د. برهان غنيم
( النص )
________
بلهفته.. يضمِّدُ جُرحَها سلفًا ..!
يُنَوْرِسُ طائرًا فيها..
يطيَّرُه..
يتوِّجها على عرش الهوى مَلِكَةْ.…!
..
وقبل تأهُّب البسماتِ في فمِها؛
يجيءُ بشصِّهِ الحاني
ويصطادُ المدَىٰ فيها كما السَّمَكَةْ….!!
..
وعند بلوغِها حدَّ الصِّبا تختالُ
ثمَّ تُحيلُ فِـتنتَها لشِفْرَاتٍ تُـقطِّعُ تلكُمُ الشَّبَكَةْ..!
..
هو الصياد يعشقها،
ولكنْ
كُلَّما مرَّتْ بِنا قصَصٌ تُضيِّقُ قُطرَها الحَبْكَةْ…!
#شريفة_السيد
الرؤية في عجالة :
______________
في هذا النص أرى فعلا ماضيا واحدا في نهاية النص.. وهو ( مرّٙت ) … وقبله عشر أفعال مضارعة ” يضمد .. ينورس .. يطيره .. يتوجها.. يجيء .. يصطاد .. تختار .. تحيل .. تقطع ..يعشقها .. و فعل آخر مضارع في ختام الأبيات ( تُضيِّق )..
كيف للغة أن تحتملَ هذا الإبداع المعجز الملغز إلا لغةً خام أصيلة ..
هذه مقدمة مما تيسر لي من أول وهلة ومن أول قراءة لهذا النص البديع..
والحقيقة أن النص ليس صعبا، لكنه؛ في غاية العمق _ من وجهة نظري_ وهنا يكمن سر الإبداع اللغوي.
هناك إبداعات أخرىٰ في هذا النص على مستوي الصور والتراكيب ، الصورة الكلية والصور الجزئية، فمثلا يمكنني أن اتساءل:
___________________
_ كيف يكون الشص حانيا مثلا وهو (شص) معروف بالوخز والإيلام وربما التخدير،،
_ وكيف لهذا العاشق أن يصطاد المدىٰ فيها/ أي المدى الموجود بداخلها .. إن جاز لنا هذا الوصف..؟
_وكيف لفتنةٍ أن تنجو من الشص أو الشبكة .. إليست الشبكة أو الشص في الأساس للفاتنات.؟
_ثم إن العشق قصص والقصص عشق ..
ولهذا جاء الفعل الماضي الوحيد ( مرّٙت ) في المقطوعة.
فلو لم تكن ( مرّٙت) هذه لم يكن الفعل المضارع أن يختم القصيدة …
_ ثم مَن هذا الصياد المحترف اللئيم الذي ينصب فخه لفريسةٍ أو لفاتنةٍ لم تبلغ حد الصبا..؟
وعند بلوغها حد الصبا .. تختالُ..؟
أنحن أمام صياد خبير وفريسة أو فاتنة لم تستسلم للشص أو للشبكة ؟! برغم مرور الوقت عليها داخل المصيدة أو الشص أو الشبكة .. بل حينما بلغت حد الصبا أحالت فتنتها إلى شفراتٍ..!! عجيب هذا الأمر..
إذن نحن نتعامل مع صياد خبير للفاتنات وهن مازلن خارج فتنتهن … ومع فاتنة أو فريسة
صبورة ذكية حين بلوغها حد فتنتها هل تستطيع نجاتها بنفسها ؟ .
بل أننا نتعامل مع شاعرة أذكى منهم جميعا حين جاءت بهم في سطور قليلة مكثفة.
هناك أيضا إبداعٌ زمني في النص ..
وذلك لوجود وقت زمني طويل جدا من أول تضميد الجرح حتى بلوغها حد الصبا..
وهنا سؤال آخر محير … :
_ ما الوقت أو المدة اللازمة لبلوغها حد الصبا.. ؟؟
وبلوغ الحد ليس كوصول الحد، فالبلوغ هو الوصول للحد وتخطيه.
ولا أزال أفكر في هذا السؤال إلى الآن.
وكيف أتت به الشاعرة .. وكيف جعلني النص أفكر فيه؟؟؟! إذن لابد من العودة إليه مرة أخرى ، فقد كانت هذه رؤية سريعة وقت القراءة الأولى لهذا النص المعجز، على قصره.














