بلا عنوان ” 2 “

بلا عنوان ” 2 “

سراج الدين الورفلي

إن كنتِ الآن في مكان ما.. فيجب أن تكوني بصحة جيدة.. لأنه لايوجد شخص يهرب كل هذه المسافة ويكون به خطب ما.. لامانع لدي كما ترين من أن تكوني بعيدة كل هذا الوقت.. إني أنتظر أمام أبواب الحانات حتى تغلق.. أمام أبواب المساجد حتى تفتح.. لاشيء يجعلني متزناً هكذا مثل انتظار الأشياء التي لن تعود إليَّ أبداً.. والآن من على الشرفة اللانهائية وأمامي كل الظلام الذي أعرفه يسعدني أن أشعل سيجارة أخرى.. يدهشني كم أبدو واعياً بهذا الفشل الذريع..بهذه الخسارة الفادحة.

الجراح ما عادت تؤلم.. كأن شيئاً ما انطفأ بلاشفقة.. اختفت أصوات الحجارة التي كانت طوال الأعوام الماضية تتدحرج نحو القاع.. فجأة استيقظت ذاك اليوم لأكتشف أن كل شيء سكت بوحشية مفرطة.. لا مجال لأن تكوني تعيسة الآن.. ليس لديكِ سبب كافٍ لذلك.. لن يصدقكِ أحد.. ومع ذلك من الجيد أن أعلم بأنه تأتيكِ نوبات الحزن على هيئة قشعريرة خفيفة كلما كنتِ مع رجال آخرين.. من الجيد أن أكون معكِ حتى على هيئة حزن صغير لايمكن فهمه أو تمييزه أو معرفة أسبابه..مثل نعاس خفيف في أكثر الأيام صحواً..

ذلك أنا كما تعلمين.. لطالما اكتشفتِ السر باكراً.. جرحٌ صغير فوق العانة.. لم يعد مهماً تذكره.. ويصعب تذكر أي شيء آخر من دونه..

والآن،،،  وأنت بعيدة بشكل جيد ومدروس.. صرتِ مثلي.. تنتظرين أن تَحُل الأحجية نفسها من دون أن تتوسلي أي إجابة مهما بدت مقنعة أو منطقية..

كُنت دائماً أمام خيارين.. قاربين.. خيار العاشق أو الشاعر.. ولكن  القارب الأول كان قد غادر بالفعل منذ زمن.. لذلك من الجيد أن يكمل الشاعر قصيدته وحيداً.. من الجيد أن يسكب قارورة عطره كلها فوق أرضية مذبح هذا الليل العظيم.. لا يبقى عطر الشاعر الرخيص أبداً.. تبقى رائحة دمه المتخثر.. ذلك أكثر بهجة بالنسبة للعالم.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :