انقطاع التيار الكهربائي يربك حياة سكان العاصمة طرابلس

انقطاع التيار الكهربائي يربك حياة سكان العاصمة طرابلس

تقرير :: اسمهان الحجاجي

غرقت العاصمة طرابلس وضواحيها في الظلام وفوضى مولدات الطاقة العاملة على «الديزل»، حيث المعنى الحقيقي لصم الآذان وأسهل طريق لرفع درجات التلوث البيئي إلى أرقام قياسية، مما يشكل خطرًا مميتًا على الصحة العامة.

فبعد ان مضي شهر رمضان بالاستقرار النسبي لتوزيع الكهرباء عادت الانقطاعات لتمتد ما بين 7 و12 و18 ساعة من الفصل التام في اليوم، تزامنًا مع الاستعداد لامتحانات النهائية للمراحل الدراسية المختلفة وبدء فصل الصيف.

فقد أعلنت الشركة العامة للكهرباء تضرر الخطوط الرئيسية والفرعية للشبكة في منطقة «القويعة» نتيجة الاشتباكات التي جرت ببلدة «القرة بوللي» شرق العاصمة طرابلس.

بيانات وتوضيحات

وقالت الشركة في بيان أصدرته إن إدارة توزيع المرقب تقوم بإصلاح الإعطاب وصيانة الخطوط التي تضررت جراء الاشتباكات المسلحة بمنطقة القرة بوللي.

ووصفت الشركة الأضرار التي تعرضت لها خطوط توزيع الطاقة بـ«الكبيرة في حجمها والجسيمة في الدمار الحاصل بالخطوط الرئيسية والفرعية».

المنطقتان الغربية والجنوبية .. والظلام التام

يذكر ان المنطقة الجنوبية دخلت منذ الساعة العاشرة إلى انقطاع تام في التيار الكهربائي، كما أكدت محطة كهرباء شمال بنغازي أن الجناح الغربي والجنوبي الغربي من الشبكة العامة تعرضا للإظلام التام بسبب خروج وحدات التوليد عن الخدمة تأثرًا بالدرجات العالية للحرارة، والتي وصلت ببعض المدن إلى أعلى من 45 درجة. وطالبت المحطة المواطنين بضرورة ترشيد استهلاكم الطاقة لتجنب تكرار الأزمة.

كما تعرضت المنطقة الجنوبية مؤخرًا لعدة انقطاعات في التيارات الكهربائي ودخلت أكثر من مرة في حالة الإظلام التام، كان آخرها ما أعلنه الناطق باسم الشركة العامة للكهرباء محمد التكوري، من استمرار لحالة الإظلام التام في المنطقة الجنوبية، بسبب درجات الحرارة المرتفعة والرطوبة.

كما دعت الشركة العامة للكهرباء في وقت سابق المواطنين إلى ترشيد الاستهلاك لرفع كفاءة الشبكة، مشيرة إلى أن العجز المتوقع للشبكة الشرقية يصل إلى 30 ميغا وات، في حين يرتفع إلى 1000 ميغا وات في الشبكة الغربية.

تدهور الخدمات الصحية

أدى التذبذب الكهربائي في منطقة غات إلى تدهور الخدمات المقدمة بالمستشفى الرئيس في المدينة، إذ أعلنت إدارته عن عدم تمكنها من استقبال أي حالة ولادة لتعطل الحضانات وغياب الطاقم الطبي.

وقالت إدارة المستشفى، في بيان نُشر على صفحتها على «فيسبوك»، إن المستشفى يعاني منذ عدة أيام بسبب تذبذب التيار الكهربائي، رغم توجيهات رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج لوزارة الصحة بتوفير احتياجات المرافق الصحية بالمدينة من مستلزمات وتجهيزات طبية إضافة إلى سيارات إسعاف، ودعم الكادر الطبي بتخصيص أطباء لمستشفى المدينة.

كما أعلن مركز سبها الطبي ، بعد توقف المولد رقم 1 الذي يعتمد عليه المركز، دخوله في حالة إطفاء تام للكهرباء، لم تشمل قسمي العناية المركزة والعمليات، لكونهما يعملان بالطاقة الشمسية.

ووجه السراج مسؤولي الصحة بضرورة وضع حل عاجل لهذه المختنقات.

جاء ذلك خلال اجتماع عقده السراج مع كل من وكيل وزارة الصحة، ومديرة إدارة الصيدلة، ومستشار المجلس الرئاسي للشؤون الصحية، في حضور صالح همة عضو مجلس النواب عن مدينة غات.

عزوف عن العمل

في طرابلس عودة انقطاع التيار الكهربائي باتت حديث المقاهي والأسواق العامة بين «الطرابلسيين» أخيرًا، وذلك التكدس يرجع في أحد أسبابه إلى عزوف ما يزيد على ثلثي موظفي القطاع العام عن الذهاب لأعمالهم، وهي ظاهرة وإن لم تكن جديدة على المجتمع الليبي إلا أنها تفاقمت بشكل ملحوظ في الوقت الراهن.

ازيز المولدات

اصوات المولدات في المحلات والطرق اضحت هي الاخري من اهم مظاهر الحياة في هذا البلد والتي تسببت في فوضي تصم الاذان وغرق الشوارع والازقة في سحابة من دخان المولدات ورائحها الناتجة عن احتراق وقود الديزل وهو ما جعل المواطنين يجرون سيلا من الشتائم وتمتمات غير مفهومة وسط ضجيج المولدات المزعجة في البلد الذي لا يزال يتخبط في دائرة من العنف غير المسبوق منذ عدة سنوات  .

يد خفية

ويقول اغلب المواطنين انهم لم يفهموا حتى اليوم سبب هذه الانقطاعات المتكررة للتيار، غير أن اغلبهم يرجحون بان تكون  «المشكلة مفتعلة»؛ الأمر الذي يتماشى مع ما يتردد بين الليبيين وعلى مواقع التواصل الاجتماعي عن وجود شبكة فساد تتعمد خلق مشاكل في توزيع الكهرباء لتسويق مئات الآلاف من المولدات المستوردة من الصين وكوريا وتركيا واليابان والولايات المتحدة ودول أوروبية عدة، وهو سوق ميزانيته مئات الملايين من الدينارات.

وفق آخر إحصاء رسمي يعود إلى العام 2009 أن تعداد الليبيين 5.4 مليون نسمة، ثلثهم أو أكثر مهجر في الخارج مما يعني أن سكان ليبيا يوازي مثيلهم في أحد أحياء عاصمة مثل القاهرة، إلى أن 95% من المصانع -القليلة أصلاً في البلاد- تعطلت منذ العام 2011، فيما تسال المواطنين : «كيف نفسر إذن  عجز الحكومات المتعاقبة على ضمان توزيع الكهرباء لتغطية الاستهلاك المنزلي فقط؟ إن الأمر محير»، وبالتالي فإنه يؤيد «نظرية المؤامرة».

أين المفر؟

معظم الليبيين توقفوا منذ العام 2011 عن دفع فواتير استهلاك الكهرباء، في حين غاب عمال رفع قراءة عدادات استهلاك الطاقة عن زيارة مختلف أحياء العاصمة وضواحيها، وبالتالي تجمدت مطالبة الشركة للمستهلكين بتسديد مقابل هذه الخدمة الاستراتيجية.

وعلاوة على ذلك وفي ظل الفوضى التي تعصف بالبلاد اعتمدت الأحياء العشوائية في محيط العاصمة والخارجة عن التخطيط العمراني، بالإضافة إلى آلاف الورش والدكاكين إلى الحصول على التيار الكهربائي بطرق غير شرعية، مما تسبب في زيادة الضغط على الشبكة العامة.

حلول مؤقتة ومستقبلية .

في اجتماع عقده رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني  السيد فائز السراج  19 من الشهر الجاري ، ضم كلاً من وزير التخطيط الدكتور  ووزير المالية  ووزير الداخلية ومدير إدارة العمليات المصرفية بمصرف ليبيا المركزي السيد ووكيل ديوان المحاسبة ورئيس هيئة الرقابة الإدارية وعضو مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط السيد ورئيس مجلس إدارة شركة البريقة ووكيل وزارة الدفاع ورئيس مجلس إدارة الشركة العامة للكهرباء علي ساسي و مستشار مالي بالشركة ومساعد مدير عام العقود ومدير عام المالية  وتم خلال الاجتماع ، تقديم عرض مرئي يوضح التفاصيل اللازمة التي تمر بها الشبكة العامة للكهرباء وأسبابها والخطط والمقترحات اللازمة لمعالجتها ، كما تطرق العرض إلى مشروعات انتاج الطاقة الكهربائية المتوقفة والمشروعات الجارية والمستعجلة وأعمال العمران الجسيمة لعدد من وحدات الإنتاج .

وخلّص الاجتماع إلى  تشكيل لجنة وزارية عليا تتولي اتخاذ القرارات الفورية اللازمة لحل أزمة الكهرباء . و التأكيد على ضرورة تواصل وزارة الخارجية مع حكومة الوفاق الوطني بوزارات خارجية الدول التي تتولى الشركات التابعة لها تنفيذ مشروعات قطاع الكهرباء حتى تتمكن من العودة من استئناف تنفيذ تلك المشروعات .

كما دعا الي  تشكيل لجنة مالية تضم كل من وزارة التخطيط والمالية ومصرف ليبيا المركزي وديوان المحاسبة والشركة العامة للكهرباء لتدبير التغطية المالية لمتطلبات مشروعات الشركة خلال هذا العام . و إعداد آلية للتنسيق بين ديوان المحاسبة والشركة العامة للكهرباء لتسريع المصادقة على المشروعات المستقبلية مراعاة لخصوصية نشاط الكهرباء .و تشكيل لجنة مشتركة تتولى اعداد آلية تنسيق بين مصرف ليبيا المركزي والشركة لتسريع عمليات فتح الاعتمادات المستندية لمشروعات الكهرباء .

كما دعا الاجتماع الي  ضرورة تولي الجهات المختصة للدولة مسؤولية تأمين مواقع الشركة ومشروعاتها وحماية العاملين بها . و تشكيل لجنة مشتركة بين المؤسسة الوطنية للنفط والشركة العامة للكهرباء تتولى تحديد الاحتياجات من الوقود والغاز اللازم لتشغيل محطات التوليد . وتكليف الشركة لاعداد مخطط واضح لتفعيل جباية ايراداتها وإزالة التوصيلات غير الشرعية ووضع آلية محددة يتم

اتباعها لضبط مصروفات الشركة .  كما تم الاتفاق خلال الاجتماع على ضرورة المتابعة المستمرة لتنفيذ هذه الاجراءات إلى حين تجاوز الازمة الحالية .

 

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :