تقرير : بية فتحي
التشويه والعنف باحتفالات التخرج ظاهرة تقلق الليبيين
– البحث عن حلول فعالة للحفاظ على سلامة الطلاب الجامعيين
– ظاهرة الشغب في بحوث التخرج تهدد أمان الطلاب والهياكل الأكاديمية
– كل من سبب ضررا للغير وجب عليه التعويض
من المعلوم أن مرحلة التخرج واحدة من أهم مراحل حياة الطلاب الجامعيين، حيث يعملون بجد ومثابرة لتحقيق نجاحهم الأكاديمي والاحترافي ،إلاّ أن هذه العملية ليست بعيدة عن أعين المشاكل والتحديات التي تواجهها المجتمعات اليوم، ومن بين تلك التحديات تأتي ظاهرة التشويه والضرب والتعنيف ، وعمليات الشغب وإطلاق النار
حيث باتت هذه الظاهرة تنتشر بشكل مقلق بين طلاب الجامعات ، وأصبحت تؤثر على حياة الأفراد والمجتمعات بشكل سلبي وتهدد السلم الاجتماعي فيتعرض عدد من الطلاب للاعتداء اللفظي والجسدي أثناء قيامهم بأبحاثهم وتوديع مسيرتهم الدراسية ، بالتشويه الشخصي والضرب ، وبالتالي يجد الخريج نفسه ، خارج البروتوكولات الأكاديمية.
من هنا، يتعين علينا تسليط الضوء على هذه الظاهرة وفهم أسبابها وتأثيراتها، والعمل على إيجاد حلول فعالة لمواجهتها.
أوضح المواطن محمد علي المهدي، والد الطفل أيوب، الذي توفي جراء سقوط قاذف من نوع “آر بي جي” خلال استقبال خريجي الكلية العسكرية واحتفالهم بتخرجهم في 19 أغسطس 2022 بواسطة مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والخفيفة ، إن الطفل المتوفى كان يلعب في فناء منزل الجيران بمنطقة الجديد، حيث سقطت القذيفة مما أدى إلى إصابة الأطفال المتواجدين وسقوط أيوب ضحية التهور .
و أكد محمد ، أن الجهات الأمنية لم تقم بدورها بشكل كامل في التحقيق في الحادثة ومحاسبة المذنبين، حيث تم فتح محضر والتواصل مع النيابة والمنطقة العسكرية وتمت معاينة الموقع وإحالته لخبير المتفجرات، لكن لم يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة وظل الأمر مجرد وعود دون محاسبة المجرم ، ولم يتم تكليف فريق لمتابعة القضية.
وأضاف أنه تم إعداد مذكرة من قبله وتقديمها للنائب العام ، وبدوره تم إحالتها إلى الجهات المختصة.
وأفاد بأنه على الرغم من قيام البحث الجنائي ومديرية أمن سبها بدور كبير وتوصلهم إلى بعض التفاصيل المهمة في القضية، إلا أنه لم يتم الفصل فيها حتى الآن.
وطالب جميع الحضور خلال الاحتفالات بتقديم معلوماتهم للكشف عن الشخص الذي قام بإطلاق القذيفة وكل من كان يحمل سلاحًا في ذلك الوقت.
بالإضافة إلى استدعاء خريجي الكلية الذين تم استقبالهم للتحقيق معهم، خاصة بعد معرفة أسمائهم من قبل الكلية العسكرية.
وناشد الجهات الأمنية والقضاء ، بمعاقبة الجاني وتقديمه للعدالة وتنفيذ العقاب ليكون عبرة للآخرين.
وأفاد بأنه وفقًا لمعلومات من شهود العيان، كانت هناك مركبة آلية من نوع “لانسر” مظلمة، وكان السائق يحمل قاذفا تمت رؤيته عبر زجاج المركبة ، ولم تبذل الجهات الأمنية مجهودًا للوصول إلى المركبة، ولم يتم الحصول على إذن من النيابة العامة في ذلك الوقت لمراجعة كاميرات المراقبة، ولم يتمكن من الحصول على تسجيلات بشكل شخصي بحجج واهية.
واستغرب سبب كل هذا الغموض وعدم ورود تفاصيل وحقائق القضية موضحة بشكل كاف.
أما المواطن محمد أحمودة، فقد أفاد بأن مركبته الآلية تعرضت للتدمير أثناء ركنها بالقرب من الساحة التي شهدت أعمال شغب من قبل جمع من الشباب ، معبرا عن حزنه العميق تجاه هذا التصرف الذي يدمي قلبه من احتفالات هؤلاء الشباب بتخرج زملائهم وحصولهم على الشهادات العليا، عن طريق التخريب والسب والضرب وتدمير ممتلكات المواطنين وممتلكات الدولة.
و طالب أحمودة جامعة سبها بضرورة إصدار قرارات تمنع الاحتفالات العشوائية، وحثّ دوريات المرور على ضبط أي مجموعة تحاول إثارة الشغب والاعتداء على الخريجين.
وتضيف أماني الحضيري ،تشكل هذه الأعمال العنيفة تهديدًا خطيرًا لأمان الطلاب والهياكل الأكاديمية، وتتسبب في إحداث جراح عميقة في النفوس والجسد.
يقول عبدالله بن يوسف، طالب ماجستير بجامعة سبها، إن الظاهرة الدخيلة التي يشهدها المجتمع ولا تمت للتقدم بصلة ، أصبحت رمزًا وأيقونة لكل مشروع تخرج ، فيجد الخريج نفسه في حالة تشويه وتلطيخ بواسطة مواد سامة مثل زيت المحركات المستهلك وحبر المطابع، بالإضافة إلى الضرب العنيف وتشويه المباني والحرم الجامعي بمواد صعبة الإزالة.
وطالب بن بوسف بمعالجة هذه الظواهر ومواجهتها بالردع القانوني ، مؤكدا على ضرورة رفع مستوى التوعية بشأنها، وتكثيف المحاضرات التوعوية حول هذه الظاهرة وغيرها من الظواهر السلبية .
أضاف معلم اللغة العربية أرحومة أبوخزام ، أن مشكلة احتفالات التخرج المزعجة للمجتمع باتت رمزا غير حضاري ولا أخلاقي اعتمده الشباب في تعبيره عن الفرحة ، وطالب أبوخزام بضرورة اتخاذ الإجراءات الحازمة للحد من هذه الآفة ، و فرض عقوبات رادعة على المخالفين، حيث يتم حجب نتيجة البحث عنهم، وفرض غرامات مالية تناسب طبيعة المخالفة، وتحتم عليهم المسؤولية القانونية لأي ضرر يحدث نتيجة لأفعالهم اللاحضارية خلال الاحتفالات بالتخرج.
واقترح ، أن يتم توقيع الطلاب على تعهد بالامتناع عن المشاركة في أي نشاط يتضمن هذه الأعمال غير المقبولة.
وطالب الجامعة بتنظيم حملة توعية للطلاب وأولياء الأمور حول آثار هذه الممارسات الضارة وغير اللائقة، وتعزيز الوعي بأهمية الاحتفال بتخرج الطلاب بطرق تتلاءم مع قيم وثقافة المجتمع.
يقول الناشط عمر بن خيلب، “في الماضي، كنت أشارك في عمليات الشغب أثناء احتفالاتنا بتخرج الطلاب إلا أنه تفاجأ بعد انتهاء الاحتفال بإصابة عين صديقه الخريج الذي تعرض لتشويه بزيت المركبات الآلية ومواد خطيرة أخرى ، وبعد عدة أيام، فقد الخريج إحدى عينيه بسبب تلك المادة.”
مشيرا إلى أنه منذ ذلك اليوم، لم يشارك في أي شكل من أشكال هذه الظاهرة الخطيرة .
وحذر بن خيلب جميع الشباب من ممارسة مثل هذه الأفعال وأن يبتعدوا عنها، وأن يستبدلوها بوسائل حضارية تليق بالإنجازات التي حققها الطلاب.
أما أسامه الشريف ، برر تلك الأفعال أنها عادية نابعة من الفرحة وروح الشباب ولا تعتبر تخريبا وتدميرا.
بينما تقول هناء بشر ، إن هذه الأفعال ليست عادية ولا يمكن تبريرها بأنها مجرد تعبير عن الفرح فعمليات الشغب والتخريب تسبب أذى جسيمًا وتدميرًا للممتلكات العامة والخاصة ، معتبرة ذلك عملًا غير مسؤول ومخالف للأخلاق والقوانين.”
وأشارت إلى أنه يمكن الاحتفاء بطرق إيجابية وحضارية، من خلال الاحتفالات الآمنة والمبادرات الإبداعية التي تعكس قيمنا الإيجابية وتساهم في تعزيز المجتمع.
فيما يخص الرأي القانوني ، أفاد المستشار عقيلة محجوب ، أن المادة 467 من قانون العقوبات تنص أنه كل من خالف أمر مشروع أصدرته السلطات حفظا للعدالة أو السلامة العامة ، أو النظام أو الصحة يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز شهرا أو بغرامة مالية ، بالاضافة إلى أن المادة رقم 471 من قانون العقوبات المتعلق بالجنح والمخالفات ، كل من حصل منه لفظ أو ضحيج أو إساءة أو استعمال أي وسيلة من وسائل نقل الصوت أو الصورة ، أو أي عمليات شغب يعاقب بالحبس ، ونصت المادة 472 كل من تسبب في مضايقة الغير أو إقلاقه في محل عام يعاقب بالحبس .
وأشار المحجوب أن المظاهر التي تحدث في حفلات التخرج قد تسبب أذى وخاصة عند ضرب الخريج وتوبيخه وبالتالي نصت المادة 379 من قانون العقوبات ، كل من أحدت أذى أدى إلى مرض يعاقب بالحبس ، أما المادة 380 تكلمت عن الإيذاء الجسيم فإن فاعلها يعاقب بالحبس لمدة لا تزيد عن عاميّن ، وإن تسبب صب الزيت على الخريج بالعمى فإن القصد الجنائي متوفر وبالتالي يعاقب بالسجن .
وأوضح المستشار ماتنصه المادة 383 ، أن القصد بالضرب دون أن يلحق به أدى ، إذا كان الإيذاء بسيطا تخفف العقوبة ، وإذا كان جسيما يخفف إلى النصف ، وإذا كان خطيرا تخفف إلى النصف مع ضرورة عدم وجود النزعة الإجرامية .
وتابع ، نصت المادة 166 من القانون الليبي ، أنه كل من سبب ضررا للغير وجب عليه التعويض.
ومن جهته أوضح الدكتور بجامعة سبها محمد أوحيده ، أن في أواخر عام 2020 أصدر وزير التعليم قرارا بمنع الاحتفالات الصاخبة ، وحضور الأهل للمناقشات ، اقتصاراً على تسليم مضمون البحث للجنة المشرفة ، وفي عام 2021 أقر مجلس الجامعة اعتماد القرار وتم تنفيذه.
وأشار أوحيدة ، أنه تم تخصيص يوم في السنة للاحتفاء بالخريجين بحفل رسمي من الجامعة.
وأكد أوحيدة ، أنه لم يحدث أي اختراق بجامعة سبها منذ صدور القرار ، و أن مايحدث من تجاوزات ومظاهر الاحتفالات تحدث خارج أسوار الجامعة من قبل الخريجين.