الوطن

الوطن

  • عبد الرسول الحاسي

شاطئٌ يتناثرُ عليه ضحكٌ متكسّر

لِمَن باعَ الريحَ لمراكبِ الصيّادين،

وظنَّ أنَّ البحرَ سيغفرُ تجارتَه.

وغابةٌ

يقطعُ الحطّابُ من جذوعها رغيفَ أبنائه،

بينما يشقُّ الفأسُ ذاكرةَ الشجر

والأيامَ التي مرّت عليها.

ورصيفٌ

تنمو عليه أورادُ التيهِ

تتبعُ خُطى الدراويش،

كأنّها تُهدهِدُ تعبَ الطريق.

وأطفالٌ

يحملون غدًا ضائعًا على أكتافٍ نحيلة،

تشدُّه أدعيةٌ طرية

تقيهم بردَ الشتاء

ولا تقي قلوبَهم من ارتجافها.

وأمّهاتٌ

يجمعن خوفَهُنّ في أطرافِ الملايا،

يُخبّئنه

حين تطرقُ الريحُ أبوابَ البيوت.

وعيونٌ

تُخفي هلعَها في جيوبِ المرايا،

وتفتّش عن وجوهِ الغائبين

بين بُرَكِ الطريق.

وشيوخٌ

يجمعون ما تبقّى من أصواتهم

في سِلالٍ من سعفِ الانتظار،

ينفخون رمادَ الكلام

علَّه يشتعلُ مرّةً أخرى.

وجنديٌّ

يمشي مثلَ ظلٍّ فقدَ ساقيه،

يتعلّقُ بثيابِ أبنائه،

يطلبُ منهم

أن ينقذوه

من حنينٍ يركضُ أسرعَ منه.

وصباحٌ

يصبُّ الشايَ على قارعةِ الطريق،

كأنّه يسكبُ دفئَهُ

في أكوابِ الفقراءِ

والوطن

يمدُّ يدًا لا يعرفُ من أين قُطِعت،

يبحثُ عن اسمِه بين الغبار،

ويتركُ لنا صوتًا مُرهقًا

لنُكملَ الحكاية.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :