خاص :: فسانيا
حزن الندى واكتئاب المسرات
أقام منتدى المناضل بشير السعداوي الثقافي مساء أمس السبت 17 يونيو، في أمسيته السابعة والعشرين، حفل تأبين للشاعر الدبلوماسي الراحل “محمد الفقيه صالح”، في مقره الرسمي بمدينة طرابلس.
بدأ الحفل بكلمة من رئيس مجلس إدارة المنتدى القاص عبدالرحمن جماعة قال فيها ” حين شرعنا في إقامة هذا الحفل التأبيني للشاعر محمد الفقيه صالح طاردني السؤال: هل يصح أن يقام تأبين لشاعر؟
أليس الشاعر قد كتب اسمه في صفحات الخلود منذ أول قصيدة اقترحها على الكون؟
أليس الشعراء منذ أقدم العصور لا يزالون يعيشون بيننا؟
أليسوا هم من يصوغون آمالنا وأحلامنا، ويترجمون مشاعرنا ويعبرون عن أحاسيسنا ويدونون تاريخنا.
أليس الشعراء هم الشهود العدول على كل جيل أمام الأجيال التي تليه؟
إذن.. فكيف يموتون؟
صحيح أن أجسادهم تفارقنا، وأرواحهم ترتقي إلى بارئها لكن ما يبقى منهم لا يمكن أن يطاله الفناء أو يتآكل مع الزمن.
فهل يصح القول بموت من بقي صوته، وعاشت كلماته وخلدت حروفه؟
ولهذا.. فإن حفل التأبين لا يهدف على إعلان الحداد أو تلقي التعازي، بل هو مناسبة للافتخار بأعمدة هذا الوطن التي لا تهوى، وتمجيداً لأركانه التي لا تسقط حتى أمام الموت، وتكريماً لجذوره التي لا ينضب عطاؤها حتى وإن غابت في باطن الأرض.
إن الموت الذي غيب جسد فقيدنا لا يُمكنه أن يطاله في قلوب الآخرين نبضاً وحباً، ولا يقدر أن ينتزع كلماته من سماء الوجود، ولا يتجرأ أن يتعدى على صوته الناطق بالحب.
أيها السيدات والسادة..
إننا في منتدى المناضل بشير السعداوي لا نسعى من وراء إقامة هذا الحفل التأبيني للشاعر محمد الفقيه صالح إلى الشهرة وإظهار أنفسنا والدعاية لمنتدانا كما وصفنا أحدهم.
وحتى لو أردنا ذلك، فما العيب فيه؟
أليس من أراد أن يظهر نفسه أن يعتلي جبلاً؟
وأي جبل أعلى من شاعر فذ، وأشمخ من دبلو
ماسي شهد له القريب والبعيد بنظافة اليد وصدق السريرة وحسن المعاشرة؟
لكننا في الحقيقة لم نرم إلى ذلك ولم نقصده، بل كل ما أردناه هو أن نقدم لمسة وفاء لرجل أعطى دون أن ينتظر مقابلاً لعطائه، وبادرة حسنى في الوقت الذي تنشغل فيه الجهات المعنية بأسوأ ما يمكن الانشغال به”.
وعبر سيرة ذاتية مختصرة تحدث السيد أحمد الفقيه صالح شقيق الراحل وذكريات أفاضت دموعه ودموع الحاضرين، تلا ذلك ورقة قدمها الأستاذ يونس الفنادي بعنوان “هل للظل قصائد” في قراءة لديوان الشاعر الراحل “قصائد الظل”.
وفي حديث ودي قدم الأستاذ ابراهيم حميدان قراءة في التجربة الشعرية للشاعر الراحل، بعنوان “حزن الندى واكتئاب المسرات” مع قراءة مقتطفات من قصائده، وتبقى الأمسية في الأجواء الودية بورقة من الأستاذ عمار جحيدر بدأها بأبيات كتبها حين علم برحيل الشاعر:
غبت عنا شعلة من قبس
يا دفين الشعر باﻻندلس
لم يكن عمرك إﻻ حلما
بالثقافي العميق السلس
تلك عشر في لظى السجن
غدت مثلها تهفو إلى اﻷندلس
ثم قدم الدراسة التي شملت احصائية عن حياة الفقيد وأعماله، أما صديق الراحل الأستاذ رضا بم موسى فقد اختار أن يتحدث عن حياة الشاعر وأعماله وأصدقائه والمبدعين من جيله مع قراءة مقتطفات من قصائد الشاعر الراحل، فيما اختار الأستاذ اسماعيل البوعيشي توديع الشاعر بقراءة بعض قصائده التي يحفظها غيباً، ذاكراً أن الشاعر الراحل من أكثر الشعراء تأثيراً بشخصه.
قدمت الأمسية الكاتبة والصحفية ليلى المغربي، بحضور لفيف من الأدباء والشعراء والمهتمين بالشأن الثقافي، وختمت الأمسية بإعلان ” في أربعينية الفقيد الشاعر الراحل محمد الفقيه صالح، سينظم المجلس الأعلى للثقافة في مدينة القاهرة، احتفالية بإنتاج الراحل الأدبي والشعري والفكري بتاريخ 17 يوليو 2017 ، والدعوة عامة لتقديم كتابات ودراسات ومساهمات ستنشر في كتاب خاص.