تأجيل الاصلاح الاجتماعي هروبٌ جماعي نحو التيه

تأجيل الاصلاح الاجتماعي هروبٌ جماعي نحو التيه

  • محمد الانصاري

عادةً مانلجأ الي العبثية  عندما تغلبنا النوائب  فتسقط جملة  على الاخرين  ، تلك العائلة عاجزة ، والاخرى كلياً فاسدة ، الوهن يكمن بتلك الجغرافيا والاستضعاف يعود الي هذا العرق  ، اياكم وافراد هذه القبيلة ، كذلك هو حال المدينة والقرية

أ  بسهولة يصعد الانسان لإدارة الجموع  في بيئة متنازعة مع ذاتها “كالجنوب الليبي”  ثم يقرر الفشل  لوحده دونما مسببات  هكذا.. فقط لأنه يريد ان يفشل لكي يثبت صحة رواية خصومه ؟ ام ان الامر فاق الذاتية والهوية التي تتمحور فيها  غالباً زاوية  نظرنا ؟ ام ان السياسات  تقلص من جهودنا؟  كالمركزية المقيتة هي من تشدنا الي الخلف؟  و العنف المركزي المتشتت هو البائقة!!في الوقت التي ازدهرت مدن اخرى  في زمن ذلك التفتت

لنتساءل  بتجرد كيف تجاوزت المدن حالة العجز و قفزت نحو التالي من التحديات  بينما الاخرى ضلت كما هي ،   .فاذا كانت المؤثرات السياسية تعيق  عملية التغيير  فان الحركة الاجتماعية هي من توجهه وتنقح وتنتج السياسات الجديدة وتضع حدوداً لتأثيرها وقوانينها حتى، واذا كان تشتت العنف المركزي هو المسؤول عن التيه  ، فان المدينة تشكل جزءاً مهما  من تشتت العنف المركزي العام–ولم يفرض عليها  وتستطيع ادارته كما تشاء بما يتناسب مع طبيعتها ووضعها الاجتماعي لكونه ناتج من الحركة الاجتماعية والسياسية ، ثم ماهو الفارق بين الامكانات والذي كان ولازال قائماً ابان توفر عنف مركزي ضابط  واستقرار سياسي ، تلك الاسباب  الفنية يمكن تجاوزها في بيئة لا توجهه اضطراباً اجتماعي

ان معضلة المجتمعات “المضطربة بنيوياً ” من الاجحاف ان تحصر قضية  رفع التيه عنهافي الاسباب الظاهرة التي تعد محاولة معالجتها اضاعة للوقت دون النظر الي التالي الكامن وراءها   فعادة تلك المجتمعات لا يعد البحث عن حل لها هو عائقها  فقط  ، او توفير امكانية الحل ، انما من هو المراد له حلها ، وكيف يكون ؟ ومن هو الذي يمنح ذلك الشرف ؟ لأنه سيعود على صاحبها بالفخر والمأثرة  له ولانتمائه  الخاص  و الذي كان ولازال جوهر رغبة انتماءاتنا ، فدور المخلص لا يمنح بسهولة وان كان يحمل معه عصى موسى ،  بمجتمعنا المضطرب الذي  لم يستطع عشية التغيير مواجهة ذاته  ويسال نفسه  من هو اولاً  ؟ وماذا يريد فعلاً ؟  اذ ” لا تستطيع أي فئة  أو الفرد إنجاز مشروع ـ مهما كان نوعه ـ دون أن تعرف ذاتها ، وتحدد مكانها ودورها، وشرعية وجودها كجماعة متميزة تعرف ما هي؟ وما تريده، وما تريد أن تكون عليه؟ فقبل أن تغير وتنهض لا بد لها من أن تكون ذاتاً”  .

فبدلاً من طرحنا لتلك الاسئلة التأسيسية لذات المجتمع الذي كان يعرف ذاته من خلال خيمة اطيح بها صبيحة التغيير ما انفكت ذات مجتمعنا المضطربة عن استيراد الماضي المتطرف وجعله  حكماً  على حاضراً متمرداً على الامس الذي عجز على ذرف دموع التعاطف الانساني  او حتى وضع تعريف للأخر  – للإنسان مهما تفاعل معنا وانتج وعاش كماً وكيفاً   فألامس اختزل حركته البشرية في تاريخ  معين   والغريب اننا نطالبه بالتحرر من امسه  ونجد صعوبة في تفسير سبب تقوقعه على ماضيهبينما لا نجد مشكلة في استيراد افكار الامس للتعريف به  وكأننا  نقول له امسنا هو الخالص وامسك المغشوش القبيح، ثم اذا  ماتوفرت الظروف المناسبة لانتفاض” المتضررين من الامس” طلب منهم  المنطقية والانسانية التي افتقدنا ، ذلك التفصيل البشع  يكون في اسوء حالته عندما يرتبط بالتحضر او يغلف بشعارات الوطنية وبه يكمن الخطرالموجهه للمجتمع  – فالمجتمع الذي يحكم ماضيه ادنى تفاصيله بإحكام ، يعجز في التعايش مع حاضره ، فضلاً عن تشكيل مستقبل واعد له ، او السير حتى نحوه ، فوريث وصايا كراهات الامس ، يجد صعوبة في استيعاب اليوم وتغيراته ، وان اراد ذات ايجابية الانسلاخ منها اصيب باضطراب وعجز يؤكدان قدسية تلك الوصايا ، ليس لصحتها انما لفقدانه المرجعية السليمة او الحظ العظيم من التجرد، وفي افضل حالته يضل مترنحاً مشوشاً وعلى اكتاف الاخرين يحمل كله عجزه . على الحاضر المتآمر  المتخاذل  ،قداسة الماضي تستمد من  قدرته  على  تفسير اللحظة  واستيعاب  الحاضر  وتحريك عجلته نحو المستقبل 

نحن  لم نرد تحديد موعد مع ذاتنا التي تعج بأسباب اضطربنا المستمر لاعتقادنا ان هنالك براح من الممكن ، يمكن استغلاله  لسحق الاخر قبل لحظة التورط  التي تجبرنا للخضوع  معاً  كرهاً  . وحين تحين اللحظة ، ندرك تماماً ان الامس  المتطرف هو  السفاح  الذي بداخلنا  ، وهو منبع  الاذى  الذي نبغض  ليس الامر متعلق  بالزمن ، بقدر ما هو متعلق بجوهره  “الانا “– تلك الانا  المتعالية على الجديد، تجعل من الجديد ذاته حاضراً  جاحداً على ماضي  حاقد،لتدور تلك المعركة الطاحنة التيتأخذ اشكالاً متعددة  والتي  ينتصر غالباً  الفساد  فيها و الذي يولد من رحم إعمال النكاية كوسيلة، وذلك مايفسر استنزافنا  الافكار والتحليلات والخطط ولكن دونما نتيجة ايجابية  بينما يزداد ما ندعي مقتهاتساعاً  من فساد وتردي الاوضاع  ،

 ليس من الحكمة تأجيلمواجهة انفسنا  فكل محاولات التأجيل  هروب جماعي واجتماعي نحو التيه ،  فالعجز  المستمر  دليل علىخلل كبير في الحركة الاجتماعية  قبل ان يكون  تلك الاسباب المعلنة ،  فعادة العجز المستمر مايكون محمي اجتماعياً -لذى الاصلاح الاجتماعي بات اولوية قصوى وعلينا الاعتراف بعدم ملائمة افكار الامس مع وضعنا ،وليكن اصلاح و الياتههو محل التفكير والبحث ،قبل الحديث عن أي تنمية او أي امن  ، فلا امن  ولا تنمية  لمن لا يعرف ذاته ؟

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :