورة ، فيما نؤسس بنيانها على أنقاض تفكك أسري وتعليم هزيل طابعه الغش والشهادات المضروبة ومجتمع هائم لا يلوي على شيء ! .
أحلامنا تداعب السماء ، وأفعالنا تغوص في قاع الأرض ، نعيش غيبوبة أحلام اليقظة ونرفض أن نفيق على مرارة الواقع.
لا تصنع الأحلام بهاء الوطن وتفوقه ، لكنها السواعد التي لاتكل ، والعقول التي لا تستكين ، والطموح الذي لا ينتهي مداه .
للتفوق شروطه ، وللنجاح أسبابه ، فالشعوب لا تنهض بالتمني والدعاء ، وحده العمل الجاد والمثابرة الحثيثة والانحياز للعلم هي وحدها التي تحيل الأماني واقعاً والأحلام حقيقة ليتحقق لليبيا غدها الذي نصبو إليه ونتعلق بأهدابه.
ليبيا الفاتنة جديرة بذلك ، و أوجب الواجبات أن نؤدي لها بعض الحقوق التي تطوق أعناقنا نتكاثف جميعا لرسم الابتسامة المشرقة على شفتيها ، ولننطلق نحمل آمالها تؤجج صدورنا وتشعل الحماسة في قلوبنا.
لتكن همنا الذي نعيش من أجله ، ولتكن الهاجس الذي يشغلنا ، نصبح ونمسي على وقع دقاته فهي الأرض التي منها بعثنا ، وعلى ثمارها نعيش وبهوائها العليل نستنشق إكسير الحياة .
ليبيا .. الوطن الذي نريد، أعظم من أن يترك كسقط المتاع ، فهلموا جميعا نبعث المجد الذي يستحق بالسواعد التي تبني لا تلك التي تكتفي بالتصفيق والتهليل.