كشفت تحقيقات شبكة CNN عن أدلّة تشير إلى أن الجيش الإسرائيلي قام بدفن جثث فلسطينيين في قبور ضحلة أو تركها للتحلل في العراء قرب معبر زيكيم شمال غزة خلال صيف 2025، في الوقت الذي كان فيه آلاف الفلسطينيين يحاولون الوصول إلى شاحنات المساعدات بحثًا عن الدقيق والطعام.
أحد الضحايا هو الشاب عمار وادي الذي خرج في يونيو/ حزيران 2025 لجلب كيس دقيق بعد موجة جوع خانقة، وترك رسالة وداع على هاتفه لأمه. اختفى وادي قرب المعبر، ولا تزال عائلته بلا إجابات بعد ستة أشهر.
ويستند تحقيق CNN إلى مئات المقاطع المصوّرة وصور الأقمار الصناعية وشهادات شهود عيان وسائقي شاحنات المساعدات، إضافة إلى مقابلات مع جنود إسرائيليين سابقين تحدّثوا عن دفن جثث في مواقع مختلفة من القطاع.
إطلاق نار كثيف على طالبي المساعدات
تُظهر فيديوهات حدّدتها CNN جغرافيًا أن فلسطينيين كانوا يفرّون حاملين أكياس الدقيق تحت نيران إسرائيلية مباشرة. وأكد تحليل صوتي أجراه خبير مستقل أن مصدر الطلقات يقع على مسافة تتطابق مع مواقع الجيش الإسرائيلي.
وأكد شهود وسائقون أن العشرات سقطوا قتلى قرب المعبر، فيما بقيت الجثث أيامًا في العراء قبل أن تتمكن فرق الدفاع المدني من انتشال بعضها. وأفاد سائقو مساعدات بأنهم شاهدوا جرافات إسرائيلية تدفن الجثث أو تغطيها بالرمال.
صور الأقمار الصناعية
بينت صور الأقمار الصناعية وجودًا متواصلاً للجرافات الإسرائيلية في المنطقة بين يونيو وسبتمبر، وظهور نشاط تجريف في المواقع ذاتها التي تجمع فيها الفلسطينيون للحصول على المساعدات.
شهادات جنود إسرائيليين سابقين
قدّم جنود سابقون شهادات صادمة لشبكة CNN ولمنظمة “كسر الصمت”، وأكدوا أن وحداتهم دفنت جثث فلسطينيين في قبور غير مميزة خلال العمليات، دون تصويرها أو توثيق مواقعها، ما يجعل التعرف على المفقودين شبه مستحيل.
وأكد أحدهم أنه شاهد جرافات من نوع D9 تدفن جثثًا قرب موقعه، بينما تنهش الكلاب بعضها، وأنه لم تُعطَ الوحدات أي تعليمات رسمية حول كيفية التعامل مع الجثث.
ردّ الجيش الإسرائيلي
نفى الجيش الإسرائيلي استخدام الجرافات “لنقل” الجثث، لكنه لم ينف صراحة استخدامها في دفنها، وقال إن وجود الجرافات “روتيني” لأسباب عملياتية.
كما أكد أنه “لا يستهدف المدنيين عمدًا”، وأن إطلاق النار يتم “لتحييد التهديد”.
انتهاكات محتملة للقانون الدولي
قالت جانينا ديل، المديرة المشاركة لمعهد أكسفورد للأخلاقيات والقانون والصراع المسلح، إن دفن الجثث بطريقة تمنع التعرف عليها أو تشويهها يمكن أن يرقى إلى جريمة حرب بموجب اتفاقيات جنيف.
حالة اختفاء واسعة النطاق
يشبّه سائقو المساعدات ما يجري في المنطقة بـ“مثلث برمودا”، حيث يختفي الأشخاص دون أثر. ولا تزال عائلات المفقودين، مثل عائلة عمار وادي، بين اليأس والأمل في معرفة مصير أبنائها، أحياءً كانوا أم قتلى.
—
المصدر:
CNN – تحقيق استقصائي موسّع شارك في إعداده:
عبير سلمان، يحيى أبو غزالة، جيريمي دايموند، توماس بوردو، جيانلوكا ميزوفيوري، لو روبنسون، باربرا أرفانيتيديس، إد أبرايت، أوسكار فيذرستون، مارك بارون، أليكس بلات، إضافة إلى مساهمة طارق الحلو ومحمد الصوالحي.














