حرب أمريكية منتظرة في أراضي النيجر؟؟

حرب أمريكية منتظرة في أراضي النيجر؟؟

طبول الحرب يدقها جمهوريون وديمقراطيون وتجار حروب في الساحل الأفريقي..

لماذا على الليبيين أن يرتعبوا من سيناريوهات مظلمة تنتظر الجنوب؟ ولماذا عليهم بالمسارعة لإنقاذ وحدة البلد قبل أن يمزقها النزاع المنتظر؟ وما الدور الذي يمكن للجزائر أن تلعبه؟ وماذا يريد منها الأمريكيون بالضبط؟

فيما يعتبر هزات ارتدادية لحادثة مقتل جنود أمريكيين في النيجر، تشهد الساحة الأمريكية سواء في مجتمعها الإعلامي أو في أروقة الكونجرس أو البيت الأبيض اهتماما متصاعدا بحقيقة التواجد الأمريكي بأفريقيا، وبحقيقة نشاط القوات الأمريكية بمناطق النزاع في القارة السمراء..

الصحف الرئيسية حتى المعروفة بنهجها المحافظ، وبانحيازها للحزب الجمهوري ومنها نيويورك تايمز، صعّدت موجة انتقادها لأداء ادارة ترامب في ما يتعلق بأزمة حادثة مقتل الجنود.. والملاحظون ما يزالون مرتبكين في فهم الحديث عن حرب أمريكية جديدة بمنطقة الساحل وتحديدا بأراضي النيجر؟؟

هل الأمر يتعلق بتسريبات مؤكدة صادرة عن أوساط البنتاجون عن نوايا أمريكية بالتدخل؟

أم أن إدارة ترامب هي التي تريد نشر التسريبات لتخفيف الضغوط عنها وتحريك الرأي العام المناهض للحروب كي يواجه منتقديها نيابة عنها؟

أم أن الخصوم وهُم بالمناسبة جمهوريون وديمقراطيون منهم أعضاء بالكونجرس ومنهم تكنوقراط ومنهم أمنيين ومحللين إعلاميين، يسعون إلى دفع ترامب وحكومته إلى اتخاذ الخطوة المتهورة وهي شن حرب في منطقة خطيرة مهما كان نطاقها.. محدودة كانت أم واسعة ؟؟

ما يهمنا في هذا الموضوع الذي يتحول تدريجيا إلى قضية الساعة في مركز صناعة القرار الأمريكي هو ما نشر خلال الأيام الماضية حول رفض الجزائر تنفيذ تدخل في ليبيا.. وبصرف النظر عن الغرض من تسريب هذه المعلومة إلى الصحافة، وهوية الجهة التي قامت بتسريبها.. فإن تزامنها مع ما يجري حول البيت الأبيض يعتبر أمرا خطيرا للغاية بالنسبة لبلدنا.. لأن مجرد الربط بين ما حدث في النيجر ومشروع التدخل في الأراضي الليبية “الذي رفضته الجزائر” لن ينتهي بهذا الرفض.. وما دام الأمريكيون قد عقدوا العزم عليه وحاولوا إكراه الجزائر على تنفيذه، فإن رفضها سيجعلهم يبحثون عن طرف إقليمي آخر ليقوم بالمهمة.. وسواء كان هذا الطرف من الجوار الأوروبي أو العربي، فإن مجرد الربط بين الساحة الليبية والساحة النيجرية، والتشادية بالتالي، ومن ثمة المالية والنيجيرية، سيجعل الأمر سيكون مفتوحا على احتمالات أقلها تحويل منطقة الجنوب الليبي أو الجنوب الغربي تحديدا إلى قاعدة عمليات أو منطلق لعمليات عسكرية جوية وبرية.. وهو ما يعني بالضرورة إمكانية وضع الجنوب تحت تدابير معينة أو عزله مؤقتا أو فرض أي واقع يضمن “حسن سير” المهام المتوقع إسنادها لأية قوات أمريكية، أو قوات أمريكية بريطانية مشتركة يمكن نشرها بالمنطقة..

صحيح أن تسخين الأجواء في الولايات المتحدة بشأن حادثة النيجر يمكن أن يكون استباقا من الأمريكيين لاتفاق عسكري روسي مع نيامي سيجري توقيعه الأيام القليلة المقبلة، كما أشارت إلى ذلك نيويورك تايمز، لكن الموضوع من الناحية الإستراتيجية مرعب ومخيف فيما يتعلق بوحدة ليبيا، وبالمدى الزمني والمكاني للعملية المرتقبة والتي تبدو وشيكة قياسا إلى الحشد الجاري بواشنطن والضغط الذي تمارسه كثير من الجهات النافذة لدفع ترامب إلى عمل عسكري في منطقة هشة، ضعيفة الجيوش، وخالية من الأعداء الأقوياء.. هذه المواجهة التي تبدو مضمونة إلى حدّ ما، قد تجعل الرئيس ترامب يطبق سُنّة الرؤساء الأمريكيين الذين سبقوه حتى يشنّ حرباً خاصة به، لعلّه يستطيع استرداد شعبيته ويكسب ودّ أباطرة الصناعة العسكرية ولوبيات الحروب، بعد أن أدرك صعوبة الدخول في مواجهة واسعة النطاق مع كوريا الشمالية، وضعف حجّته في مواجهة إيران واعتراض الشركاء الأوروبيين على نقض الاتفاق النووي معها، وكِلاَ الخصمان الآسيويّان يمتلكان قدرات يمكنها أن تعصف بعرش الرئيس العجوز الباحث عن مجد ينقذ مدّته الرئاسية المرتبكة.. فطهران تمسك بمعظم الأوراق المؤثرة في العراق، وفي سوريا، وبيونغ يانغ بوسعها تدمير الحليفين المقرّبين للأمريكيين في طوكيو وسيول..

المخاطر بالنسبة إلى ليبيا جدية تماما، لكن هل يمكنها إيقاظ الليبيين؟ وهل يمكنها تحريك ضمائرهم وخشيتهم على وحدة بلدهم؟ خصوصا وأن هناك أرضية ملائمة لأجندات التقسيم والتفتين المعهودة في التدخلات الأمريكية، وأعني التناقضات العرقية والاثنية بين المكونات الكبرى بالجنوب والغرب.. وللحديث بقية.

*محمد الامين – ایوان لیبیا

 

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :