بائعو الوقود على الأرصفة قنابل موقوتة في الجنوب الليبي

بائعو الوقود على الأرصفة قنابل موقوتة في الجنوب الليبي

تحقيق: وهيبة الكيلاني / زهرة موسى

تصوير / محمد عبد الله


أخذت ظاهرة بيع وقود السيارات على أرصفة الشوارع في الجنوب الليبي تتزايد باستمرار، مما خلق بيئة غير صحية ومنظراً لا يليق بالجنوب بحسب آراء الكثير من سكانه، فيما تراها جهات مسؤولة في عداد المتجاوزين على القانون ويجب معاقبتهم.
وعلى الرغم من توفر البنزين في محطات التعبئة الحكومية إلا أن عملية بيعه في السوق السوداء ملأت شوارع المدينة وأصبحت تمثل مصدر كسب مادي جيد للكثير للمتاجرين به.

هذا وتشكل الطرقات العامة والرئيسية مسرحا لبيع “البنزين ” والتي تحولت محطات ثابتة وبديلة ، في أغلب مدن الجنوب فغدت قنابل موقوتة على جنبات الطرق الرئيسية القريبة من الأحياء السكنية والمحال التجارية والمؤسسات العامة خاصة وأن هذه الطرق تخلو من وسائل السلامة العامة، في الوقت الذي تتعامل فيه مع مادة شديدة الانفجار “البنزين” معروضة في العراء وتحت أشعة الشمس الحارقة في فصل الصيف.
وهذا ما يثير القلق لدى الأهالي والمارة باحتمال اشتعالها في أي لحظة، هذا وإن الفارق في السعر مع البنزين الذي يباع في محطات الوقود كبير مقارنة مع البنزين الذى يباع في السوق السوداء حيث يقدر ثمن لتر البنزين بــ40 دينارا ليبيّاً.

وقال سكان منطقة الشاطئ في الجنوب الليبي في استطلاع عام لآرائهم  إن الجنوب أصبح يشهد اتساعا في ظاهرة بيع البنزين وسط غياب تام للجهات المسؤولة في مختلف مدنه رغم أن وجوده بهذه الطريقة مخالف للقوانين والأنظمة.

صحيفة فسانيا رصدت وتابعت الموضوع مع جهات الاختصاص والمواطنين الذين كانت آراؤهم متفاوتة ما بين مؤيد ومعارض لهذه الظاهرة .

يقول عبدالرحمن السوكنى: ” إن هناك تواجدا كبيرا لجالونات البنزين على قارعة الطرق والتي لاقت مؤخرا ازديادا واسعاً، خاصة في الأحياء التي تكتظ بعديد المركبات والموطنين، فيما تحولت بعض منازل أصحابها إلى مستودعات بنزين لتشكل قنابل موقوتة تنتظر شرارة خاطئة لتسفر عن كارثة حقيقية”.

بسبب وبدون سبب

ويرى عبدالله المزروعي” أنه وفي ظل الارتفاع المتصاعد الذي شهدته أسعار المحروقات في ليبيا خلال الأعوام المتتالية برزت ظاهرة بيع البنزين على الطرقات وعلى مرأى عيون الجهات المسؤولة لتصطف السيارات تباعاً من أجل تعبئة البنزين من هذه الأماكن بأسعار عالية جداً، مقارنة بأسعار البنزين في المحطات النظامية وإقفالها بسبب وبدون سبب دون القيام بأي إجراءات تكفل عدم انتشار هذه الظاهرة”

طوابير لا تنتهي

وأوضح بالقاسم إبراهيم الزاوي أنه يستخدم البنزين منذ شهور ولم يواجه أي مشاكل ، ولم يؤثر على سيارته سلباً حتى الآن لافتا إلى أن البنزين تدوم فترة استهلاكه أكثر ويوفر عليه عناء الوقوف في طوابير لا تنتهي، وبين أن كثيرين اعتادوا على الشراء من السوق السوداء تجنبا للمشاكل الدامية التي تحدث في المحطات لافتا أن تواجده في المدينة يعد أمرا اعتياديا”.

المعيشة الرغدة

من جهته بين بائع بنزين طلب عدم نشر اسمه “أنه يتخذ مكانا على الطريق الرئيسي منذ فترة طويلة ليقوم ببيع هذه المادة، مشيرا إلى أن له كثير الزبائن الذين يتزودون بالوقود لمركباتهم وأن هذه المهنة توفر له المعيشة الرغدة التي طالما تمناها وخاصة أنه قدم على طلب وظيفة في الدولة ولم يجد وأن هذه الطريقة غير مخالفة للقانون في نظره”.

هذا وأكد أنه ” لم تواجهه أي مشكلة مع أصحاب المركبات نظرا لجودة ونظافة البنزين الذي يبيعه لهم”، لافتا إلى أنه لا يبيع خفية إذ يقومون بشرائه من سيارات محملة ومن محطات البنزين بحد ذاتها”.

السلامة العامة

وطالبت الأستاذة مريم محمد القمودي من الجهات المختصة “الكشف على مواقع بيع البنزين وتفعيل الإجراءات القانونية لوضع حد لهذه الظاهرة لمخالفتها للقوانين والأنظمة كونها غير مرخصة وغالبية العاملين فيها من العمالة الوافدة المخالفة للقانون نظراً لتأثيراتها البيئية التي تهدد السلامة العامة”.

وأشارت القمودي إلى أن تواجد هذه المخالفات على الطرق الرئيسة القريبة من الأحياء السكنية التي تكتظ بعديد المركبات والمواطنين تهدد حياتهم وتجعلها في خطر محدق ”    .

الجشع والطمع

أما ( محمد وملهم ) فهما صبيان لا يتجاوز عمر كل واحد منهما الثانية عشرة ،من قرية آقار بالشاطئ، فقد بدآ يلوحان بأيديهما لجلب انتباه المواطنين أصحاب المركبات الذين حالفهم الحظ للحصول على كفايتهم من الوقود بعد انتظار طويل بسبب جشع الآخرين والطمع والاستحواذ على حقوق الآخرين ليودعوه عند مثل هؤلاء الصبية لبيعه لأصحاب المركبات .

فكان أول المتحدثين ، ( محمد) الذي أكد لنا أن عمله هذا هو لمساعدة والدته في إدارة شؤون الأسرة لأن والده مريض وراتبه التقاعدي قليل لا يكفي لتلبية كافة متطلبات المعيشة، حيث يقوم أخوه الأكبر بتوفير مادة البنزين له بكميات كبيرة بالاتفاق مع أصحاب المحطات أو العاملين فيها ليقوم بدوره ببيع البنزين لأصحاب المركبات الذين لا يريدون الوقوف في طابور الوقود الممل .

أما ( ملهم ) فقد قال لنا : إن أحد أقاربه يقوم بتعبئة سيارته بالوقود مرتين أو ثلاثاً  في اليوم ليقوم ببيعه لقاء نسبة معينة من النقود يسد بها متطلبات عائلته الفقيرة.

تهريب البنزين

وأكّدَا:”على أهمية قيام الجهات التنفيذية بمعالجة كافة الاختلالات والتشوهات والتجاوز على القانون التي انتشرت في المدينة مؤخرا، معتبرة غياب الرقابة الدائمة وعدم تفعيل العقوبات بحق بائعي البنزين أتاحت الفرصة لرواج تهريب البنزين من ليبيا”.

خطرها على أمن المدينة وسكانها

بدوره أكد صالح الزنتاني “يجب ألا يكون هناك تهاون في التعامل مع باعة البنزين داخل المناطق السكنية في مدينة سبها وعلى الطرقات الرئيسية وأن محاربة هذه التجارة غير الشرعية مسؤولية تضامنية بين كافة الجهات لخطرها على أمن المدينة وسكانها، وأنه بتظافر الجهود كافة سيتم الانتهاء منها قريبا لتصبح مدينة سبها خالية من هذه المخالفات وكافة أنواع المخالفات والاعتداءات على الشوارع العامة وأرصفة المشاة في المدينة.

حالات اضطرارية                                                              يقول احميدة المقرحي صاحب محل ” كثيراً ما أعتمد على بائعي الأرصفة في تزويد سيارتي بالوقود، خصوصاً في الحالات الاضطرارية أو عندما أكون بعيداً من محطات التعبئة الرئيسية”.

المواطن مضطر

ويتابع “لا يهم إن كان عمل هؤلاء الباعة ضاراً أو نافعاً، فهم في النهاية يوفرون خدمة جيدة لأصحاب السيارات في المدينة ناهيك عن اضطرار المواطنين إلى الشراء منهم لتشغيل مولدات الكهرباء المنزلية في ظل الانقطاع المستمر للطاقة الكهربائية”.

استغلال الأطفال الصغار

يقول المواطن عبد السلام حامد، مخالفاً للرأي السابق إن ” ظاهرة بيع الوقود في الشوارع غير حضارية وتشكل خطراً على البائعين أنفسهم خصوصاً مع استغلال الأطفال الصغار في البيع وتعريضهم للموت في أية لحظة”.

وأضاف عبدالسلام أن “بائعي الأرصفة يقومون بغش الوقود ناهيك عن ارتفاع أسعاره مقارنة بتسعيرة محطّات التعبئة،وكلتا الحالتين ضارتان بمحركات السيارة وتستنزفان مال المواطنين مطالباً الجهات الحكومية “باتخاذ اللازم إزاء هذه الظاهرة التي أضرت بالمدينة وساكنيها”.

مغشوش وغير صالح للاستخدام

وأكّد عبدالسلام خلال حديثه لـ (لفسانيا) بأنّه “اضطر إلى صرف مبلغ مالي كبير لإصلاح محرّك سيارته الخاصة بعدما تعرض للتلف بسبب استخدام البنزين المباع على الأرصفة وهو عادة ما يكون “مغشوشاً وغير صالح للاستخدام”.

الوجه الجديد للديمقراطية الليبية

وصف ربيع عبد المولى ظاهرة بيع البنزين على أرصفة الشوارع بـ “الوجه الجديد للديمقراطية الليبية التي تهمل المقصرين والضارين بالمصلحة العامة”.

وأوضحَ في حديثه أسباب تذمّره من هذه الظاهرة بأنّها “غير لائقة أو منظمة ويجب أن ينحصر بيع الوقود في المحطات وتوفيره بكميات كافية للمستهلكين “.

وعلى الرغم من النظرة السلبية لهذه الظاهرة الآخذة بالانتشار، تبين المواطنة ليلي حسن علي، وهي موظفة حكومية وتمتلك سيارة خاصة بأنّها “تضطر أحياناً إلى شراء الوقود من بائعي الأرصفة حينما يتطلب الأمر الوقوف لساعات طويلة في محطّات التعبئة الرئيسية”.

وأضافت :” يضطر صاحب السيارة أحياناً للاستيقاظ مبكراً للوقوف أمام محطة البنزين للتعبئة، وهو أمر لا يحببه البعض ويفضّل التزوّد من الشارع في ظلّ ازدياد أعداد السيارات في المدينة وما تستقبله من زائرين من مختلف المدن الليبية في الجنوب”.

ظاهرة غير صحية

يقول أحمد العوامي بأنّ “هذه الظاهرة غير صحية، ويجب معاقبة البائعين الذين يعاودون عملهم بعد منعهم، وهم في واقع الأمر مهرّبون لمادة الوقود ولابدّ من القبض عليهم وإحالتهم للقضاء لينالوا جزائهم العادل”.

تجارة مربحة

تقول عائشة الصرماني: ” انتشرت ظاهرة بيع البنزين فى الشوارع فى منطقة الشاطئ وفي قيرة، وزلواز، و برقن، وطريق سبها،وبوابة براك، وغيرها من الأماكن الأخرى ورغم اعتراض المواطنين على بيعه بهذه الطريقة لأنه أعلى سعرا وأقل أمانا ومعظم بائعيه من المسجلين خطراً حسب تأكيدهم، فإنهم يضطرون إلى شرائه عندما يقل أو يختفي من محطات البنزين وعند ازدحام المحطات فكثيرٌ من الناس استغاثوا من بيع البنزين فى السوق السوداء من قبل تجار معظمهم من المسجلين خطراً مؤكدين أنهم أول من يتحمل أضرار بيع البنزين سواء فى الشوارع أو أي مكان آخر”.

حوادث مخيفة

وبيّن المواطن أحمد إبراهيم “أن قيرة الشاطئ شهدت عديد الحوادث المخيفة والمتعلقة باشتعال مستودعات ومحال لبيع البنزين وحالت العناية الإلهية دون وقوع كوارث حقيقية”.

تشديد العقوبة على مروجي البنزين

ويتساءل أحمد ” متى ستصحو الجهات المعنية بالجنوب على هذه المشكلة ومدى خطورتها؟ هل عندما تزهق أرواح بحادثة انفجار وحريق كبير؟  مطالباً الجهات المعنية بتشديد العقوبة على مروجي البنزين وإقفالها تماماً لأنها قنابل موقوتة موضوعة بين الأحياء السكنية وعلى الطرقات”.

غياب تام للجهات المسؤولة في الجنوب

يقول عبدالسلام المجبري” إن ظاهرة بيع البنزين أخذت بالتوسع الكبير في المدينة وبأساليب عرض وبيع جديدة تنطوي على مخاطر كارثية٬ نظرا لانعدام شروط السلامة العامة للتعامل مع مادة شديدة الانفجار ( البنزين ) ووسط ارتفاع حاد جدا لدرجات الحرارة خاصة في فصل الصيف رغم الحملات التي تقوم بها الجهات ذات العلاقة”.

اشتراطات وقيود صعبة

بيّن المجبري بأن توفر البنزين المدعوم في المدينة يعتبر أمرا اعتياديا وتاريخيا٬ بحيث اعتاد كثيرون على تشغيل سياراتهم عليه لجودته العالية وتدني سعره٬ مؤكدا أن قيام الجهات المعنية بوضع اشتراطات وقيود صعبة على من يتاجر بهذه المادة الاستراتيجية بهدف الحد من بيعها في السوق السوداء حيث يباع البنزين بين الأحياء السكنية وعلى الشوارع التي تكتظ بعديد المركبات والمواطنين٬ وفي بعض المنازل المجاورة التي تحولت لمستودعات للبنزين ٬ الأمر الذي قد يشكل خطرا حقيقيا على المواطنين والاقتصاد الوطني وسط غياب تام للجهات المسؤولة في الجنوب”.

شكوى دون جدوى

ويقول أحد أصحاب المحال التجارية إن محله مهدد بالحريق جراء قربه من بائعي البنزين مبينا أنه تقدم أكثر من مرة بشكوى لدى المجلس المحلي بهذا الخصوص لكن الظاهرة آخذة بالانتشار يوماً بعد يوم، والشكوى دون جدوى، فمتى ستصحو الجهات المعنية بالجنوب وتعي هذه المشكلة ومدى خطورتها على البيئة والإنسان”.

مصدرٌ سهلٌ للرزق

يقول الإعلامي محمد البكوش “لقد وجد فيها بعض الناس مصدرا جديدا للكسب خاصة أولئك العاطلين، ونحن نعلم مدى نسبة البطالة بين فئة الشباب الذين تحصلوا على مؤهلات جامعية، ناهيك عن الوافدين الذين وجدوا فيها مصدرا سهلا للرزق ،هذا هو السبب الأول والرئيسي ومن ثم فتحت أفواه أصحاب المحطات وطمعهم المتواصل في مضاعفة الأرباح “.

وأضاف : “ما يحدث عبارة عن نقص في الوطنية فهم يزيدون جراحات الوطن في تسهيلهم لبيع مادة مدعومة وأساسية للمواطن الليبي .وضعف الوازع الديني لأن بيعها خارج المحطات و بكميات كبيرة غير جائز”.

خطة ممنهجة

أضاف السيد حامد سويسي، مدير مكتب الثقافة ببلدية الشاطئ أن “السبب الرئيسي هو جشع أصحاب المحطات الذين يبيعون مادة البنزين المدعومة من الدولة لتجار السوق السوداء ، وذلك للأسعار المغرية والربح السريع الذي يحصلون عليه من بيعهم للسوق السوداء ، في وجهة نظري أنها عملية منظمة و لا أستبعد أن تكون ممنهجة لتكون أزمة على مستوى المنطقة “.

يقول عبد السلام محمد السعداوي “ من الملاحظ مؤخرا انتشار ظاهرة بيع الوقود في الشوارع وبصراحة هذا المنظر غير مقبول وهي ظاهرة سيئة والجدير بالذكر أن الموزعين في محطات الوقود هم المسؤولون بالدرجة الأولى عن انتشار هذه الظاهرة وذلك لأنهم يسمحون للمواطنين بتعبئة الوقود أكثر من حاجتهم، ويقومون بالتالي ببيعها في الشوارع بأسعار أعلى من محطة الوقود ، ولهذا إذا كان الموطن عندما يذهب للمحطة يبرز كتيب المركبة ويسمح له بالتعبئة حسب حاجة السيارة فقط لما انتشرت هذه الظاهرة بهذا الشكل”.

المصدر نفسه

تقول زينب محمد عبدالسلام، ناشطة في المجتمع الوطني “ تعتبر هذه الظاهرة سلبية وخطيرة جدا ، لأنه في الوقت الذي يوجد به نقص في الوقود في المحطات تجد هؤلاء الباعة تتوفر لديهم مادة البنزين خصوصا إذا كان المصدر نفسه من المحطات فكيف تحصل هؤلاء على الوقود؟  مما يثبت أنهم قد تحصلوا عليها من إحدى المحطات”.

وأضافت “إن منظر الباعة وهم منتشرون بهذا الشكل غير مقبول فحتى الدول النامية والفقيرة لم تصل بها الحال إلى هذا الحد، فعلى الجهات المسؤولة إيجاد الحل لهذه الظاهرة”.

محطات الوقود هي المسؤولة

وأضافت أشتا موسى “ محطات الوقود هي المسؤولة بالدرجة الأولى عن انتشار هذه الظاهرة لأنهم يسمحون لهؤلاء السمسارين بجمع وتخزين الوقود وفي حال نقصت الأخيرة ينتهز هؤلاء الفرصة لبيع الوقود المخزن بثمن أغلى من المحطات ويضطر الموطن لشرائها من الباعة.”

تقول عائشة أبوبكر “ إن المسؤول عن انتشار هذه الظاهرة هم الموزعون في المحطات لأنهم ساعدوهم على تخزين الوقود، وأيضا الحرس البلدي فهم مسؤولون بنفس القدر”.

يقول عبدالسلام الصوفي: هذه لا تحتاج لرأي، داخلون على السنتين و لا يوجد حل لمشكلة البنزين، المشكل الأمني أصبح شماعة لكل شيء بالمقارنة مع مدن الشرق و الغرب، حتى تلك المدن تعاني أوضاعا أمنية متباينة الشدة و لم تنقص عنها البنزين إلا في أوقات متفرقة، الأمر يطرح تساؤلات عدة أبرزها من وراء هذه المشكلة التي تسببت في بيع البنزين على الطرقات ؟ و كيف يحصلون عليها ؟ و هل من المعقول أن مدينة مثل سَبْها محطات الوقود فيها غير كافية لاستيعاب السيارات التي هي أصلا في تناقص ملحوظ ؟ فكما هو المعلوم عمليات السطو على السيارات شبه يومية”.

خمسة أسباب

يقول إبراهيم الغناي “أوﻻ ظاهرة البيع لها خمسة أسباب أولها، غياب القانون والمتابعة، والثانية النفوس الضعيفة لأصحاب المحطات الذين استغلوا ضعف الدولة وغياب الرقابة والمتابعة، فكان هُم الموردين الرئيسيين للتجار، وثالث الأسباب، سلبية المواطن وشراء الوقود وتشجيع البائع على استغلال الظروف، رابعا والأهم المفروض من أهل الأحياء السكنية محاربة وجود تلك التكتلات المسمومة وضررها على المواطن”.

الظاهرة غير صحية

من جهته أبدى مدير محطة البنزين علي المقرحي انزعاجه من ظاهرة بيع الوقود على أرصفة الشوارع مؤكداً على وجود إجراءات جديدة للقضاء عليها والتخلّص من أضرارها”.
وقال بأنّ “هذه الظاهرة غير صحية، ويجب معاقبة البائعين الذين يعاودون عملهم بعد منعهم، وهم في واقع الأمر مهرّبون لمادة الوقود ولابدّ من القبض عليهم وإحالتهم للقضاء لينالوا جزائهم العادل”.

وأشار بضرورة ايجاد حلول جذرية لظاهرة انتشار بيع البنزين بين الأحياء السكنية وعلى الطرق خاصة بعد الحريق الكبير الذي اندلع في منطقة حجارة في شقة سكنية وراح ضحيته أخوين كانا بذلك البيت “.

وأكد أن هذه الظاهرة ووجودها مخالف للقوانين والأنظمة وتشكل خطرا بوجودها بين العمارات السكنية المكتظة بالسكان”.

تقول الأستاذة نعيمة محمد “أنتج الوضع الراهن الكثير من الحالات غير الطبيعية التي تحولت بمرور الزمن إلى ظواهر اجتماعية واقتصادية خطيرة نتيجة الدمار الذي حصل للبنية التحتية لليبيا والتي انسحبت عن باقي النشاطات الإنسانية الأخرى ، ومن هذه الظواهر ظاهرة البطالة وانعدام فرص العمل بل ندرتها”.

الظاهرة والظواهر

تضيف بقولها” لقد كان للسياسات التي اتبعتها الأنظمة السابقة في القطاعات الاقتصادية والخدمية دور في استفحال هذه الظاهرة والظواهر الأخرى فأصبحت جزءا من النشاط اليومي للمواطن الليبي ، تصمت بصمته وتتكلم مع كلامه وهذا نتاج سيء للحالة الراهنة التي يمر بها وطننا ، وفي خضم تلك الظروف نمت وترعرعت ظواهر عديدة  لم يألفها الشارع الليبي من قبل فكانت ظاهرة ندرة الحصول على المحروقات التي تعتبرالعجلة المحركة للاقتصاد وتنامي ثقافة الجشع والطمع من رحم هذه المشكلة تولدت لدينا ظاهرة باتت تعرف بـ ( بيع البنزين ) ظاهرة نراها في الأزقة والشوارع وقرب محطات الوقود وفي الطرق الداخلية والخارجية حيث يقوم الباعة بعرض بضاعتهم التي اقتطعوها من حصة المواطنين بطريقة غير شرعية”

وضع اجتماعي بائس

يقول علي أحمد  البالغ من العمر ( 18) سنة والذي سألناه عن كيفية حصوله على كميات كبيرة من البنزين فأجابنا قائلا ” إن أحد العاملين في محطات التعبئة يقوم بتزويدي بهذه الكمية الكبيرة بالاتفاق مع صاحب الحمولة لقاء نسبة معينة من الأرباح، أما عن سعر الـلتر من البنزين فيقول”إن سعره الحالي بدينار وفي وقت الأزمات يرتفع إلى أكثر من ذلك . مؤكدا أن عمله هذا بدأ بعد تركه للمدرسة بسبب ظروفه العائلية الصعبة فهو الابن الأكبر في العائلة ووالده مُتَوفٍّ وأن ما يجنيه خلال اليوم يسد به رمق عائلته التي تعيش وضعا اجتماعيا بائسا”.

ختاما…

أشار مواطنو الجنوب إلى أن البنزين يباع بواسطة “جالونات بلاستيك” على الشوارع الرئيسة القريبة من الأحياء السكنية التي تكتظ بعديد  المركبات مطالبين الجهات المسؤولة في المدينة بمراقبة عملية العرض التي بدأت تتوسع وبأساليب غير مقبولة تؤدي إلى مخاطر كبيرة على البيئة،  ويرى مواطنون أن بيع البنزين المهرب على الطرق الرئيسة أو في سيارات متجولة، ينطوي على خطورة كبيرة جدا مشيرين إلى أن البعض اعتاد الشراء من السوق السوداء بالرغم من غلاء الثمن.

وتختلف وجهات نظر بعض المواطنين في قبول ورفض بيع البنزين ما بين معارض ومؤيد ولكن ضمن تنظيم لهذه العملية تراعي أنها توفر مصدر رزق للبعض وتخدم مصلحة البعض بالحصول على بنزين بشكل سريع دون الانتظار في طوابير طويلة”

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :