مختار الورغمي
” رأيت على البحر إبريل
قلت: نسيت انتباه يديك
نسيت التراتيل فوق جروحي
فكم مرة تستطيعين أن تولدي في مناي ” …………درويش العظيم
على مهل قدم ليل أغسطس وزين أرجاء المدينة …في السماء قمر ضاحك يؤنس العاشقين وقد انتشروا في شوارع غصت بالعابرين كل إلى شأن يقضيه.
تركت امرأة الأربعين بكامل مشمشها حتى غار قمر المدينة وصار يعاكسها. تركت خلفها قطار العمر مشغولا بحساب الجمع والطرح وتخيرت للفرح فستانا يليق بفتنتها.
ارتدت لون الحياة ولوحت بيديها للقطار تودعه ومع الوداع قبلة وضحكة ساخرة من الواقفين في محطة العمر ينتظرن غدا قد لا يأت …سارت الهوينى تحرسها طيور الكروان وتغني لها مواويل الحب فتراها تمشي كأنها راقصة باليه وأحيانا لا تفهم سر رشاقتها وكلما ظننت أنك فهمت تاهت في ثنايا عطرها مراكبك فنصف جمالها غموضها.
دخلت حفلا كانت تقصده …خفتت أنوار الحفل دون سابق إعلام فسطع من خدها نور لا يعلم سره سوى من صورها …على خدها حمرة خجل تتمناها الصبايا وجدائلها تكتب بعض المواويل العاشقة …صباحها فاكهة للأغاني وهذا المساء ذهب وهي تحتفل بكل المساءات حين تضع في الشرفة قهوتها وتسافر في دروب كتاب تحتضن لحظتها …كانت نجمة شاردة وسط لوحة لا تشبهها ولكنها ملزمة بالبقاء.
كمريم العذراء انتبذت مكانا قصيا وكان بريق عينيها يستمتع ببعض الذين مثلها يحبون الحياة …تقدم نحوها ” القرسون” …لم يقدم لها نبيذا بل عصيرا ولكنه كان سكرانا بضوئها …لحظة أفسدت اللوحة فقد غار البلور من صفائها وسكب عليها من حمولته ما تيسر …تطهرت ببعض الماء لتصبح عروس بحر غادرت للتو اليم …لم تلتفت كالنسوة “لمكياجها “فالجمال لا يحتاج مساحيق وواصلت رحلتها …حين حجز القمر مكانه في المنتصف رافقها حارسا وكانت تغني ” على هذه الأرض ما يستحق الحياة”