أ :: شكري السنكي
مسلسل «المَلِك إدْريْس السّنُوسي» قريباً على الشاشات التلفزيون يستعد الفنّان السوري الكبير جمال سُليْمان، الّذِي قدَّم الكثير مِن الأعمال الدراميّة وحققت أعماله الفنّيّة الّتي جسّد فيها عدد مِن الشخصيّات التاريخيّة نجاحاً لافتاً وحضوراً قويّاً، لتجسيد دور أوَّل ملوك ليبَيا بعْد الاستقلال، إدْريْس السّنُوسي، قائد حرب التَّحرير والأمير والمَلِك والأب المُؤسس لدولة ليبَيا الحديثة.
أعلن سُليْمان فِي حوار أجرته معه جريدة «الشرق الأوسط»، فِي عددها رقم: «15362» الصّادر يوم 19 ديسمبر 2020م، أنه مغرم بتجسيد الشخصيات التاريخية، وكشف عن استعداداته لتصوير مسلسل يجسد مِن خلاله شخصيّة المَلِك الِلّيبيّ إدْريْس السّنُوسي، أوَّل مَلِك لليبَيا بعد الاستقلال. كتب مسلسل «إدْريْس السّنُوسي» الكاتب فاضل عفاش، وسيخرجه المُخرج الكبير إلياس بكار، وسيتم تصويره فِي تونس، وفقاً لما صرح به جمال سُليْمان لصحيفة الشرق الأوسط، قد استطرد سُليْمان للصحيفة قائلاً: «يتناول مسلسل إدْريْس فترة حكم المَلِك إدْريْس السّنُوسي الّتي شهدت صراعاً شعبياً للتحرر مِن الاستعمار الإيطالي، والعمل يتعرض لتلك الحقبة بما فيها مِن صراعات استعماريّة، وهُو أمر مهم، ليس فقط لأنه يلقي الضّوء على التاريخ، لكن لأنه أيْضاً يشبه الوضع الرَّاهن فِي العالم العربي، فرغم التَّحرر الّذِي حققته الشعوب العربيّة، لكن لا يزال محاطاً بصراع المصالح الدّوليّة لبسط النفوذ عليه، هذا ليس جديداً فنحن نعيشه منذ قرون، وكمَا يقول ماركس إنَّ التاريخ يعيد نفسه بأشكال أخرى، بينما يقول هيغل إنّه يعيد نفسه، تارةً بشكل تراجيدي، وتارة أخرى بشكل كوميدي، غير أنني أراه الآن صراعاً تراجيدياً للغايّة، فالوضع صعب جدَّاً ومأساوي فِي كلِّ مِن سوريا وليبيا والعراق ولبنان، ولسنا متأكدين مِن الاحتمالات القادمة، وأصبح الخطر وجودياً بلِّ مَا تحمله مِن معنى».
وعَن استعداده لأداء شخصيّة إدْريْس السّنُوسي وكيفية تعامله كممثل مع الشخصيّات التاريخيّة، أكد سُليْمان لصحيفة الشرق الأوسط، أنه يري: «تجسيد الشخصيّات التاريخيّة لا يعني تقليدها، بل تجسيد روحها، لأن الجمهور يدرك أن هذا ممثل يجسّد الشخصيّة، فنحن نشاهد أنتوني هوبكنز يؤدي شخصيّة الرئيس الأميركي نيكسون أو الفنّان بيكاسو، ولم يحاول تقليدهما، وكذلك ميريل ستريب حينما جسّدت شخصيّة رئيسة الوزراء البريطانيّة مارغريت تاتشر، اقتربت مِن روحها، فالمعيار فِي هذه الحالة هُو أن ننفذ لروح الشخصيّة لنعرف كيف تفكر، وكيف تتخذ قراراتها، وهذا يبدأ بِالكتابةِ، ثم يلتقطه الممثل والمخرج ليقدمانه بِشكلِ مدروس، ومهما كان السيناريو رائعاً ومليئاً بالتفاصيل، ومهما كان دقيقاً تاريخيّاً، يظل فِي النهاية كلاماً على ورق، لابُدَّ أن يتحول إِلى لحم ودم على يد الممثل الّذِي يجب أن يقوم بالبحث الكافي والوافي عَن الشخصيّة، ويبدأ فِي تمثيلها والتعايش معها، وحين جسدتُ شخصية صلاح الدَّين الأيوبي ظللت أقرأ لمدة عام كل مَا كُتب عنه سواء معه أو ضدَّه.. السّنُوسي أيْضاً هناك كتابات معه وأخرى ضدَّه لابُدَّ أن أقرأها، فأنا أستمتع بأداء الشخصيّات التاريخيّة وأستمتع بفترة البحث عنها، وعلى سبيل المثال فِي مسلسل (صقر قريش) وجدت معنى أن يفقد الإنْسَان إحدى عينيه فِي سن متأخرة كمَا حدث مع عبدالرَّحمن الداخل، وانعكاس ذلك عليه ومشاعر الريبة والشكّ الّتي أحاطته وبالتالي قراراته كانت حاسمة جدَّاً، وخلال بحثي فِي شخصيّة إدْريْس السّنُوسي وجدت تقاطعاً بينه وبين صلاح الدَّين، فِي جزئية التصوف، كمَا كان لديهما جانب مِن التسامح الّذِي يتناقض مع شخصيّة صلاح الدَّين العسكريّة، ووجدته بنسبة أكبر عند السّنُوسي، فالتربيّة الصوفيّة الّتي تلقاها جعلته يتراجع عَن قيادة المعركة ويتركها لعمر المختار». وأكد سُليْمان في نهايه حواره مع صحيفة الشرق الأوسط، أنه لا يقبل بتاتاً أن تتعارض اختياراته مع قناعاته، معبراً عَن ذلك بقوله: «لم تختلف طريقة اختياراتي منذ دخلت مهنة التمثيل حتَّى الآن، فمع كلِّ عمل جديد أتساءل: ماذا سنقول للنَّاس؟ وأجد نفسي مسؤولاً عمّا يقوله العمل، مثلي مثل المُؤلف والمُخرج، فأنا لم أقدم عملاً يقول شيئاً مختلفاً عَن قناعاتي».